موريتانيا التي يعنى اسمها أرض الرجال السمر، وتتكون من 13 ولاية وعدة أعراق يجمع بينها الإسلام، شعبها مزيج من الأفارقة والعرب من عشاق لغة القرآن. مثلت موريتانيا أو بلاد شنقيط كما وصفها رحالة المشرق العربي قبل قرون نقطة وصل وجسرًا تجاريًا ربط ما بين الشمال والغرب الإفريقيين. وعن موريتانيا التي لا نعرفها يتحدث المفكر والكاتب د. محمد سالم الصوفي ، مدير إدارة الثقافة وحوار الحضارات بجامعة الدول العربية: يصفون موريتانيا ب "بلد المليون شاعر"، فما سبب هذا الوصف ومدى صحته؟ المليون في الأصل وصف للمبالغة في الكثرة؛ فالشعوب والمجتمعات والقرى لم تكن تتجاوز الآلاف والمئات. وهذا الوصف "المليوني" منتشر عربياً إذ تعرف الجزائر ب "بلاد المليون شهيد"، وتعرف العراق ب "بلاد المليون نخلة"، كما أن جمهورية لاوس، بجنوب شرق آسيا، تعرف ب "بلاد المليون فيل"، وعلى هذا المنوال عرفت موريتانيا ب "بلاد المليون شاعر". وكبار الأدباء والباحثين الموريتانيين، كالدكتور محمد المختار ولد أباه، في كتابه "الشعر والشعراء"، والدكتور جمال ولد الحسن، في كتابه "الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر الهجري"، والدكتور الخليل النحوي، في كتابه "بلاد شنقيط: المنارة والرباط"، لم يشيروا لهذا اللقب، بالرغم من إشارتهم لمختلف الألقاب التي عرفت بها موريتانيا مثل: "بلاد التكرور"، و"بلاد السيبه" و"المنكب البرزخي" و"صحراء الملثمين" و"تراب البيضان". وأول مرة ظهر فيها هذا اللقب كانت سنة 1967م في مجلة "العربي" الكويتية في تقرير للكاتب اللبناني سليم زبال، وذلك بعد مقامه في موريتانيا. ولكن يمكننا القول إن المجتمع شاعر بطبيعته لأن الجميع - إلا ما ندر – يقرضون الشعر الفصيح أو الشعر الحساني (حتى ولو كان أميًا) أو يقرضهما معًا، إلى درجة جعلت وزارة الداخلية - في سابقة في تاريخ العالم - ترخص لحزب سياسي للشعراء باسم الرؤية الجديدة" يرأسه الشاعر محمد ولد والد ويتولى أمانته الشاعر النبهاني ولد محمد فال. بحسب الدستور، تعد العربية هي اللغة الرسمية، وإلى جانبها عدد من اللغات الوطنية هي: البولرية والسونكية والولفية، فما المشترك والمختلف بينها؟ البولارية والسونينكية والولفية لغات معترف بها رسميًا في موريتانيا لأن جزءًا من مواطنينا يتحدثون بها. ويجب التأكيد أنه لا توجد إطلاقًا قطيعة بين هذه اللغات واللغة العربية، فالعلماء والفقهاء والأدباء البولاريون والسونينكيون والولفيون نهلوا من معين لغة القرآن، وبالتالي أرفدوا إلى لغاتهم جملاً ومضامين من صميم اللغة العربية، ناهيك عن أن الاحتكاك (عبر قرون من التعايش)، خلق نوعًا من الحميمية والانسيابية والألفة بين هذه اللغات واللغة العربية بشقيها الفصيح والحساني. هذا الاحتكاك وهذا التعاطي الغارق في القدم أدى أيضًا إلى تأثر الحسانية بتلك اللغات، فأصبح الكثير من مفرداتها جزءًا لا يتجزأ من الحسانية العربية، أما نقاط الاختلاف بين الحسانية والعربية وهذه اللغات الوطنية التي لا تنحدر من منبع واحد أنها تختلف في الجذور والنحو والنطق دون أن يشكل ذلك عائقًا أمام التعاطي الإيجابي والتنوع الخلاق. كيف تتعامل الحكومة الموريتانية مع استمرار الرق بالرغم من تحريمه رسميًا؟ الرق ظاهرة عالمية عرفتها جميع المجتمعات في فترات ما من تاريخها، وموريتانيا من بينها، ومنذ السبعينات أصبح للموضوع أهميته، كما ظهرت في أواخر السبعينات حركة" الحر" المنحدرة من أوساط العبيد السابقين وأضافت الكثير إلى جدية المسعى، لتظهر في التسعينات منظمات حقوقية للقضاء على الرق ومخلفاته. وازداد الوعي مع انتشار التعليم، كما تسارعت وتيرة تحرر العبيد لأسباب من بينها انتفاء الحاجة إليهم تدريجيًا مع سنوات الجفاف التي قضت على الثروة الحيوانية والواحات. أما حاليًا فقد عالجت الدولة مخلفات الرق بسن قوانين مجرمة له، كما أنشأت محكمة خاصة بضحاياه، ووكالة مختصة بدمج وترقية وتنمية المجتمعات التي تعاني من مخلفات الظاهرة، وهي الآن بصدد وضع خارطة طريق تمكن من تطبيق نوع من التمييز الإيجابي لصالح تجمعات وقرى العبيد السابقين. كانت رواية "الأسماء المتغيرة" لأحمد ولد عبد القادر التي صدرت عام 1981م باكورة الروايات الموريتانية، ماذا عن موقع الرواية الموريتانية على خارطة الإبداع العربي؟ "الأسماء المتغيرة" و"القبر المجهول" للشاعر الروائي أحمدو ولد عبد القادر، تمثلان البدايات الأولى للفن الروائي في موريتانيا، وقد ازدانت المكتبات الموريتانية بروايات قيمة من ضمنها "مدينة الرياح" لموسى ولد أبنو، و"وادي النعام" لمحذن بابه ولد الفغ، و"أودية العطش" لبدي ولد أبنو، و"رحم الأرض" لمحمد ولد احظانا، وغيرها من القصص التي تعد محاولة لبناء تراث روائي موريتاني وهو ما يزال بعيد المنال، لندرة الإنتاج وقلة الاحتكاك بالرواية الأجنبية، الناجم عن نقص في ميدان الترجمة الأدبية. والرواية الموريتانية رغم المعوقات لا تخرج عن نطاق فن السرد العربي، وإن تداخلت فيها بعض المدارس والاتجاهات التي تحول دون إعطائها تصنيفًا دقيقًا.