وَصَلتُ في شهر 2012 إلى مصر كسفير للهند بعد مرور خمسة وعشرين عاما على الفترة التي قضيتها في مصر أول مرة، وبالرغم من تغير المشهد السياسي بصورة جذرية، فإن الروابط الثقافية بين الدولتين التي لمستها ظلت كما هي دون تغير. وانطلاقا من مشاعر الحب المتبادلة وسعيا وراء إيجاد روابط ثقافية بين البلدين قمنا بتدشين مهرجان استمر لمدة شهر لأول مرة في ربيع عام 2013 تحت عنوان الهند على ضفاف النيل، وبالرغم من المخاوف التي تتعلق بعدم ملاءمة التوقيت لإقامة المهرجان، كنا على ثقة بأن طبيعة المشاعر الدافئة لدى الشعب المصري سوف تمكننا من التغلب على الصعاب وفوجئنا بالاستجابة الممتازة في جميع الفعاليات التي تم عرضها بما شجعنا على العمل بجد لإقامة الدورة الثانية للمهرجان هذا العام. وكانت أول دورة لمهرجان الهند على ضفاف النيل بداية لحدث غير عادي. وقد ازدهر التعاون الثقافي من خلال التفاعل بين الفنانين الهنود والمصريين. عملت د.هبة حندوسة، المديرة التنفيذية لشبكة مصر للتنمية المتكاملة، مع الفنانة جايا جاتلي التي قامت بتنسيق معرض للخط، واصطحبت مجموعة من الفنانين من مصر لزيارة الهند هذا الشتاء وتبادلوا خبراتهم حول تطوير المهارات، ومهارات التصدير والتسويق في مجال الحرف اليدوية. هؤلاء الفنانون والراقصون والكتاب والخطاطون تحدثوا مع نظرائهم الهنود عن طبيعة حرفهم وقاموا بإقامة روابط إنسانية تتجاوز المحادثات الرسمية والاستقبالات الدبلوماسية. ويبقى هذا النوع من التعاون هو الهدف الأساسي الذي نضعه نصب أعيننا بينما نقوم بالإعداد لمهرجان الهند على ضفاف النيل 2014. خلال الفترة من 3-20 إبريل، سوف تشهد القاهرةوالإسكندرية وغيرهما من أنحاء البلاد مزيجاً فريداً من عروض الثقافة الهندية بروافدها التراثية والحديثة في بداية المهرجان سوف تقدم مسرحية بوليوود قصة حب وهي مسرحية موسيقية تعرض بدار الأوبرا المصرية ثم تنتقل إلى الإسكندرية وغيرها من المحافظات، كما تتناول الفنانة الشهيرة شابانا عزمي في حوارها مع الناقد السينمائي سمير فريد موضوع السينما الهندية، بينما يدور النقاش بين الشاعر الغنائي الشهير جافيد أختر والشاعر بخيت بيومي حول موضوع الأغنية في السينما الهندية. كما تقدم مجموعة من العروض التراثية منها رقصة الكاتاك الكلاسيكية والموسيقى الفلكلورية لراجستان، حيث يقدمها مجموعة من أفضل الفنانين في مجالهم. ومن الفعاليات الأخرى المهمة ندوة تقام تحت عنوان نساء متميزات حول مجموعة من النساء الهنديات والمصريات حققن إنجازات بارزة، بينما يقام معرض خاص للساري الهندي بمتحف محمود مختار. وحيث إن الثقافة تضم أيضاً الجانب السياسي، يقوم رسام الكاريكاتير الساخر سودهير تايلانج بعرض مجموعة كبيرة من أعماله بالاشتراك مع الفنان جورج بهجوري وجمعية الكاريكاتير المصرية، كما تناقش مجموعة من الكتاب الهنود والمصريين موضوع التحولات التي تشهدها المجتمعات وذلك من خلال ندوة يديرها د/ محمد سلماوى إن الفعاليات المقرر تقديمها في هذه الدورة من المهرجان بتنوعها وتعددها لا تمثل فقط عروضاً قائمة بذاتها، ولكنها تمثل أيضاً فرصاً للتبادل الثقافي تفتح آفاقاً جديدة وتؤسس علاقات جديدة، إن مهرجان الهند على ضفاف النيل يعد بأن يكون جسراً معاصراً وفعالاً يربط بين الثقافتين العريقتين لكل من مصر والهند.