فى مصر 2088 حالة زواج كل يوم، بمعدل 87 عقدا كل ساعة وفقا لتقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ومن أهم الأوراق الواجب توافرها عند الذهاب إلى المأذون بطاقة الرقم القومى للعروسين وشهادة صحية، يحصلان عليها بعد إجراء فحص طبى ما قبل الزواج للعروسين من أى مستشفى عام، حيث نص القانون على وجود الشهادة الطبية للزوج والزوجة يعد شرطا لإتمام عقد الزواج. وعندما يذهب العروسان للمستشفى لمحاولة استخراجها يجدا المفاجأة بأن الشهادة للبيع، حتى تحولت إلى مجرد شهادة صورية يمكن لأى شخص استخراجها دون الذهاب للمستشفى العام، وتباع فى السوق السوداء على أبواب المستشفيات ب 100 جنيه. علماء الدين يؤكدون ضرورة توقيع الكشف الطبى قبل الزواج للمحافظة على الحياة الزوجية ومنعاً للغش والتدليس، وطالبوا بوضع تصور إسلامى صحيح لشكل هذه الشهادة حتى لا يخدش حياء المرأة أو كبرياء الرجل. وانتقد علماء الدين جهل العديد من الناس بأهمية الكشف قبل الزواج واعتباره إهانة لبناتهم وأبنائهم المقبلين على الزواج فى بعض الأحيان، بل ويعتبرون الشهادة الصحية المفترض إتمامها فى احد المستشفيات لتقديمها مع الأوراق المطلوبة لعقد القران هى شكليات فقط ولكن فى الحقيقة هذه الشهادة فى غاية الأهمية خاصة إذا كان طرفا الزواج أقارب. ويقول محمد عبدالوهاب عبدالغني، مأذون شرعي، أن الشهادة الصحية أصبحت من أهم الأوراق الرئيسية لاستخراج عقد الزواج ورغم أنها ورقة صورية لكنها مطلوبة، ولم يصادف أى مأذون أن هناك شهادة مثلا تمنع عملية إتمام الزواج، وفى الفترة الأخيرة لم يقتصر الأمر على مغالاة الوحدات الصحية فى ثمنها ولكن تحولت لتجارة وذلك لتطبيقها فى ظروف لم تسمح بتطبيقها بشكل سليم رغم أن اشتراط الشهادة الصحية للمقبلين على الزواج بمصر تم فى عام 2008. والتحليل الطبى للزوج والزوجة يتكلف نحو 1000 جنيه، ويوجد عدد 2 استمارة مطبوعة بقيمة 25 جنيها بعد أن كانتا تباع بسعر 180 جنيها فى السابق، وليس لهما أى قيمة لأنه لا يتم أى فحص طبى للزوجين، وهناك طابع زواج من (بنك ناصر) يحصل عن طريق البريد إلى بنك ناصر قيمة الطابع 50 جنيها، والطابع نفسه (مزيف) ويباع خارج البريد ب 15 جنيها، والشهادة، ليس لها قيمة ولا يستفيد منها إلا المستشفى بقيمة ال 25 جنيها وهناك أشخاص يبيعون تلك الشهادات أمام المستشفيات بقيمة 100 جنيه للشهادة! الكشف الطبى ضرورة من جانبهم يؤكد علماء الدين أن تقديم شهادات طبية غير حقيقة للمقبلين على الزواج، يعد مخالفة شرعية، ويقول الدكتور سعيد عامر أمين عام اللجنة العليا للدعوة الإسلامية، ، أن الزواج آية من آيات الله، وسُنة نبوية، وفطرة إنسانية، وضرورة اجتماعية، ويقوم على المودة والسكن والرحمة، ويتطلب ذلك حقوق وواجبات بين الزوج والزوجة، ولدوام العشرة بالمعروف، أرشد الإسلام كل من الخاطب والمخطوبة أن يسأل ويتحرى عن مخطوبته وأسرتها وأن تسأل هى عن سلوكياته وبيئته وحالته الدينية، فهذا أدوم للحياة، وقد أرشد النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى النظر وتحرى كل منهما ما عند الآخر على قدر العرف والحاجة، ومن هذا المنطلق ما أمر به ولى الأمر من توقيع الكشف الطبى على كل من الخاطب والمخطوبة، فهو أمر مشروع لأن لولى الأمر فى المباح أن يقيده أو يطلقه إذا اقتضى الأمر ذلك، ولما ظهر كثير من الأمراض فى وقتنا هذا خاصة الأمراض الوراثية، كان لولى الأمر أن يوجب ذلك على الرعية، حفاظاً على الزوج والزوجة والأبناء، وهذا أدوم للحياة، وأجلب للعشرة بالمعروف، ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية. والنبي، صلى الله عليه وسلم، يوصى الخاطب فيقول : (انظروا فإنه أحرى أن تؤدم بينكما المودة)، وكان كثيرا ما يقول لأصحابه إذا أراد أحدهم خطبة امرأة: (أنظرت إليها؟) كل ذلك لدوام العشرة بالمعروف وللبعد عما ينفر