أنور إبراهيم رئيس حزب العدالة وزعيم المعارضة في ماليزيا ظهر أخيرا في الهند بعد ساعات من تبرئة ساحته في القضية الجنسية التي كادت تطيح بآماله السياسية قبل بداية الإنتخابات في البلاد. فعلي ارتفاع1300 متر عن سطح البحر وبمركز' التسلح الخلقي' فوق هضبة آسيا بغرب الهند التقت' الأهرام'بالسياسي الماليزي الأكثر إثارة للجدل بعد ساعات من البراءة حيث دار هذا الحوار: ماذا تفعل الآن ؟ حاليا انا زعيم المعارضة في البرلمان الماليزي وكنت في وقت سابق وزيرا للتعليم ووزيرا للزراعة ولفترة طويلة شغلت منصب وزير المالية ونائب رئيس الوزراء في عهد الدكتور مهاتير محمد. وبالأمس واستمرارا للهجوم علي شخصي ولعملية الإغتيال المعنوي التي تمارس ضدي تم وصفي بالعميل اليهودي وعندما اتعاون مع الصينيين المقيمين في بلادي يصفونني بالعميل الصيني وعندما أسعي للحفاظ علي معبد هندوسي أثري ووقف تدميره فانهم ينعتونني بالعميل الهندي وعندما اتصل بالإخوان المسلمين في مصر أو في أي مكان آخر فأنهم يصفونني بالناشط الإسلامي أو بالمتطرف. في اعتقادك من الذي يهاجمك ؟ انها الحكومة, فالإعلام الرسمي يهاجمني ليل نهار.وقد اتهموني في المحكمة بتهم جنسية اثناء عضويتي بحكومة مهاتير.فخلفيات الأمر تتمثل في اني كنت وزيرا للمالية وكان أدائي جيدا جدا وفجأة نشبت الأزمة الإقتصادية ووجدت رئيس الحكومة يطلب دعما يقدر ب700 مليون دولار لمساندة احدي الشركات التابعة لنجله,وهو ما كنت أعارضه وفجأة وجدته يتهم اليهود ورجل المال سوروس.. الخ.وعندما وافقت واشترطت ان يتم تغيير النظام ومكافحة الفساد والتبذير تعرضت للإبعاد..وقبلت بذلك ايضا. وحتي يحمي موقفه اتهموني خاصة وانهم فشلوا في الإستعانة بتهم الفساد لأني وببساطة لم أكن املك شيئا, ولا بوصة واحدة من الأراضي او اي سهم في مشروع من المشروعات.ونعتوني بالخائن او العميل الذي يعمل لصالح اي دولة ولكن دون ان يقدموا دليلا واحدا فحاولوا تلفيق تهمة جنسية جديدة. وسبق ان تعرضت للسجن الإنفرادي لمدة ست سنوات قبل ان يتم اطلاق سراحي بعد تولي عبدالله بدوي رئاسة الوزراء وعندما عدت لممارسة السياسة وحصلت علي عدد كبير من مقاعد البرلمان عادت الهجمات من جديد وتم تلفيق تهمة جنسية جديدة وتحدثت المحكمة عن آثار الحمض النووي وكل شئ ولم تمنح لي الوقت الكافي للدفاع عن نفسي وعندها طالبت بدعوة خبراء دوليين لفحص الأدلة ومن ثم تم نسف كل الأدلة وثبتت فبركتها.وبالأمس لم يجد القاضي خيار آخر سوي تبرئتي. لقد كان الحكم الذي صدر مؤاخرا مفاجئا للجميع فقد كنت مستعدا لدخول السجن وجهزت دوائي ومنشفتي وكنت متأكدا من الذهاب للسجن فأنا اعرف النظام السائد ولكن فجأة خرج القاضي ليقول بعدم وجود دلائل ملموسة وان كافة الأدلة القضائية والعلمية تقف ضد القضية معترفا بأنه لم يجد امامه سوي القبول بتبرئتي. هل تشعر بالربيع العربي في ماليزيا ؟ اعتقد ان تبرئتي جاءت نتيجة للغضب الشعبي وللتغيرات الجديدة في المناخ الدولي والمناخ السياسي علي وجه الخصوص.فالديمقراطية تتقدم في دول الجوار ولكنه التغيير العالمي, خاصة' الربيع العربي'. انه' الربيع العربي' الذي انطلق من تونس الي دول الشرق الأوسط ولكن مصر كانت مختلفة. فبالنسبة للماليزيين فانهم يشعرون بالألفة تجاه مصر.