عادت الإضرابات العمالية والفئوية من جديد لتطل على الساحة بكثافة وعلى مستوى قطاعات عديدة، بما ينذر بدخول الاقتصاد مرحلة تراجع قد تؤثر على معدل النمو الذى تبحث عنه الحكومة لزيادته خلال الفتره المقبلة. الإضرابات لم تكن وليدة الصدفة، بل انها نتيجة اخطاء تاريخية لمراحل من الاهمال مرت بها الصناعة والقطاعات الخدمية خلال العقود الماضية وحاليا ما يكاد اضراب ان ينتهى ويتم استئناف العمل حتى يدخل عمال آخرون فى إضراب جديد سعيا للحصول على مطالب تأخرت كثيرا . الخبراء يؤكدون ان عدم تطبيق «الادنى للاجور» على الهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الاعمال العام هو الشرارة الاخيرة التى اشعلت الازمة . الفترة الاخيرة شهدت منحنى جديدا للاضرابات بدأ بشركة الحديد والصلب منذ نحو أسبوعين بشركة الحفر المصرية ثم اضراب عمال شركات الغزل والنسيج وفى مقدمتها المحلة وكفر الدوار ثم دخل الى الساحة عمال هيئة النقل العام بمطالبهم المتأخرة من عام 2011 ليجددوها سعيا للوصل الى ما يبحثون عنه. العمال يؤكدون لم يعد أمامنا الا الأضراب والأحتجاج والاعتصام لنبحث عن حقوقنا المهدرة منذ سنوات دون تدخل حقيقى من جانب الحكومة لتقف الى جانبنا فقد تكشف لنا ان صوتنا لن يصل الى الحكومة وصانع القرار الا بالتظاهر والاضراب والاعتصام بعد ان طالبنا كثيرا دون نتيجة. البعض منهم يشير إلى ان الظروف الاقتصادية الحالية صعبة ونحتاج الى تحسين دخولنا فى ظل تزايد التزاماتنا وارتفاعا الاسعارا الذى يلتهم الدخل كما ان الوعود الحكومية لم تعد تجدى معنا فابرز مثال لدينا الحد الادنى للاجر الذى خرجت الحكومه لتؤكد تطبيقه من يناير الماضى ولم نر ذلك فى الوقت الذى تم انتقاء قطاعات للتظبيق عليه دون أخرى . كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة والهجرة, يؤكد ان ما شهدته الساحة من اضرابات كان نتيجه لاهمال تاريخى متعمد من حكومات سابقة لم تهتم يوما بالعمال او تبحث عن حل حقيقى لمشاكلهم مما أدى الى تفاقمها وكانت النتيجة خروج العمال للمطالبة بها . ويوضح أن هناك من يحاول استغلال الظروف السياسية والمرحله الدقيقة التى تمر بها مصر لتحريض العمال على وقف العمل وتعطيل الانتاج ومع ذلك فاننى لست ضد الاضراب وادعو للتفاوض أولا وان يكون الاضراب آخر مرحلة فى حال عدم التوصل الى اى حلول . ويشير الى ان آليات المفاوضة مفتوحة على اى مستوى فى الوزارة حتى يتم التوصل الى حلول معترفا ان ادوات المفاوضة لدى النقابات واصحاب الاعمال والحكومة ضعيفة وتحتاج للتطوير مطالبا بان يكون الاضراب آخر مرحلة بعد استنفاذ مراحل التفاوض . ويشير إلى ان الفترة الماضية شهدت ارتفاع حجم الخسائر فى الشركات ومنها شركات الغزل والنسيج التى توقفت عن العمل وبذلنا مجهودات مضاعفة من أجل التوصل الى حلول وسط تضمن استئناف العمل والحد من نزيف الخسائر التى تتعرض لها خاصة ان قطاع الغزل والنسيج من اكثر القطاعات التى تعرضت لتخريب متعمد وتخسير من أجل البيع خلال العقود الماضيه واهمال من الحكومات . ويؤكد ان تشغيل المصانع بكامل طاقتها الإنتاجية سيحل 90% من نزاعات ومشاكل العمل فى مصر وهو البديل الوحيد أمامنا حتى نبنى مصر فى هذه المرحلة المهمة التى نمر بها، مؤكدا ان الحكومة تتحرك لاعادة قطاع الغزل والنسيج الى سابق عهده وتطويره وضخ استثمارات للشركات المتعثرة وهناك اجراءات تتم على ارض الواقع فى العديد من الشركات ومنها وبريات سمنود وطنطا للكتان وسجاد المحلة . ويضيف الوزير ان الحوار بين العمال والنقابات وإدارات الشركات هو السبيل حتى لا تتفاقم الأمور ويتعطل الإنتاج مؤكدا مجددا ان مصر تعانى من حاله قوضى نقابية ولن يكون هناك استقرار الا بعد اجراء انتخابات بقانون ينظم العمل النقابى ومن ثم يختار العمال ممثليهم بشفافية وحرية فى المواقع العمالية . جبالى المراغى رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يؤكد اننا نمر بمرحله شديدة الصعوبة ونحتاج