يمثل 11 مارس 2011 ذكرى سيئة للشعب اليابانى وللإنسانية، حيث ضرب اليابان زلزال مدمر 9 ريختر، مما تسبب فى حدوث تسونامى ضخم بلغ ارتفاعه 34 مترا وكانت أخطر حلقات هذه الكارثة التسرب الإشعاعى من مفاعلات فوكوشيما النووية فيما اعتبره العلماء بمثابة تشرنوبيل جديدة. تسببت الكارثة فى وفاة أكثر من 15 ألف مواطن وإجلاء 350 ألفاً من المناطق القريبة من المفاعلات وتدمير أكثر من 400 ألف منزل.
كما حملت تبعات إعادة إعمار المناطق المتضررة الاقتصاد اليابانى بأكثر من 200 مليار دولار، فى وقت تسعى فيه اليابانللخروج من الموجة الانكماشية التى تعاني منها منذ عقدين. - ورغم غلق عدد من السفارات الأجنبية فى اليابان أبوابها فى طوكيو وإجلاء موظفيها وانتقال بعضها للعمل من مدينة أوساكا البعيدة نسبياً عن موقع الكارثة بعدما أشيع عن احتمالات تأثر طوكيو بالإشعاعات النووية، إلا أن السفارة المصرية تلقت تعليمات من القاهرة بالاستمرار فى فتح أبوابها وممارسة مهامها المعتادة من طوكيو خاصة وان اليابان ابقت على سفارتها فى القاهرة مفتوحة اثناء ثورة 25 يناير. - وكانت مصر من اوائل الدول التى أعلنت دعمها لليابان فقدمت مصر مساعدات رمزية عاجلة، وزار السفير المصرى المناطق المنكوبة والتقى مع محافظ فوكوشيما حيث سلمه نسخة من مفتاح الحياة تعبيرا عن اهمية تجاوز المحن واستعادة اوجه الحياة معرباً عن تضامننا مع الشعب اليابانى. كما زار أيضاً وزير الخارجية المصرى السابق محمد كامل عمرو المناطق المنكوبة فى مارس 2012 حيث نقل للمسئولين وللشعب اليابانى تعاطف وتضامن مصر معهم فى محنتهم وهو ما لقى تقديرا كبيرا على المستوي الشعبى. وقد حرصت القيادات المصرية المتعاقبة خلال السنوات الثلاة الماضية على توجيه رسائل تضامن الى امبراطور اليابان كلما حلت هذه الذكرى الأليمة - وتعبيراً عن هذا التضامن قامت السفارة فى طوكيو، بالتنسيق مع الهيئة العامة للتنشيط السياحى، بتنظيم رحلة ترفيهية إلى مصر خلال يونيه 2012 لمجموعة 22 من ضحايا التسونامى ممن فقدوا مساكنهم فى المقاطعات التى تعرضت للكارثة، فضلاً عن تنظيم رحلة مماثلةفى ديسمبر 2012 لمجموعة من الأطفال الايتام اللذين فقدوا ذويهم، تأكيدا لتضامننا مع ضحايا الكارثة وللتخفيف من معاناة هؤلاء. فاليابان وقفت الى جانب مصر فى الماضى وكان هذا اقل ما تقدمه مصر رغم ظروفها المالية الصعبة - وكانت مصر من بين الدول التى خففت الحظر على استيراد السلع اليابانية بعد تقديم شهادات رسمية تثبت خلوها من الإشعاعات بما يحافظ على الصحة العامة لموطنينا، ولم تبد مصر تشدداً على النحو الذى اتخذته دول عربية واوروبية كثيرة مازالت تفرض قيوداً مشددة على وارداتها الغذائية من اليابان، الأمر الذى يثبت مدى حرص مصر على الوقوف إلى جانب اليابان لتجاوز تلك المحنة. موقف يابانى غير مفهوم وغير مبرر من ثورة شعبية عظيمة: - لقد جاء موقف اليابان من الأحداث فى مصر منذ 30 يونيه 2013 بمثابة مفاجأة سيئةلم يتوقعها المصريون، حيث لم تعترف حتى اليوم بهذه الثورة الشعبية العظيمة وتتجاهل إرادة الشعب المصرى التى عبرت عنها الملايين فى استعادة هويتهم المتسامحة والتى تعرضت للتشويه تحت حكم الإخوان. - لقد كان المصريون يتوقعون من اليابان، ولازالوا، أن تقف إلى جانب مصر فى حربها ضد الإرهاب وفى جهودها نحو بناء دولتها الحديثة استناداً إلى خارطة الطريق التى توافقت عليها لقوى السياسية فى مصر بدلا من الإصرار على اشراك الجماعة التى لفظها الشعب كله فى العملية السياسية، إلا أن المصريين فوجئوا بموقف سلبى ووقف للتعاون الاقتصادى وتحيز لوجهة النظر التى يرددها المناوئون لثورة 30 يونيه دون سبب مفهوم سوى انه تنسيق مع دول كبرى، وقد يكون ثمنه باهظا لان دعم الارهاب – حتى لو جاء بشكل غير مباشر - عادة ما تكون ارتداداته سلبية ومدمرة. فهل تعي طوكيو هذه المخاطر وتشهد الفترة القادمة تطوراً إيجابياً فى الموقف اليابانى تجاه مصر بما يعكس عمق علاقات الصداقة التاريخية؟ ام يستمر الموقف غير المفهوم الذى يدرك المصريون انه غريب ان يأتى من هذا البلد الصديق الذى وقفنا الى جانبه لاحياء ذكرى كارثة 11 مارس 2011؟