وغالبية الأئمة والقضاة نالوا تعليمهم او تدريبهم في الأزهر والكثير من الطلبة الماليزيين يدرسون الطب والعلوم الاخري في الجامعات المصرية وبالتالي يشعرون بالألفة تجاه المشايخ محمد عبده والقرضاوي الذي يتمتع بنفوذ كبير. وبالتالي يمكن القول ان مصر ليست كأي بلد عربي آخر. وعلي الرغم من ان التغيير بمصر مازال في مراحله الإنتقالية فإن الثورة بحد ذاتها اوجدت موجات هائلة من الوعي واثارت في ماليزيا العديد من التساؤلات مثل.. لماذا يطالب الشعب بالحرية؟ ولماذا يطالبون بالعدالة؟ ولماذا هم في حاجة لإعلام حر ؟ ولماذا هم في حاجة للتعبير عن انفسهم ؟ وظهر هذا بوضوح بين الشباب ومن يستخدمون وسائل الإتصال الإجتماعي( فيسبوك وتويتر) ولهذا أعتقد ان هذا هو السبب في تبرئتي بالإضافة لاهتمام الإعلام الدولي والجهود الدبلوماسية الصامتة لبعض الدول مثل الإتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة وتركيا. وأعتقد ان الربيع العربي كان له تأثير بعد ان اصيب الناس بالتعب من الحكم الدكتاتوري والسلطوي ومن الفساد المتوطن. لقد ازداد الناس ذكاءا.فإذا كنت تريد ان تحشد الناس كان عليك ان تهاجم الولاياتالمتحدة لأسباب غير وجيهة.وانا ايضا انتقد الأمريكان لسياستهم تجاه فلسطين وأفغانستان وغزو العراق, فأنا أعارض كل ذلك.ولكن اذا كان هناك فساد في ماليزيا أو انك تقوم بضرب شعبك او تسجنهم فإن الأمر إذن لا يتعلق بالأمريكان ولكنه انت.. الحكومة. واليوم أعتقد ان مناخ الإصلاح والتغيير من اجل الإصلاح يعد اقوي بين الماليزيين واليوم انا رجل حر أقود المعارضة ونعمل من أجل الإنتخابات وطبعا انا أشير هنا الي' ربيع ماليزي'. إذن أنت تعتقد ان هناك' ربيع ماليزي' يلوح في الأفق ؟ نعم ففي الفترة الماضية شهد تدفق الآلاف الي الشوارع وبعدها احتشد زهاء70 الف شخص في شوارع كوالالمبور وخارج المحكمة.. إذن فهناك رياح. ولكن مازالت الحلول المطروحة امامنا مختلفة فهي تتمحور حول الإنتخابات التي نسعي لإستخدامها من أجل التغيير. ما الذي يمكن ان تقوله للشباب الثوري العربي والمصري تحديدا ؟ هناك امران الأول يتمثل في حتمية إتمام التحول عبر بناء مؤسسات قوية.وأعتقد ان المصريين مختلفون عنا لأنهم أقوياء جدا من الناحية الثقافية ولأن لديهم أساسا ثقافيا قويا فإنهم وبعدد محدود من الناس مثل الشباب الموجودين بميدان التحرير أمكنهم نقل مطلبهم بوضوح في إحداث التغيير بشكل سلمي. ولابد ان يكون لديهم أجندة سياسية واضحة. واري ان الضعف يكمن في الإخفاق في النظر الي التغيير بشكل شامل عبر مؤسسات ديمقراطية وسياسة اقتصادية غير قابلة للتجزئة.فعليكم أن توازنوا بين إقتصاد السوق والنمو واتخاذ اجراءات لصالح الفقراء والمهمشين.ومن المؤكد أن الفساد يعد مرضا خطيرا. وانا انظر الي اردوجان في تركيا وهو صديق عزيز وأعتقد ان ما حاول القيام به للإستمرار في المسار المعتدل تركز في عدم النظر كثيرا الي الوراء لأن هناك الكثير من الغضب والمرارة وأعتقد أن الغفران امر مهم ( وأضاف مبتسما) ولكن بالطبع إذا سرقت أموال الناس فعليك ان تعيدها وهو أمر مهم لمصر. فمصر إستثناء هي دولة مهمة جدا في العالمين العربي والإسلامي واذا نجحت تجربة التغيير في مصر فإنها ستقدم أبرز إسهام مدهش للعالم الإسلامي في ميدان الفكر والرؤية.وهناك التحدي الصعب وهو صعب لأن لديكم مشكلة مع العدوان الإسرائيلي وعليكم التعامل مع القضية الفلسطينية وأنا ادرك ذلك ولكن ستظل مسألة الحكم الرشيد هي القضية الأساسية.