لتحرك سريع للتعاطى مع الاضرابات والاعتصامات، مشيرا إلى ان يسعى للتواصل الحقيقى مع العمال من خلال النقابات التى توجد على أرض الواقع كاشفا ان هناك عناصر تسعى للزج بالعمال فى الصراعات السياسيه الحالية ولاعتبارات انتخابية ونحن نسعى للخروج من هذا الاطار بأى شكل لدعم الاستقرار والعبور لمرحلة التنمية الحقيقة التى يبحث عنها عمال مصر. ويشير اننا نفتح الاتحاد «بيت العمال» لاى عامل وهدفنا ان يحصل المظلوم على حقه مؤكدا اننا اعدنا مجموعة من التقارير تشمل جميع القضايا والازمات والمشاكل لدارستها مع مختلف الاجهزة والوزراء المعنيين بهدف احداث استقرار نوعى خلال الفتره المقبلة وصولا الى الانتخابات الرئاسيه وتنفيذ خريطة الطريق فى مصر . أما على صعيد الاتحاد المصرى للنقابات المستقله فيرفض الوعود المطاطية من الحكومة لاى أزمات أو مطالب عمالية فيتبنى قضايا العمال من منظور مختلف والذين يطالبون بتشغيل الشركات الحاصلة على احكام نهائية وعودة المفصولين والمجبرين على الاستقالة ولا مجيب حيث يأتى فى مقدمه هذه الشركات طنطا للكتان وغزل شبين والمراجل البخارية والتى يعتصم عمالها داخل اتحاد عمال مصر منذ 14 يوما دون تحرك حكومى لحل مشاكلهم او عودتهم لعملهم . وعلى صعيد الغزل والنسيج فيقول عبد الفتاح ابراهيم رئيس النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج ان القطاع يعانى من أزمة فهناك 32 شركة قطاع اعمال عام يعمل بها 70 ألف عامل تمر بمرحلة شديدة الصعوبة ومنذ ثورة 25 يناير وعقب تولى حكومة الدكتور عصام شرف رئاسة الوزراء سعينا بكل ما يمكن ان نقوم به ان نعرض أزمة قطاع الغزل والنسيج وتوالى الوزراء دون جدوى أو تحرك يعيد لهذه الصناعة ريادتها . ويضيف عقدنا عدة مؤتمرات لعرض مشاكل الصناعة ووضعنا روشته لانقاذها بالتعاون مع العديد من الخبراء وتم تقديمها للحكومة دون جدوى حتى الآن ونضطر كل شهر الى المناشدات والمطالبات للحكومة من اجل توفير فروق الرواتب للعاملين التى لا تتحمل ميزانيات الشركات دفعها قفى ظل الظروف الاقتصاديه الصعبة التى تمر بها وعدم التشغيل بكامل طاقتها نتيجه عدم ضخ استثمارات جديدة للتطوير والتحديث فى الشركات . ويكشف ان نقترحات انقاذ الصناعة تبدأ من دعم الفلاح والتوسع فى زراعة القطن قصير التيلة وتشجيع الفلاح، مرورا بالعمل على توفير الاستثمارات اللازمة لتحديث الصناعة والالات و إصدار القرارات الوزارية لمنع الاستيراد العشوائى ووقف الإعفاءات الجمركية على الواردات من المنسوجات بما يسمح بان تكون هناك منافسة من المنتج المحلى فى السوق المصرية . ويؤكد ان هناك شركات تعمل حاليا جزئيا بما يساعد على توفير جزء من أجور العاملين الا ان هذا الأمر لن يدم طويلا وسستوقف غالبية الشركات اذا لم تدعمها الحكومة والتى يجب ان تتحمل مسئولياتها تجاة العمالفى الشركات داخل المناطق الصناعية. ويشير إلى ان اضراب المحلة والذى انتهى أمس الاول يعتبر من أطول الاضرابات فى القطاع وقد حذرنا منه قبل ان يبدأ بعدة أيام الا ان الحكومه لم تدرك ذلك الا بعد بدء الاضراب مما أدى الى ارتفاع سقف المطالب وامتداد الاضراب لنحو أسبوعين حتى تم التوصل لحلول وسط أمكنت الشركات من استئناف العمل والتشغيل . وأخيرا يعلق الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، قائلاً: إن موجة الإضرابات تتحملها الحكومة بسبب عدم تطبيق الحد الادنى للأجور على عمال الهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الاعمال العام رغم أنهم يستحقون إقرار الحد الأدنى عليهم. وأضاف: أن بعض مطالب العمال موضوعية كتطبيق الحد الأدنى للأجور عليهم، إلا أن البعض الآخر لا يتسم بالموضوعية كالمطالبة بإقالة مجالس الإدارات التى تتكون فى المقام الأول من العمال بجانب الخبراء، موضحًا أن قرار تطبيق الحد الأدنى كان يحتاج إلى دراسات حول كيفية ضبط السوق فالتجار بمجرد إقراره قاموا برفع الأسعار بصورة كبيرة مما أضر بالقطاعات التى تشملها الزيادة.