لابد من الاعتراف بأن وزارات التعليم والاعلام والثقافة الثلاث تشكل مثلثا متساوى الأضلاع تعمل بالتعاون معا على بناء المجتمع باعتبارها المسئولة أساسا عن بناء الانسان بداية من تنشئته الأولى فى سن الطفولة مرورا بمرحلة الشباب الى أن يصبح مواطنا صالحا يسهم فى بناء مستقبل وطنه فبالتربية والتعليم والتنمية الثقافية والتوعية الاعلامية بقضايا الوطن يتحقق الهدف الأسمى الذى تسعى اليه الوزارات الثلاث، ونرى أن مسئولياتها فى بناء المجتمع تضاعفت بعد ثورة الثلاثين من يونيو وبعد اختيار رئيس الجمهورية وتشكيل البرلمان ليتفرغ الجميع بعد ذلك لبناء مصرنا الحديثة التى يتطلع لتحقيقها كل أبناء هذا الوطن ولكى تستعيد الدولة ريادتها فى المنطقة كأول دولة مركزية قامت على أرضها أول حضارة عرفتها الانسانية وتعلم منها العالم كله معنى الحرية والديمقراطية والولاء والانتماء وحب الوطن. ولابد من الاعتراف أيضا بأن مصر مع الأسف قد تراجعت فى السنوات الثلاث الأخيرة بسبب المظاهرات والاعتصامات والمطالب الفئوية وانهار اقتصادها وتعطلت حركة الانتاج وانخرطت قطاعات كبيرة من شبابها فى براثن الارهاب فراحوا يحرقون الجامعات ويعتدون على أساتذتهم الذين تلقوا على أيديهم العلم فى ظاهرة غير مسبوقة منذ انشاء أول جامعة مصرية عام 1908 ونخص بالذكر جامعة الأزهر الشريف أول جامعة اسلامية فى الشرق الأوسط التى يأتى اليها المسلمون من كل انحاء العالم لينهلوا من علومها وآدابها تعاليم الدين الاسلامى الوسطى السمح والتى عانت الاعتداءات على منشآتها وأساتذتها الكبار لأسباب لا تخفى على أحد منها تعطيل الدراسة واظهار الدولة فى موقف ضعف وهو ما يلقى على الوزارات الثلاث مسئولية أكبر فى المرحلة المقبلة حيث يقع على عاتقها دون غيرها مسئولية بناء المجتمع. وقد شعرت بذلك خلال متابعتى للندوة المهمة التى عقدها اتحاد النقابات الفنية بالمجلس الأعلى للثقافة بعنوان «آفاق الفنون وبناء الانسان المصرى المقبل» بحضور وزير الثقافة د. صابر عرب ود. درية شرف الدين وزيرة الاعلام ود. علاء عبد الغفار نائبا عن وزير التربية والتعليم وأدارها الفنان هانى مهنى رئيس اتحادات النقابات الفنية. ولتحقيق الدور المهم الذى تقوم به الوزارات الثلاث فى المستقبل القريب وبناء الانسان وفق أسس من القيم النبيلة والتقاليد العريقة التى يتحلى بها الانسان المصرى خاصة قيمة الانتماء والوفاء للوطن وحمايته من أى تيارات وافدة تؤثر بالسلب على مسيرة الأجيال المقبلة لنا بعض المقترحات الآتية: 1 الخطة المشتركة: اقترح أن تقوم الوزارات الثلاث بوضع خطة مشتركة لإعادة بناء الانسان المصرى يشترك فى اعدادها الخبراء كل فى مجال تخصصه بالاضافة الى خطة اتحاد النقابات الثلاث لتحقيق الهدف نفسه لتعرض على الوزراء الثلاثة ورئيس الاتحاد فى اجتماع عاجل لتنفيذ كل ماجاء فيها فى أقرب فرصة ممكنة. 2 وزارة التربية والتعليم: تضع فى اعتبارها الاهتمام بالمعلم الذى نعتمد عليه فى بناء الانسان منذ الطفولة فى مرحلة التعليم الأساسى بحيث نوفر له كل الامكانيات المادية والمعنوية ليؤدى دوره الوطنى باقتدار ليغرس فى وجدان الطفل منذ البداية جذور الانتماء لوطنه خاصة أن الوزارة تسعى الآن لتحقيق الحد الأدنى للأجور للمعلمين وافتتاح مئات المدارس على مستوى الجمهورية، بالاضافة الى حل مشكلة 35 مليون أمى لا يعرفون القراءة والكتابة ووقف ظاهرة الدروس الخصوصية. 3 وزارة الاعلام: أن تضع وزيرة الاعلام د.درية شرف الدين بالتنسيق مع رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون ورؤساء الشبكات الاذاعية والقنوات التليفزيونية خطة عاجلة تسهم فى بناء الانسان منذ الطفولة ومرورا بمرحلة الشباب والاستعانة فى هذا الشأن بخبراء الاعلام الكبار مع التركيز على برامج التوعية والبرامج الثقافية التى ترتقى بالشباب وتوسيع مداركهم وتنمى فيهم حاسة الذكاء وأخص بالذكر برنامج أوائل الطلبة وتطويره وتقديمها فى توقيتات مناسبة من حيث كثافة المشاهدة التليفزيونية مع تنقية المسلسلات الدرامية من السلبيات والسلوكيات الضارة واستبعاد كل ما يسيء الى المعلم المصرى صاحب الدور الأعظم فى تخريج أجيال صالحة وله مكانته المرموقة فى كل الأقطار العربية. 4 وزارة الثقافة: الاستفادة الكاملة من قصور وبيوت الثقافة المنتشرة بالمئات فى المدن والقرى و النجوع والتركيز على البرامج الثقافية الجماهيرية التى تعمل على بناء الانسان مع توفير ميزانيات مفتوحة لتقديم الأنشطة البناءة والمسرحيات الهادفة بالاضافة الى ما تقوم به د. ايناس عبد الدايم رئيسة الأوبرا المصرية بتقديم الفنون الرفيعة التى تجذب قطاعات كبيرة من الشباب وتعتبر حائط صد يحميهم من الانزلاق فى هاوية الفنون الهابطة... وبذلك تكون الندوة التى عقدت بالمجلس الأعلى للثقافة وتبناها اتحاد النقابات الفنية قد حققت أهدافها المرجوة. لمزيد من مقالات مصطفى الضمرانى