تحولت إقامة بعض البيناليات والمهرجانات الفنية والورش الخاصة إلى «تجارة» يجنى من ورائها الكثير من الأفراد أو الشركات الخاصة الأموال الطائلة .. وفى بعض الأحيان يمكن أن تضر بسمعة مصر . . وهو ما دفع لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى للثقافة لإصدار بيان للتحذير من تلك الظاهرة .. فى المقابل يراها المنظمون بأنها قوة دفع اقتصادية للقطاعات المختلفة بمصر. فجرت لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى للثقافة هذه القضية بإصدارها بياناً تندد فيه بهذه الظاهرة .. الدكتور احمد نوار - مقرر اللجنة - وأفاد بأن هذه الفعاليات تحولت لظاهرة تضر بالفن المصرى ، نظرا لأن فكرتها تبنى على دعوة فنانين مصريين وأجانب أغلبهم من الهواة والمبتدئين بعيدا عن المعايير والأسس المهنية ونظم الدولة وقوانينها، وبصورة عشوائية تسيئ للحركة التشكيلية المصرية، ودون الرجوع الى نقابة الفنانين التشكيليين أو قطاع الفنون بصفتهما الجهتين المختصتين بالأمر، وهما يشجعان إقامة اى مهرجانات فنية مادامت تحترم القوانين. وطالبت اللجنة فى بيانها المسئولين التوقف عن دعم هذه الظاهرة ماديا او معنويا، لأن الغرض منها التربح من خلال الحصول على أموال من الوزارات بشكل عشوائى غير مدروس. من جهته علق الفنان التشكيلى محمد حميدة - المؤسس لمهرجان اوستراكا الدولى للفنون- على البيان بقوله: أن بعض هذه الفاعليات تفيد وتدعم مصر، فعلى سبيل المثال مهرجان اوستراكا أول مهرجان دولى خاص فى شرم الشيخ -نظم 13 دورة له بداية من 2007 - وافتتح دورته الأولى الفنان احمد نوار - رئيس هيئة قصور الثقافة وقتها - ولكن هناك بعض المنظمين للفعاليات الخاصة أساءوا لجميع المهرجانات التى تقام فى مصر بعدم مراعاتهم للمواصفات الفنية وللأسف بعضهم كان من الفنانين المشاركين فى دورات مهرجان اوستراكا. وأضاف حميدة: أرفض ان يكون إقامة المهرجان بعد الحصول على تصريح من اى جهة لأن معظم الجهات تضع العراقيل، ويجب أن يكون هناك حرية للإبداع والجهة الوحيدة التى احصل على موافقتها هى الجهات الأمنية السيادية، ويضيف اقوم فى مهرجانى باستضافة فنانين مشاهير من جميع دول العالم بإقامة مجانية مع إعطائهم مصاريف طوال فترة الإقامة وتوفير الخامات اللازمة، والمكسب يكون من أعمال الفنانين الذين يتركوها ويتم تسديد مصاريف المهرجان عن طريقها، كما ان هذا المهرجان ساهم فى الترويج السياحى لمصر وتم النشر عنه فى أكثر من صحيفة دولية، ويجب ان يكون دور الجهات المختصة فى حدود منع الفعاليات التى يحدث منها شكاوى او يتضح ان لها اتجاهات مشبوهة يقول الفنان عبدالرازق عكاشة- المنظم لبينالى الثقافة والفنون الدولي- ردا على البيان: هناك كثير من الدول ليس بها وزارة ثقافة او نقابة للتشكيليين فمثلا فى فرنسا التى يقام بها سنويا 360 صالون وبينالى وجميعها عن طريق جمعيات اجتماعية مؤسسية تعمل وفقا لقانون 1901وكذلك دول عربية مثل تونس والمغرب حيث كل مدينة وقرية هناك تقوم بعمل مهرجان للفنون التشكيلية، وليس من المعقول دولة كبيرة مثل مصر تضم أكثر من 90 مليون مواطن تنحصر فيها الفعاليات الفنية عن طريق وزارة الثقافة فقط فبينالى الثقافة والفنون الدولى الذى انظمه يقام كل عامين وغرضه الاساسى دعم الشباب ومساهمة فى الدعم السياحى لمصر فى ظل الظروف الصعبة الحالية والارتقاء بمستوى الذوق العام فى الشارع المصري، وأضاف عكاشة حضر وشارك فى البينالى شخصيات شهيرة فى مجال الفن التشكيلى من جميع دول العالم مثل رئيس صالون الخريف الفرنسى السيد نويل كوريه بالإضافة إلى عشرة من أشهر فنانى فرنسا وكذلك رئيس مهرجان أمريكا اللاتينية واهم فنانة فى البرازيل وعدد كبير من الفنانين العرب والأجانب، وجميعهم أصحاب تاريخ فى الفن التشكيلي، وبالنسبة إلى دعم