ظهر الشعب المصري متحضرا في احتفاء البعض بيوم 25 يناير احتراما لدماء الشهداء، واحتفال الآخر بالذكري الأولي للثورة المصرية المجيدة بأعداد أدهشت الجميع بالتحرير وميادينه في المحافظات دون احتكاك أو مشادات بين الطرفان، مما أعاد الذكري المجيدة بكل زخمها وعزمها وتصميمها علي إسقاط النظام البائد، ورغم أبواق الزاعقين وفزاعات الرعب والتحذير من "حمامات الدم في الميادين وحرق مصر" فكانت شهادة القاصي والداني من هول خروج الشعب بمختلف طوائفه بشكل سلمي وصورة حضارية تنبأ بأن هذا شعبا عظيما راغبا في الحرية والديمقراطية، طالبا استكمال ثورته وتسليم الحكم للمدنيين في أسرع وقت، وسط اندهاش عالمي عبر محطاته من هذه الأعداد البشرية الحاملة أعلام مصر بشعاراتها وأغانيها الوطنية وسلميتها دون وقوع أي مخالفات معلنين "أنه حقا شعبا عظيما ذو حضارة"، ولكن رغم نجاح "جمعة العزة والكرامة" إلا أنه يتعين برهة للتفكير والتجرد للخروج العادل لجميع الأطراف ودون الانشغال بالمغانم وتوزيع التورتة والتمييز بين ما هو مشروع وباطل وعام وشخصي وتوقيته وتأجيله والمحاسبة والتمهل والنخبة الثورية والقديمة المترهلة والطاعة العمياء والمتحفزة للديمقراطية والعدالة تحت راية واحدة "مصر أولا". ظهر مجلس الشعب في أول جلسة برلمانية بثوبه الجديد في صورة معبرة عن بعض مطالب للثوار والشهداء وخاصة في كلمة النائب أكرم الشاعر التي أبكت النواب ورئيسهم الكتاتني بل ومن شاهده تليفزيونيا بالنسبة لحقوقهم المهدرة والقصاص العادل من القتلة والمفسدين، رغم ما شاب الجلسة من بعض المهاترات والتجاوزات من طرفي الصراع الوهمي بين الثوريين والتيار الديني حين إلقاء القسم الدستوري رغم أنه لا رفاهية لقضايا الوطن، فالأزمات الاقتصادية والأمنية خطيرة مما يستوجب العمل بكل جدية من أعضاءه لإيجاد الحلول وسبل النهوض من هذه المخاطر وليس المزايدات "التوك شو". انتهت أمس المرحلة الأولي لانتخابات مجلس الشورى الذي لازلت مقتنعا بعدم جدواه في هذا الظرف التاريخي، وثانيا ملحوظتي حول كيف أن جميع أهل القانون والدستوريين لم يناقشوها حول دستورية هذا المجلس حيث نص الإعلان الدستوري عن إجراء الانتخابات لثلثي المجلس وتأجيل تعيين الثلث الباقي من رئيس الجمهورية بعد انتخابه؟! إي لن تمرر قوانين أو تشريعات أو اختيار اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور، لأن القوانين والتشريعات بمجرد مناقشتها في مجلس الشعب لابد من عرضها واخذ موافقة الشورى عليها لتكون نافذة بالإضافة إلي اختيار لجنة المائة للدستور من المجلسين والشورى ناقص وغير مكتمل الأعضاء فاقدا ثلثا من قوته مما يجعل سهل الطعن علي قراراته.. فعلا نحن في أزمة دستورية حقيقية بفضل جهابذة المستشارين للمجلس العسكري !!! وأخيرا الأزمات اليومية للمواطن المصري البسيط بدءا من رغيف الخبز والبوتاجاز والبنزين والإسكان والمواصلات والخوف علي الممتلكات الخاصة والعامة بسبب الفراغ الأمني والطرف الثالث الذي لازال لهوا غامضا، وخلاف القوي السياسية والتيارات والائتلافات العديدة ووسائل الأعلام التي تصب الزيت علي النار وتأخر المحاكمات الناجزة وتقاعس الحكومة في تبني أفكار خارقة للنهوض بالوطن أو المطالبة الحقيقية بإرادة سياسية لاسترجاع الأموال المنهوبة والمهربة للخارج مثلما استطعت تونس وليبيا من رجوعها بدون انتهاء المحاكمات كما ندعي بهتانا، وقطع الطرق من أجل مطالب فئوية وتمويل منظمات المجتمع المدني بين الشد الحكومي والتباطؤ في إعلان المتورطين والتهديد الخارجي بوقف المساعدات وغيرها الكثير ليوضح ما يعاينه هذا الوطن الطيب من مطبات تستوجب الانتباه وطوق النجاة الإلهي. المزيد من مقالات محمد مصطفى