سواء كان خُلقياً أو مرضاً وراثياً، أما كل من أقدم على التزوير للحصول على شهادة طبية دون توقيع كشف طبى حقيقى من الطبيب المختص ومعامل التحاليل المعتمدة، فهو مخالف لولى أمره وغاش لنفسه، وقد أمرنا الله بطاعة ولى الأمر فيما لا يخالف شرع الله. اختلاف الفقهاء ويقول الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، إن الإسلام فى الأصل نهى عن الغش والغرر أى (الخداع) وهذا إن جاز فى أبواب المعاملات الإسلامية، فإنه يكون أشد نهياً فى باب الزواج، لأنه علاقة مؤبدة تعتمد على الثقة وميثاق غليظ بين العبد وربه، كما جاء فى قوله تعالي: (وأخذنا منكم ميثاقا غليظا) لذا فقد حدد الفقهاء عيوبا خلقية إذا أخفاها أحد الطرفين على الآخر قبل الزواج، ولم يعلم بها الطرف الآخر كان من حق المتضرر منها أن يطلق بإرادته المنفردة أو باللجوء إلى القضاء إذا كان ذلك من طرف الزوجة، لإثبات هذا العيب والحكم بالتطليق، وإذا أخفى أحد الطرفين على الآخر ذلك فإن من حق المتضرر الذى علم بذلك بعد العقد وبعد الدخول للمرة الأولي، أن يطلب فسخ العقد بسبب الغش، لذا فقد حث الإسلام على مكاشفة كل من الخاطب والمخطوبة، لإخطار الآخر بالعيب الموجود فيه سواء كان عيباً بدنياً أو نفسياً كالأمراض العقلية ونحوها فإما أن يرضى الخاطب بهذا قاصداً وجه الله فينتفى الغش والتغرير، وإما أن يرفض ذلك ولا يستمر العقد، وقد اختلف الفقهاء بين التضييق والتوسع فى هذه العيوب، فحصرها البعض فى العيوب الخاصة بالمعاشرة فقط، وتوسع فيها البعض فأدخل بعض الأمراض الخطيرة كالجنون وبعض الأمراض المنفرة التى قد تكون بداخل الجسد ولا يراها الزوج، وقد ثبت أن امرأة طلقت فى صدر الإسلام لما اكتشف الزوج بياضا جلديا واضحا فى بطنها، وأخفته عليه فطلقها، وقد كانت الثقة قائمة بين المسلمين فى صدر الإسلام، وكانت خشية الله واضحة عند الأطراف، فكان لا يخفى أحد من الطرفين ما به من مرض أو عيب على الآخر، وله الخيار بعد ذلك، أما بعد أن خربت الذمم والعهود بين الناس ولم يعد بينهم مخافة الله وخشيته وتقواه فأصبح بعض الناس يدلسون عند الزواج. دول لا تشترط وأضاف: إن هناك بعض الدول الإسلامية والعربية التى لا تشترط مثل هذه الشهادات وتترك الأمر لطبيعة الزوجين إذا لم يكن هناك غش أو إخفاء، ولكن الشرع لا يتعارض مع مثل هذه الشهادات، لما فيها من الاحتياط والابتعاد عن شبهة الغش أو الخطأ، وهذا أمر لم يرفضه الإسلام، وإن كان اشترط ذلك فى البيوع والمعاملات وأعطى ضمانا من المتضرر يسمى خيار العيب وهذا فى السلع التى تضمن الربح والخسارة، فيقاس على ذلك عقد خطير مثل عقد الزواج. وطالب الدكتور نجيب عوضين، أهل الخبرة من الأطباء العدول بوضع تصور إسلامى صحيح لشكل هذه الشهادة حتى لا يخدش حياء المرأة أو كبرياء الرجل فلا يجوز طلبه شهادة ببكارة المرأة عند الزواج، لأن هذا أمر مهين لها، ويكتفى بالإقرار بذلك عند إبرام العقد. وإن كان قانون الأحوال الشخصية المصرى لم يدرج هذا الأمر فى نصوصه، فإن القوانين التى نصت على ذلك بعد موافقة الأزهر حلت محل هذا النص. أمر مستحب وفى سياق متصل أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، أن الكشف المبكر على الزوج أو الزوجة أمر مستحب لأن الشريعة الإسلامية نصت على أنه لا ضرر ولا ضرار، ويجب على كل زوج مقبل على الزواج أو زوجة أن يتم الكشف عليهما حتى لا تحدث مفاجأة بأن لدي أى طرف منهما مرض يستحيل العيش معه كما يحدث من حالات طلاق نراها يوميا بأن الزوج غش الزوجة وأخفى عليها مرضا وهذا حرام شرعاً، وأضاف أن تزوير مثل هذا الشهادات حرام شرعاً لأن فيها إخفاء للحقيقة والطرفان آثمان لأنهما اشتركا فى الذنب، كما طالب بأن يرعى الطرفان حدود الله لأنها علاقة مبنية على المودة والرحمة وفيها سكن ورحمة ومودة ويجب أن تبنى على الصراحة والوضوح وليس الغش والتدليس.