هل نحن نغش أنفسنا عندما نقول إننا شعب متحضر. وحضارته تضرب في عمق التاريخ بسبعة آلاف سنة؟! والإجابة أنه لو كان ذلك صحيحاً- أي لو كنا شعباً متحضراً- لما وصلنا إلي هذا الحد من الفوضي التي تضرب في كل شبر من أرض الوطن. وكأننا كنا ننتهز أي فرصة لنظهر للعالم مدي همجيتنا. وكيف نستطيع بكل "ثقة" أن نجعل بلداً قوامه 85 مليون نسمة يقف عاجزاً عن أن يتقدم خطوة للأمام.. بل ليس ذلك فحسب وإما نتعمد العودة به خطوات للخلف!! كيف يمكن لشعب أن يكون متحضراً وكل يوم بل كل ساعة تخرج مجموعة من هنا وهناك وتحتل الشوارع وتسد الطرق وتهدد وتتوعد وتطالب بميزات مستحقة أو غير مستحقة وإلا فالويل كل الويل لمن يقف في وجه هذه المطالب؟! كيف يمكن لشعب أن يكون متحضراً وأطباؤه يضربون عن العمل ويتركون المرضي يئنون ويتوجعون بل ويموتون؟! ذلك لا يحدث في بلاد "الماوماو".. الحس الإنساني مفقود والشعور الوطني غائب.. واللا معقول سيد الموقف. كيف يمكن لشعب أن يكون متحضراً والعدالة في إجازة مفتوحة؟! الخلافات مستحكمة بين جناحيها.. المحامون ممتنعون.. ليس ذلك فقط.. بل يمنعون بالقوة قضاة المنصة من اعتلائها ليظل الظالم ظالما والمظلوم مظلوما.. وتضيع الحقوق في بيت الحقوق!! كيف يمكن لشعب أن يكون متحضراً والأمن ضائع وتائه بفعل فاعل وهم رجاله.. كل إضراب عن العمل يمكن أن يكون مقبولاً إلا إضراب رجال الأمن.. إن ذلك لا يعني سوي شئ واحد أنهم يقولون للبلطجية والحرامية وعديمي الأخلاق: ها نحن تركنا لكم أبواب البلد ونوافذها مفتوحة وجدرانها منقوضة فافعلوا ما شئتم وعيثوا فيها فسادا.. استبيحوا الحرمات. وانتهكوا الأعراض واجعلوها "بزرميط"!! هل يتصور عاقل أن أقطع المسافة بالسيارة من دار الجمهورية للصحافة بشارع رمسيس إلي بدايات شارع قصر العيني وبالتحديد شارع المبتديان "2 كيلو علي أكثر تقدير" في ساعة و45 دقيقة.. وكأننا كنا نسير علي أرض مزروعة ب "مسامير حدادي". أي دولة هذه؟! كل جهة عمل تريد أن تتخلص من رئيسها تحت أية حجة.. يتم التغيير بناء علي رغبة الجماهير ويؤتي برئيس جديد.. لكنه لا يعجب أيضاً!! هل مطلوب أن نستورد مديرين ورؤساء من الخارج؟! ثنائيات تتطاحن للحصول علي قضمة من الكعكة.. مسلمون ومسيحيون.. إخوان وسلفيون.. ثوريون وفلول.. أحزاب وناشطون!! مصر مخطوفة من كل هؤلاء.. ودعونا نرفع لافتة تقول: من يجدها يتصل بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة وحكومة الدكتور عصام شرف.. ولن نقول: له مكافأة لأن المطالب الفئوية أفرغت الخزانة العامة.. ولكن نقول: له الأجر والثواب من الله!!