تواجه مصر والعالم أجمع مشكلات متعددة فيما يتعلق بالطاقة الناضبة المستخرجة من الوقود البترولى .. وهذه المشكلات تتمثل فى انتهاء مخزونه بعد عدة عقود على أقصى تقدير. والتلوث البيئى الناتج عن حرق فى الأنواع المتعددة من الوقود البترولى وأثر ذلك على صحة الإنسان وكل الكائنات الحيَّة فى الكرة الأرضية .. كما تسبب غازات الاحتراق زيادة درجة حرارة عالمنا الأرضى بما يمكن أن تسببه من كوارث طبيعية كالفيضانات والأعاصير المدمرة .. ولذلك فقد توجه العالم إلى إجراء بحوث علمية متعدددة للبحث عن مصادر للطاقة البديلة للوقود البترولى .. وأن تكون تلك المصادر أقل تلوثا للبيئة .. وتأتى الشمس وطاقتها النظيفة على رأس اهتمامات العلماء لأنها طاقة لن تنضب إلا بنهاية العالم. وقد خصَّنا اللَّه فى مصر بشمس لا تغيب طوال العام .. وبشدة تركيز لأشعتها تجعل من مصر مصدرا لطاقة العالم أجمع إذا استثمرت مزاياها النسبية على وجه صحيح .. لكن العقبة الكؤود التى تحول دون ولوج مصر بقوة إلى عصر الطاقة الشمسية هى نقص الامكانات المادية لتطوير تكنولوجيا استخدام الطاقة الشمسية محليا .. بالإضافة إلى فترة غياب الشمس طوال الليل والتى تحتاج بدورها لتكنولوجيا معقدة للتغلب عليها. أما مشكلة التمويل فيمكن حلها عن طريق التعاون مع الدول التى تملك التكنولوجيا لتوطينها فى بلادنا بخامات محلية .. وأيضا مشاركة المبادرات المجتمعية الفردية فى المنظومة عن طريق تقسيط التكلفة التى تشجع الأفراد على استخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية منزليا فى توليد الكهرباء وتسخين المياه على نطاق محدود .. ومن ثم تكاملها مع الشبكة الموحدة بالتوافق سعريا مع الدولة .. والمنزل الواحد يكفيه مولدا للطاقة الكهربية من الشمس .. (الخلايا الشمسية) بسعة 5 كيلو جرامات وسعره الآن نحو 5000 دولار، أو نحو 20 ألف جنيه وهو شامل مولد الطاقة فى اثناء سطوع الشمس والبطارية التى يتم شحنها نهارا لتغطى فترة الليل .. فإذا اتفقت الدولة مع مليون شخص (مليون منزل) للتزود بالطاقة الكهربية عن طريق الخلايا الشمسية .. فهذا يعنى 5 جيجاوات من الطاقة الكهربية 01% من الطاقة المنتجة فى مصر الآن .. بتكلفة كلية 02 مليار دولار وهى تعادل الطاقة المنتجة من محطات نووية، كل منها (1) جيجاوات «1000 ميجاوات» لكن تكلفة المحطة النووية الواحدة (1) جيجاوات تبلغ 4 مليارات دولار وتكلفة 5 محطات نووية (قدرة 5 جيجاوات) ستبلغ 02 مليار دولار .. وبمقارنتها بتكلفة مولدات الطاقة الشمسية لذات القدرة (5 جيجاوات) بواقع مليون وحدة كل منها 5 كيلووات .. سنجدها كما أسلفنا 7 أمثال تقريبا (الطاقة الشمسية أرخص) .. ولذلك أهيب بصناع القرار فى مصر أن يدعموا المبادرات الفردية والعائلية لاستخدام الطاقة الشمسية عن طريق القروض الميسرة والتكلفة المخفضة .. ويمكن أن يولد الأهالى الطاقة من أسطح منازلهم ويزودوا بها الشبكة الأم .. ثم تبيعهم الدولة احتياجاتهم من الكهرباء بذات سعر الشراء منهم أو أقل. أما على المستوى القومى .. فستظل مشكلة تخزين الطاقة الشمسية نهارا لاستخدامها ليلا هى أهم المشاكل التقنية التى تعوق الاعتماد على تلك الطاقة .. ذلك التخزين الذى يتم إما حراريا (تخزين الحرارة مباشرة باستخدام التحول من الحالة الصلبة إلى السائلة .. وبالعكس ممتصا للحرارة نهارا وطاردها ليلا) .. أو باستخدام البطاريات وهو اختيار صعب التطبيق على هذا المدى الكبير من الطاقة المنتجة قوميا .. ويبقى إذن الحل الذى فصلنا له (تشجيع المبادرات الفردية) حلا عمليا وممكنا بتكلفة معقولة وامكان تنفيذه خلال أشهر معدودة. فقط علينا أن نوجه المنح الدولية والتمويل البنكى لهذا الغرض .. ثم نرفع الوعى القومى بالمشكلة وحلولها الممكنة .. ونؤكد من جديد أن الشمس هى كنزنا الذى يمنحنا طاقة لا تنتهى .. وعلينا أن نستثمره بما يعود علينا وعلى العالم بالخير والرجاء. د.أحمد الجيوشى عميد كلية التعليم الصناعى جامعة حلوان