البينالى فيؤكد عبدالرازق انه ليس هناك دعم مادى من اى جهة بل إن جميع المساعدات لوجستية، كما أن أشهر مجلة ثقافية فى فرنسا والتى تقوم بتوزيع اكثر من 200 ألف نسخة قامت بتغطية البينالى فى عددها الأخير فى 10 صفحات واعتقد ان هذا يساعد فى دعم مصر سياحيا ولتحسين الصورة الحالية، وأضاف: رئيس صالون الخريف الفرنسى نويل كوريه اختار خمسة فنانين لعرض أعمالهم فى الصالون الفرنسى فى دورته التالية وهذا يعتبر إثراء للحركة التشكيلية فى مصر. تفعيل دور الضبطية القضائية يشير الدكتور حمدى أبو المعاطى نقيب التشكيليين إلى ان النقابة لابد أن تقوم بدورها بالحفاظ على المهنة من الدخلاء عليها، فلابد على اى فنان ان يأخذ أذن من النقابة قبل إقامة اى نشاط، ولابد ان يكون عضو فيها، وهناك شكاوى من بعض الفنانين العرب الذين اشتركوا فى احد هذه المهرجانات، والنقابة ليست ضد اى نشاط سواء كان من فرد او مؤسسة ولكن لابد من علم النقابة به واذا كان النشاط لفرد فلا يجب ان يحصل اى مبالغ مالية من الفنانين المشاركين، فهناك بعض المنظمين حصلوا على مبالغ مالية من المشاركين وستتخذ النقابة أجراءتها ضدهم، وستقوم بتفعيل دور الضبطية القضائية، كما ستقوم النقابة بتبليغ الضرائب عنهم، ورداً على ان كثير من الدول ليس بها نقابة للتشكيليين وان الأنشطة الفنية تكون عن طريق جمعيات مؤسسية او روابط أهلية فيقول أبو المعاطي، هذه الجمعيات أو الروابط لها صفة شرعية وتعمل وفق ضوابط وأسس وتحل محل النقابة حيث لا يوجد نقابة للتشكيليين إلا فى مصر والعراق والأردن والمغرب، واتحاد التشكيليين العرب يضم هذه الجمعيات والجهات الأهلية لصالح أعضائها. الحفاظ على قيمة المهنة ويعلق الدكتور صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية بقوله: المشكلة تكمن فى مستوى بعض الفعاليات التى تقام ويشترك بها أنصاف المواهب ويمتنع كبار الفنانين عن المشاركة فيها كما ان بعض المنظمين يشترطون الحصول على مبلغ مالى شرط للاشتراك، او يأتى لهم دعم من جهات غير معلومة وبعضها مشبوهة، وهذا له أثر سلبى على الحركة التشكيلية فى مصر، ولابد من الحصول على تصريح من نقابة التشكيليين حتى تحافظ على قيمة المهنة دون أن تتدخل فى التنظيم، والنقابة من حقها تفعيل الضبطية القضائية، بالإضافة إلى ان بعض الفعاليات يطلق عليها لقب بينالى ويجب عدم إطلاق المسميات بدون أساس فالبينالى يكلف مبالغ طائلة مثل اللذين يقاما فى القاهرة وفى الإسكندرية، وهذا لا يمنع أن هناك بعض المؤسسات والجهات الخاصة تقوم بعمل فعاليات مطابقة للمواصفات وذات مستوى لائق. إيجاد فرص للفنانين أما الفنان حسام ربيع الذى شارك بأعماله فى معظم الفعاليات الخاصة فيقول: اقدر لجنة الفنون التشكيلية التى أصدرت هذا البيان حرصاً منها على مستوى الفن التشكيلى فى مصر، ولكن اعترض عليه لان مصر حاليا تمر بظروف صعبة للغاية وكثير من الدول تحذر رعاياها من دخول مصر، وهذه الفعاليات تساهم بشكل كبير فى تنمية السياحة بحضور فنانين من جميع الدول اليها وتحدى التحذيرات بعدم السفر إلى مصر، وذلك فى ظل دولة معبأة بكم كبير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، ويضيف حسام، حتى لو كان يوجد بعض الأخطاء أو السلبيات ولكن يقابلها كثير من الايجابيات والمكاسب التى تخدم مصر، ويؤكد انه اشترك فى معظم دورات هذه الفعاليات ولم يشترط اى منظم او يطلب منه مبالغ مالية رسوم الاشتراك، بل على العكس الاستضافة كانت على مستوى لائق كما إنها خلقت فرص لكثير من الفنانين فقد قام رئيس صالون الخريف الفرنسى بدعوته مع عدد من الفنانين للاشتراك فى الصالون فى دورته عام 2011بفرنسا اثناء اشتراكه فى الدورة الاولى من بينالى الثقافة والفنون الدولى الذى ينظمه الفنان عبدالرازق عكاشة، وقد سافرعلى حساب وزارة الثقافة.