نشأت فى عروس البحر الابيض المتوسط بين الطبيعة الخلابه وفتحت عيناى على سحر وجمال هذه المدينة ، ولا سيما الخضرة والزرع في مزرعة أبي التي كنت اذهب اليه اسبوعيا وهكذا تعودت عيناي على اللون الاخضر والهدوء والنظام في الإسكندرية. ولا أنسى أبدا حبى وعشقى الأكبر لصديقى الوفى بحر الاسكندرية الذى كنت أبوح له بأسرارى وأتوه وأسرح بين أمواجه، عندما أجلس أمامه. المعتاد عندما يذهب شخص الى شاطئ البحر أن يرتدي ملابس البحر حتى يستمتع بمياهه الزرقاء ، الا أنا كنت أستمتع بالنظر اليه والتأمل فى جماله وتناسق لونه الأزرق مع لون السماء مكونا لوحة جميلة ، ثم يعود نظرى اليه ليستكمل سرد أسرارى معه حتى فى محاضراتى بمدرج كلية الآداب وكان يطل على البحر فقد كنت أقضى وقت المحاضرة مستغرقة فى النظر الى هذا المعشوق الذى استطاع أن يخطف عيناى حتى لو كنت فى الامتحان بذات المدرج كنت انظر له حتى استكمل امتحانى واشعر كأننى اتنفس هواء هذا البحر وليس الهواء الذى يحيط بى . ظللت بجانب هذا المعشوق الى أن تخرجت وتغير مجرى حياتى وانتقلت الاسرة للقاهرة ولكن ظل البحر فى قلبى وعقلى وكنت احضر كل صور البحر واضعها على جهاز اللاب ولحنينى له ذهبت للاسكندرية وأصطحبت صديقتى فى الدراسة وكانت أقرب أصحابى سوسن عشماوى وأخذتها وذهبنا له وشعرت اننى احتضنه من شعورى بافتقادى له وكانه شخص يشعر بى ويشعر بحنينى اليه وأخذت فى النظر اليه واخذت اتحدث اليه ولا أنسى صديقتى سوسن التى لا أعرفها عنها شئيا الآن بسبب فقدان وسيلة الاتصال تقول لى أنتى نسيتى أننى معاكى وأنا صحبتك مش البحر وأخذنا نتمشى بطول الشاطئ من منطقة الإبراهيمية إلى منطقة القلعة ببحرى وهذه المسافة تبلغ حوالى 8 كيلومتر واستغرقت حوالى 5 ساعات ولم اشعر آنذاك بالملل من سعادتى من وجودى أمام هذا المعشوق ' ولكن للآسف لم تتكرر هذه الزيارة لهذه المحبوب لاننى فقدت اتصالى بسوسن والتى أتمنى أن تقودها الصدفه لقرأة هذا المقال حتى استطيع الوصول اليها مرة أخرى وتعود علاقتى معها ومع المحبوب ونكرر التجربة لان من يعشق البحر لا ينساه حتى لو فصل بينهما جبال ومحيطات . فالبحر لمن يعشقه كالإنسان الذى يتنفس الهواء وبدونه يموت . فالاسكنرانية عندما يخرجون من البحر يحيون كالمرضى الذين يتنفسون هواء صناعى فى العناية المركزه حتى يعيشون .هكذا يعيش الاسكندرانية، ومنهم أنا، بعيدا عن البحر . لمزيد من مقالات شادية يوسف