خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الإماراتية لإعلان الفائزين بجوائز الشيخ زايد للكتاب مطلع الأسبوع الماضي، أكد د.على بن تميم، أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب أن فوز المؤلف المصري عبد الرشيد صادق محمودي بجائزة الشيخ زايد للآداب عن رواية "بعد القهوة" من منشورات مكتبة الدار العربية للكتاب (2013)، جاء لاستلهام الرواية للتقاليد السردية الكلاسيكية والعالمية الأصيلة، بحيث تبرز مهارة السرد وسلاسة في الانتقال ودقة في تجسيد الشخصيات من الطفولة إلى الكهولة، إضافة إلى تجسيد دقيق للعالم الروائي ورسم فضاءات وتحليل الشخصيات في حالة تقلباتها بين الأمل والانكسار والجمع بين الواقع والأسطوري في إطار واحد. تعد جائزة زايد من أشهر الجوائز العربية وأعلاها قيمة، حيث تبلغ قيمة فروعها كافة حوالي مليوني دولار باتت تثير حماس وشهية أهل الأدب والثقافة، كيف ترى تكريم الجائزة لنصك، التي جاءت مفاجأة للكثيرين رغم سيرتك الثرية وإنتاجك المتنوع نثراً وشعراً وترجمةً؟ سعيد جدًا بالجائزة؛ لأن تتولى التعريف الأدبي بالرواية، التي لم تأخذ حقها من النقد أو التحليل، كما أن اختيار مجموعة من النقاد والباحثين من مختلف البلدان العربية للرواية تقديراً موضوعياً ومعنوياً، وهذه هي القيمة الأدبية للجائزة، وأرجو أن يكون هذا الاعتراف بداية لتعريف القراء بي وبأعمالي ومنها في مجال الترجمة: برتراند رسل، فلسفتي كيف تطورت (القاهرة 2012)، والموسوعة الفلسفية المختصرة مع آخرين (القاهرة 1962)، وطه حسين.. من الشاطئ الآخر، كتابات طه حسين الفرنسية (القاهرة، 2008). كما حققت وقدمت: طه حسين.. الكتابات الأولى (القاهرة 200). فضلاً عن أعمالي المؤلفة، وهي: ديوان شعر حباً في أكلة لحوم البشر، ورواية عندما تبكي الخيول، و3 مجموعات قصصية، فضلاً عن كتب المقالات. تتناول رواية ما بعد القهوة، النسيج الاجتماعي والطبيعة الطبوغرافية والملامح الأنثروبولوجية للقرية المصرية في الأربعينيات من القرن الماضي، وفيها تزاوج بين فصحى السرد والحوار البسيط، كما جمعت بين الأسطورة والواقعية. كيف حققت ذلك؟ - لتعدد الاهتمامات، فقد عشت في بيئات مختلفة، درست الفلسفة في جامعتي: القاهرة ولندن، وحصلت على الدكتوراه في مجال دراسات الشرق الأوسط من جامعة مانشستر. ومارست الكتابة الإذاعية للبرنامج الثاني في القاهرة، وللقسم العربي في البي بي سي، كما اشتغلت بالترجمة في القاهرة ولندن ولليونسكو في باريس، وهو ما منحني تنوعاً في الرؤى وفرصة لاكتساب خبرات عدة أقوم بالاستفادة منها في كتابتي. ولأنني محب للأدب العربي القديم، ومطلع على الآداب العالمية باللغات الإنجليزية والفرنسية، لاحظت أنه ليس هناك أسلوب واحد للسرد، فمثلاً الأدب العربي القديم فيه القصص والمقامات، وهناك بعض السياقات التي من الممكن فيها أن يسترجع الكاتب طرق السرد التقليدية، ولا توجد عوامل تدفع الإنسان إلى تحديد طريقة واحدة للسرد حتى لا يمل القارئ. وأنا إجمالاً عاشق للفصحى، وإلى عهد قريب كنت أقاوم اللهجة العامية، لكن بعد ذلك بدى لي أن لغة الحياة العادية، حتى لو كانت لهجة محلية مثل لهجة الصعيد وغيرها، أكثر تعبيرًا في الحوار، فلا أستطيع أن أجعل فلاحا يتحدث بالفصحى، هذا التنوع فيه احتفال بالواقع وبالآداب الشعبية والفلكلور والطابع المحلي، يعطي حيوية للعمل ككل، ويضفي صبغة من الواقعية على الأحداث العادية تبعاً لعمل الشخصية من جامعي ٌإلى فلاح إلى مهندس أو وزير. ما المحاور الأساسية التي ترتكز عليها في كتاباتك الإبداعية؟ لا أستطيع تحديد على وجه الدقة المحاور أو العوامل المحفزة التي تدفعني للكتابة، وقد يحدث أن أشاهد ظاهرة أو شخصا بالمصادفة وأشعر أن ما شاهدته به إمكانيات ربما استغلها في حينها أو تبقى في الذاكرة لمدة طويلة ثم أحاول إخراجها إلى حيز الكتابة، والقصة والرواية موضوعاتها ملقاة على قارعة الطريق، موجودة في الحياة الواقعية، تنادي الكاتب وتدعوه وتحفزه إلى التفكير، ومنذ أن بدأت كتابة القصة أصبحت استقبل هذه الإشارات واختزنها في ذاكرتي وأسجلها، عندئذٍ أتفرغ لها وأحاول أن أطورها كما ينبغي، وينطبق هذا على الشعر أيضًاً. ما الجديد الذي تستعد لإصداره؟ لدي مجموعة قصصية تنتظر النشر، وأيضًا ديوان شعر يحتاج لمسات أخيرة، ولدي مسودة رواية عن قصة قصيرة كتبتها بعنوان اللورد شعبان لم يسبق نشرها، ووجدت فيها إمكانية التطوير إلى رواية، ولكنها تحتاج التفرغ لعدة شهور للانتهاء منها، وهذا حدث أيضًا في الروايتين الأخيرتين المنشورتين، حيث كانت بدايتهما مع قصة قصيرة، فوجدت فيهما ملامح الرواية، وكان ما كان. كما أقوم حاليًا بإعداد دراسة مقارنة بين بعض الفلاسفة الإسلاميين وبعض الفلاسفة الغربيين، تتناول علاقة الدين بالفلسفة.