فرحة عيد القيامة هى قمة أفراحنا الأرضية والسماوية وهى أكبر علامات الملكوت والأبدية التى لا تفني. انها الإنسان الجديد والقلب الجديد والروح الجديد. كان السيد المسيح قبل أحداث الصليب «معلما» فقد علم الجموع بكل الوسائل المتاحة.. بالمعجزات.. بالأمثال.. بالمقابلات.. بالحوارات.. بالعظات.. الخ.. كان يريد ومازال أن ينفتح ذهن الإنسان وقلبه لبنيان علاقة جديدة بين الإنسان مع الله. وكان عمل التعليم يقوم على المحبة الخاصة لكل البشر.. لقد تقابل مع اليهود ومع الأمم، ومع البعيدين والقريبين، ومع الطبقات العليا والمتدنية.. وقدم فى تعليمه قبولا وترحيبا واحتواء لكل أحد خاطئا كان أو بارا.. حقا إن التعليم هو البداية وهو مفتاح التغيير فى حياة البشر والمجتمعات... وعند الصليب ووسط الأجواء المشحونة وجموع اليهود الثائرة وقسوة الرومان وصياح المتشددين وآلام الصلب كان المسيح «مصالحا».. رفع السيد المسيح على الصليب وصلب بين لصين إمعانا فى كونه «مجرما» بين لصوص. ونطق المسيح على الصليب بسبع كلمات فقدم التسامح حين قال «يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون». وقدم الوفاء الأسرى حين قال لتلميذه يوحنا ولأمه مريم العذراء: يا امرأة هو ذا ابنك وهو ذا أمك... وقدم مثالا لقبول التائبين حين قال للص الذى عن يمينه «اليوم تكون معى فى الفردوس».. وهكذا فى سائر الكلمات السبع على الصليب وفى نهايتها قال «لقد أكمل» ويعنى أن تتميم عمل الخلاص والمصالحة قد تم على الصليب، لقد صار الصليب محررا للإنسان من الخطية، فقد حمل المسيح خطايانا الممثلة فى الصليب الذى هو أكثر درجات العقوبة ومكتوب «ملعون من يعلق على خشبه» فالصليب حمل خطاياى وخطاياك يا عزيزى وبذلك صرنا أحرارا كما هو مكتوب «أن حرركم الابن فبالحقيقة تصيرون أحرارا»، أما بعد الصليب وقيامة السيد المسيح وإطلاق الأرواح المأسورة صار السيد المسيح «حاضرا». ظهر فى العلية وخاطب التلاميذ بعبارة «سلام لكم» وبها أعاد الأمان للتلاميذ الخائفين، كما أنه طرد القلق من قلوبهم وملأها بالفرح» ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب (يو 02:02) وعندما غابت عنهم الحيرة والقلق والخوف، انطلقوا فى عمل الكرازة المجيد وسط عالم مظلم وملتو حيث أضاءوا فيه كأنوار لامعة. (فى العالم سيكون لكم ضيق «صليب» ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم «بالقيامة»). وعندما صعد الى السماء بعد أربعين يوما من قيامته المقدسة صار لنا شفيعا يشفع فينا الى يوم الدينونة. ولذلك قيل عن السيد المسيح: 1 أنه جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك (متى 81:11) أنه يريد الإنسان ويهتم بخلاصه من الخطية ليمنع عنه الهلاك فى الأبدية. 2 أنه لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين (متى 02:82) حيث صار هو فداء الإنسان وبدمه المقدس ينال الإنسان خلاصا وفداء. 3 هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا (متى 62:82) فليس سبيل لمغفرة خطية الإنسان إلا من خلال السيد المسيح وفدائه العجيب على خشبة الصليب، وهذا هو العهد الجديد بين الله والإنسان حيث كانت الذبائح الحيوانية فى العهد القديم مع اليهود هى وسيلة التقرب الى الله وقد بطلت الآن بذبيحة الصليب. وصارت القيامة جوهر المسيحية وقوتها وعملها لأنه بدون قيامه لاتوجد كنيسة ولا مسيحية ولا مستقبل تماما. ولكن ماذا نجنى من قيامة السيد المسيح؟ أولا: مسيحنا القدوس حى دائما فهو ليس أسطورة ولا مجرد شخصية تاريخية ظهرت فى زمن معين بل حقيقة حية وتعاليمه صحيحة وقوية ووعوده صادقة وفاعلة. ثانيا: الخير ينتصر دائما: هناك صراع دائم بين الخير والشر فى كل زمان وفى كل مجتمع ولكن الخير والحب والجمال دائما ينتصر مهما كان الظلام ومهما كانت الأحداث. ثالثا: الأبدية شوقنا الدائم: لنا حياة بعد الموت. فالموت ليس نهاية المطاف. إن حياتنا على الأرض إعداد للأبدية. رابعا: لنا رجاء دائما فى كل أحداث حياتنا حيث نعيش ونواجه آلاما وأتعابا وضيقات متعددة ولكن القيامة تمنحنا رجاء فى صبر ومثابرة واحتمال، واثقين أن يد الله القوية فى كل الأحداث. كل قيامة وأنتم جميعا فى خير وسلام يعم على جميعنا فى مصر وفى كل العالم مصلين من أجل المتألمين فى كل بؤر الصراع والحروب والاقتتال والتى هى بعمل عدو كل خير، واثقين أن الله ينظر ويرى وسيقول كلمته فى الوقت المناسب. لمزيد من مقالات البابا تواضروس الثاني