لماذا فعلتي ذلك أيتها الفتاة الصغيرة ؟!

لماذا فعلتي ذلك أيتها الفتاة الصغيرة ؟ لم تبلغ بعد ووضعتنى وكثيرين غيرى فى موقف لا نحسد عليه. أنت الآن بعمر الزهور التى تريد أن تتفتح .. ماذا؟ 16 عاما.. يا له من عمر طويل بالنسبة إليك قصير جدا بالنسبة إلينا. هل تدركين أن ما وصلتي إليه فى هذا العمر لم يصل إليه ملوكا وأدباء وصحفيون أمثالي.
تعرفين سيدتى .. نعم سأناديك سيدتي: تعلمين أن ملوكا جثمت على أنفاس وصدور مواطنيها ضعف سنين عمرك، ولم تصل إلى ما وصلتي أنت إليه... الأدباء والفنانون والعلماء فى وطنى احتاجوا لأضعاف عمرك كى ينظر إليهم العالم .. ويشير بإصبع لهم .. ولكنك احتجت لأقل من ذلك ليشار إليك بكل أصابع اليد وليس إصبع وحيد.
كل ما أدركته من عمرك لا يتجاوز ال 10 سنوات .. لعبتى كثيرا هنا ومرحتى أكثر هناك فسنوات طفولتك أكثر من سنوات إدراكك.. فأحبك الأهل والأصدقاء وخاصة والدك.. ذلك الوالد الذى احتضن موهبتك منذ نجحت فى اختبارات خاصة بشركة مايكروسوفت الشهيرة وتسمي (MCP) المحترف المعتمد فى بلدتك فى باكستان، نجحت بها فى سن ال 9 سنوات فى عام 2005 .. فأصبحت أصغر شخص بالعالم يحصل على هذه الشهادة.
سجلت اسمك .. قبلنا .. كشفت أمة تنام فى كثير من عسل التشفي والفرجة بلا عمل وقليل من العلم وحلاوة الجهل
أسألك.. لماذا عرض عليك بيل جيتس أن تزورى مقر شركته وتقابلى المسئولين فيها؟
أسألك مرة أخرى.. لماذا عرضت عليك ناسا (وكالة الفضاء الأمريكية) العمل بها؟ وأنت لم تبلغى بعد ولم تصلى إلى العمر القانونى فى كل أرجاء المعمورة؟ .. بل لماذا اشتركت معها فى مشروع كبير؟ وتركت لنا الخيبة والحسرة على علم لم نتحصله وعلى عمر قد مضى لم نستفد منه مثلما استفدت أنت
هل فعلا تلقب بعبقرية الكمبيوتر الصغيرة ؟ .. هل أنت عفراء كريم رنضاوة ابنه مدينة فيصل أباد الباكستانية؟
سؤال أخر ولتتحملينني.. لماذا لا تردين على أسئلتى؟ لماذا لا أتلقى أى رد منك؟ هل أنت مريضة تحتاجين إلي العلاج؟.. أعلم أنك مصابة بالصرع .. وهل يصنع الصرع عبقريتك؟
سأرد بالنيابة عنك فأعلم أنك لا تقدرين أن تردى .. لأنك الآن عند خالقك عند رب العالمين.
لقد توفيت عفراء يوم السبت الماضي وعمرها 16 عاما فقط نتيجة نوبة صرع وتوقف القلب .. وتركت لنا حسرتنا عليها وعلينا وعلى أبنائنا وتعليمنا وحكامنا ودولتنا وعمرنا الذى ضاع وولى .. ولم نقدم مثل ما قدمت.. وأهم ما تركت عفراء علامات استفهام كبيرة تحتاج إلى سنوات حتى نجيب عنها.
ASTantawi@gmail.com
المزيد من مقالات أحمد سعيد طنطاوى