يعد باقر جبر الزبيدى القيادى بالمجلس الأعلى الاسلامى ورئيس كتلة المواطن التى تمثل المجلس فى البرلمان العراقى والذى تولى خلال السنوات السابقة حقائب الإسكان ثم المالية ثم الداخلية فى الحكومات و التى أعقبت الاحتلال الأمريكى لبلاده فى 2003 واحدا من الأرقام المهمة فى المعادلة السياسية العراقية وذلك لانتمائه السياسى ثم انحيازاته الفكرية واتسامه بالاعتدال والإنصاف فى نظرته لقضايا وأزمات العراق, وحول الاوضاع الامنية فى العراق والتوقعات الخاصة بالانتخابات القادمة دارهذا الحوار: تنتظر العراق معركة انتخابية ساخنة، فهل تعتقد أنها ستجرى وفق محددات النزاهة والشفافية أم سيتم خلالها تكريس هيمنة ائتلاف القانون برئاسة رئيس الوزراء الحالى نور المالكى؟ بادئ ذى بدء أؤكد أن رئيس الوزراء العراقى القادم لن يصل الى منصبه الا عبر توافق وطنى واسع من كل مكونات الشعب عدا ذلك سيتمزق العراق ولن يكون عراقا واحدا وهو مايستوجب على الجميع البحث عن صيغة للتوافق على من سيكون رئيس الوزراء القادم. لكن ما ملامح المشهد السياسى الراهن فى العراق؟ هناك التحالف الكردستانى شبه موحد وثمة ملاحظة أوردها فى هذا السياق وتكمن فى أن الأكراد عندما يأتون الى بغداد يكونون فى حالة توحد كاملة ويتبنون مواقف موحدة تجاه القضايا المطروحة على مجلس النواب على الرغم من أنهم لم يتمكنوا من تشكيل الحكومة المحلية فى أقليم كردستان العراق منذ إجراء الانتخابات البرلمانية قبل أربعة أشهر وحتى الآن . هناك تكتل «متحدون» برئاسة أسامة النجيفى رئيس مجلس النواب هناك قوة صاعدة بوتيرة متسارعة فى الوسط السنى, تكونت عبر ساحات الاعتصام وتطورت الى العمل العسكرى فى الرمادى والفالوجة والأنبار وصلاح الدين وتكريت وديالا وشمال الحلة جنوب بغداد وغيرها من مناطق, وهو ما يجعلنى أقول ان هناك مولودا سياسيا جديدا ينطوى على صفة اسلامية وربما صفة بعثية سابقة وإن لم يعودوا بعثيين ولكن أصلهم بعثى من بقايا الجيش العراقى القديم وفدائيى صدام وجهاز استخباراته فضلا عن عشائر عربية عريقة معروفة وكلهم منضوون تحت المجلس العشائرى ثم المجلس العسكرى العام ثم حركة الخلاص ثم الجيش الاسلامى الذى عاد الى العمل مرة أخرى بالإضافة الى كتائب ثورة العشرين وحركة العلماء والتى تضم بعضا من قيادات الإخوان المسلمين النشطة وعناصر أخرى لاتنتمى الى الجماعة, وجميع هؤلاء لديهم هدف مشترك يتمثل فى حكومة المالكى وإن كنت أشك فى استمرار توحدهم الراهن بعد إنتهاء الأزمة الراهنة هل نفهم من ذلك أن هذه المجموعة تتجه لتكون رقما مهما فى المعادلة السياسية القادمة فى العراق؟ أجل, أتنبأ بأنه سيكون لها شأن كبير فى الانتخابات القادمة وستكثف تحركاتها وفعالياتها للحصول على أكبر عدد من أصوات الناخبين وثمة من يعتقد أنهم قد يتفوقون على كتلة "متحدون "التى تضم أغلب الأعضاء السنة فى مجلس النواب وأظن أن هذا التكتل السنى يمثل الشريك السياسى الذى يمكن الإطمئنان اليه والعمل معه سياسيا لأنه لم يتورط فى أعمال عسكرية حتى الآن وشخصيا تمنيت على السلطة التفنيذية الحالية بقيادة نور المالكى ألا تحارب أو تقف فى وجه كتلة " متحدون " على الأقل لطمأنة الشارع السنى غير أنه للأٍسف أقول: إن هذه السلطة لم تنتبه الى هذه الحقيقة بل حاولت أن تجد شريكا يعمل لصالحها فقط . أما فى الوسط الشيعى هناك ثلاث قوى تبلورت لخوض الانتخابات القادمة أولها ائتلاف كتلة المواطن التابعة للمجلس الاسلامى الأعلى بقيادة عمار الحكيم ثم كتلة ائتلاف القانون الخارج من عباءة حزب الدعوة برئاسة نور المالكى رئيس الوزراء الحالى وهناك منظمة بدر فضلا عن مجموعة من المستقلين وماذا عن تكتل الأحرار؟ تكتل الأحرار هو القوة الثالثة فى الوسط الشيعى بيد أنها تعرضت لهزة بعد إعلان زعيمها مقتدى الصدر اعتزاله العمل السياسى غير أننى أتنبأ أن عناصر هذا التكتل سوف يعيد ترتيب أوراقه بمباركة الصدر نفسه وقد يقوم بإعادة تشكيل قيادة التيار لكنه لن يكون جزءا منه . ما توقعاتك لنتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة ؟ أتوقع أن دولة القانون التى يرأسها المالكى مع كتل أخرى موالية ستفوز بعدد من المقاعد يترواح بين 60 و65 مقعدا فى حين أتوقع لتكتل المواطن أن يفوز بما يتراوج بين 45 و50 مقعدا وتكتل الأحرار سيحصد 25 مقعدا وفى تقديرى إذا تمكنت هذه القوى الثلاث من توحيد مواقفها وتحركاتها فبوسعها أن تختار رئيس وزراء يحظى برضا المكونات الأخرى وهو ما يمكن أن يسهم فى وضع العراق على سكة الأمن والاستقرار, بدون ذلك ستدخل البلاد مأزقا خطيرا. هناك بعض الدوائر التى تؤكد حتمية تأجيل انتخابات البرلمان القادمة كيف تعلق على ذلك ؟ أظن أن ذلك من الصعوبة بمكان , فثمة حرص وإصرار من قبل المرجع الأعلى الأمام السيستانى على إجراء الانتخابات فى موعدها خاصة أن له تأثير واضح على كافة مكونات الشعب العراقى بشيعته وسنته . لماذا لاتمارسون دورا فى المجلس الاعلى الاسلامى لإنهاء أزمة الأنبار ؟ أتفق مع وجهة نظركما وأؤكد لكما أننا بذلنا جهودا منذ الساعة لانطلاق هذه الأزمة وأنا كرئيس كتلة برلمانية أصدرت بيانا منددا بهذه التطورات وطالبت بسرعة احتوائها كما بادر السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاسلامى الأعلى بطرح مبادرة من عشر نقاط من بينها إنفاق 4مليارات دولارعلى الأنبار لإعادة بناء البنية التحتية فى مدنها ومناطقها وذلك قبل أن تبدأ الحرب، وقد حظيت هذه المبادرة بترحيب واسع من اشقائنا فى الأنبار وفى الدوائر السياسية بالعاصمة ثم بعد ذلك فإن الحكومة بعد أن جربت حظها فى العمل العسكرى لم يعد بمقدورها حسم المعركة عبر هذاالخيار وعند التعامل مع أى معضلة, هناك ثلاث بدائل أمام صانع القرار أولها: انتهاج الحل السياسى والثانى حل أمنى عبر المعلومات وتوظيف قدرات الاستخبارات والمتابعة ثم الثالث حل عسكرى وفيما يتعلق بأزمة الأنبار يتعين منطقيا وأخلاقيا استبعاد الحلين الثانى والثالث والتركيزعلى الحل الأول وهو السياسى لأن أهل الأنبار شركاء فى الوطن ويمثلون الملايين من سكان العراق وهو ما يستوجب التفاوض معهم وليس القيام بشن عمليات عسكرية ضدهم . الا يوجد تحرك عملى على الأرض من قبل المجلس خاصة أنه يرتبط بعلاقات قوية مع طرفى الأزمة ؟ لقد حاولنا مرارا بيد أنه يوجد من لايرغب فى أن يحسب للمجلس الأعلى وللسيد عمار الحكيم أى دور فى إنهاء هذه الأزمة خاصة أننا على أبواب الانتخابات ودعنى أقول هنا أن الدخول فى معركة الأنبار فى هذا التوقيت قد ينطوى على هدف انتخابى لإثارة مشاعر الشيعة للحصول على أصواتهم بما يرفع من مقاعد إئتلاف دولة القانون فى مجلس النواب الجديد . ألا ترى أن تنظيم الدولة الاسلاميةفى العراق والشام المعروف إعلاميا ب «داعش» هو الشماعة التى تعلق عليها الحكومة قرارها باللجوء الى الخيار العسكرىفى الأنبار وغيرها؟ داعش هى تنظيم محلى عراقى سورى فقط لايمت بصلة لتنظيم القاعدة وغير موجود فى أى مناطق عربية أخرى وهناك قتال ينشب بين أفراده و أفراد القاعدة وقد وصلنى تقرير من ديالا مؤخرا يتضمن قيام «داعش» بتصفية جسدية لأكثر من 120 قياديا من تنظيم القاعدة خلال الأسابيع القليلة الماضية فى مناطق بعقوبة وجبال حمرين والفالوجة فضلا عن ديالا، لكن أغلب القوى القادرة على حل الأزمة هم العشائر الموجودة فى الأنبار وكبار الضباط السابقين فى الجيش العراقى وهنا أود أن أشير الى أن العمليات العسكرية التى قامت بها القوات المسلحةفى الأيام العشرالأولى من بدئها والتى كانت موجهة للعناصر الأرهابية فى صحراء الأنبار كانت تحظى بتأييدواسع من أغلب المكونات السياسية العراقية ولكن عندما اتجهت القوات الحكومية الى المدن ومواقع الاعتصامات والاحتجاجات الشعبية اعتبر الأمر خارج نطاق محاربة الإرهاب فبدأت كتلة متحدون وكتلة الأحرار وغيرهما تنفض عنها عن تأييد هذه العمليات العسكرية. ماتصورك لعلاقات مصرية عراقية نشطة والى أى مدى المجال مفتوح أمام الشركات والعمالة المصرية فى بلاد الرافدين؟ لا أخفى أن الأوضاع الأمنية فى البلاد تمثل أحد المعرقلات على هذا الصعيد ولكن على الرغم من ذلك فإن الشركات المصرية مدعوة للدخول بقوة والمشاركة فى إعادة إعمار العراق ولاتضع البعد الأمنى, كمعرقل أمامها فليست كل مناطق العراق تتعرض لهزات أمنية وللتذكير فإن شركة نجيب ساويرس رجل الأعمال المصرى المتخصصة فى قطاع الاتصالات دخلت فى أسوأ الظروف بعد الغزو الأمريكى وحققت أرباحا هائلة الى جانب ذلك فإن الشركات التى دخلت العراق سواء أوربية أو إيرانية أو تركية كان لديها استعداد لأن تضحى وتأقلمت مع الأوضاع السائدة وأنا أدعو الشركات المصرية للدخول الى وطن سبق أن عمل فيه المصريون وتلك خطوة مهمة على صعيد تعميق التعاون المشترك بين البلدين