تمر علينا هذه الأيام ذكرى مولد النبى الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، الذى ينبغى أن تكون حياته وسيرته وخلقه دستورا ومنهجا ومرجعا للمسلمين جميعا فى حياتهم وأخلاقهم ومعاشهم اليوم، لكن للأسف الشديد تراجع المسلمون عن ذلك كثيرا ولم يتمسكوا بما تركه لهم الرسول الكريم من مثل وخلق رفيع واكتفوا بالقشور والمظاهر التى لاتغنى ولاتسمن وأصبحوا فى حال ينسب فيه ضعفهم وتراجعهم وتخلفهم فى الأغلب الأعم إلى الإسلام ذاته وهو برىء من ذلك. وأصبح المسلمون كما عبر عن ذلك بحق الداعية والمفكر الإسلامى المجدد الراحل الشيخ محمد الغزالى: "يعرفون من سيرة الرسول قشورا خفيفة لاتحرك القلوب ولاتستثير الهمم، وهم يعظمون النبى وصحابته عن تقليد موروث ومعرفة قليلة ويكتفون من هذا التعظيم بإجلال اللسان أو بما قلت مؤنته من عمل، ومعرفة سيرة الرسول على هذا النحو التافه تساوى الجهل بها، إنه من الظلم للحقيقة الكبيرة أن تتحول إلى أسطورة خارقة، ومن الظلم لفترة نابضة بالحياة والقوة أن تعرض فى أكفان الموتى، إن حياة محمد ليست بالنسبة للمسلم مسلاة شخص فارغ أو دراسة ناقد محايد، كلا كلا، إنها مصدر الأسوة الحسنة التى يقتفيها ومنبع الشريعة العظيمة التى يدين بها، فأى حيف فى عرض هذه السيرة وأى خلط فى سرد أحداثها إساءة بالغة إلى حقيقة الإيمان نفسه". ويضيف: "إن معرفة سيرة الرسول تقدم ماينمى الإيمان ويزكى الخلق ويلهب الكفاح ويغرى باعتناق الحق والوفاء له بما تضم من ثروة طائلة من الأمثلة الرائعة لهذا كله، وهى فى ظل تأخر المسلمين العاطفى والفكرى تحمل فى طياتها شحنة من صدق العاطفة وسلامة الفكر وجلال العمل.... إن محمد ليست قصة تتلى ولا التنويه به يكون فى الصلوات المخترعة التى قد تضم إلى الآذان ولا إكنان حبه بتأليف المدائح أو صياغة نعوت مستغربة، فرباط المسلم برسوله الكريم أقوى وأعمق من كل هذه الروابط، التى ماجنح المسلمون إليها فى الإبانة عن تعلقهم بنبيهم إلا يوم أن تركوا اللباب الملىء وأعياهم حمله فاكتفوا بالمظاهر والأشكال، ولما كانت هذه المظاهر والأشكال محدودة فى الإسلام فقد افتنوا فى اختلاق صور أخرى، ولا عليهم فهى لن تكلفهم جهدا ينكصون عنه، إن الجهد الذى يتطلب العزمات هو فى الاستمساك باللباب المهجور والعودة إلى جوهر الدين ذاته، وأن ينهض المرء إلى تقويم نفسه وإصلاح شأنه حتى يكون قريبا من الرسول محمد فى معاشه ومعاده وحربه وسلمه وعلمه وعمله وعاداته وعباداته، ألا ما أرخص الحب إذا كان كلاما وأغلاه عندما يكون قدوة وذماما". وقواعد الإسلام الكبرى التى جاء بها الرسول الكريم للمسلمين هى المحبة والإخاء والرحمة والعدل والإنسانية والمساوة والتسامح والحرية والكرامة والتقوى والصدق والاستقامة والتقدم والعلم والمعرفة والاستنارة والعمل والإتقان والإخلاص والتواضع وإقامة الحق ولو على النفس أو الأقربين، وقد جاء الإسلام ليحارب الظلم والطغيان والترهيب والضلال والبهتان والكذب والنفاق والرشوة والسرقة والقعود والكسل والتخلف والتبعية والمحاباة والتمييز والاحتكار والجشع..... فأين نحن اليوم من هذه المبادئ التى جاء بها الرسول، وحالنا وأخلاقنا وسلوكنا فى الأغلب الأعم تكاد تكون أكبر إهانة تلحق بالإسلام وبنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم. [email protected] المزيد من مقالات أسماء الحسينى