عقدت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في نهاية يناير أعمال الدورة العادية ال 22 لقمة الاتحاد الإفريقي، لأول مرة في تاريخ منظمة الوحدة الافريقية بدون مصر البلد المؤسس بعد تعليق عضويتها في يوليو الماضي. علي خلفية قرار مجلس السلم والأمن باعتبار ثورة 30 يونيو تعديلاً غير دستوري، وهو ما اعتبرته القاهرة يتجاهل الحقائق علي الأرض. وطالعتنا وسائل الاعلام بصورة مقعد مصر خال في القمة الافريقية مسببة الكثير من الألم للموقف الافريقي تجاة مصرنا واعترف بأنني لشدة حزني كنت أحاور نفسي كيف تتخلي إفريقيا عن مصر، وهل هانت مصر وأكرر هل هانت مصر علي إفريقيا؟ واتساءل من المتسبب في هذا، وهل يمكن تدارك الموقف؟ ولكن قبل أن نشرع في تحديد المسئوليات ومدي الضرر وتأثيرة علي مصر يتحتم علينا أن يعلم القاصي والداني أن دور مصر في إنشاء منظمة الوحدة الافريقية بدأ مبكراً، وكانت تري فيها الحصن المنيع الذي يحمي الوحدة الإفريقية، ويحتضن التضامن الإفريقي ويعبر عن الشخصية الإفريقية علي المسرح الدولي، وقد برز دورمصر في الحفاظ علي روح ميثاق المنظمة منذ أول قمة إفريقية استضافتها علي أرضها في يوليو 1964. لقد شاركت مصر في جميع اجتماعات المنظمة وكان لها صوت مسموع في الدعوة لاستقلال ناميبيا، وفي معارضة التفرقة العنصرية بجنوب إفريقيا وروديسيا وجهود الوساطة وحل النزاعات وفي المشاكل الاقتصادية، والديون المتراكمة علي الدول النامية. ويُعد إنشاء جهاز آلية فض المنازعات الافريقية من أبرز المبادرات المصرية منذ نشأة المنظمة. وكذلك اقترحت مصر في القمة الافريقية الثلاثين (تونس يونيو 1994) إنشاء مركز مصري لحفظ السلام وتدريب الكوادر الافريقية وقد تم إنشاؤه في عام 1995، ثم اقترحت في القمة الافريقية الرابعة للاتحاد الإفريقي (ابوجا 30 31 يناير 2005) ثلاث مبادرات للتعاون بين دول القارة والتي تتلخص في إنشاء مركز افريقي للامراض المستوطنة والمعدية والإيدز في تجربة رائدة أشادت بها المنظمات الدولية. والثانية تمثلت في دعوة مصر إلي استحداث مجلس افريقي لوزراء الكهرباء والطاقة الأفارقة تتبع المجلس الاقتصادي والاجتماعي للاتحاد الافريقي. والثالثة استعداد مصر لاستضافة المحطة الأرضية لقناة الإتحاد الافريقي الفضائية لتحقيق التواصل بين ثقافات القارة خلال بث الإرسال بمختلف لغاتها، بالاضافة إلي استعداد مصر لوضع اقمارها الصناعية (النايل سات) في خدمة القناة الافريقية الفضائية. اذكر هذه الجهود ليس من باب المن ولكن توضيحا لتاريخ حافل للسياسة المصرية ومجهودات سابقة لابناء مخلصين للوطن ومكاتب شركة النصر للاستيراد والتصدير المنتشرة في كل العواصم الإفريقية ودورها الرائد . فمصر ناصر كانت القبلة التي يتجه اليها الاشقاء الأفارقة تثقيفا وتعليما وملاذا لحل امور جسدت رصيد القاهرة الافريقي بل أؤكد انه سادت فترات كان العديد من الوزراء في دول افريقية مختلفة من خريجي الجامعات المصرية والقادة من الكليات العسكرية المصرية. كل هذه النجاحات، رغم كل محاولات إثيوبيا هيلاسلاسي الحصول علي الزعامة .فمصر التي ساعدت حركات التحرر الافريقية للخروج من عباءة الاحتلال الغربي سواء كان فرنسيا أو إنجليزيا أو حتي برتغاليا..وكانت خير داعم للاشقاء في شتي أرجاء القارة. وجاء حادث أديس أبابا مبارك ليوقف التعاون المصري الإفريقي، ويضرب في مقتل دور مصر متخلية عن واجباتها تجاه أشقائها، وينتج عنه حسب تقديري انفصال جنوب السودان وابتعاد مصر عن دائرتها الطبيعية الافريقية. ثم الجرأة الإثيوبية لبناء سد نهضتهم علي حساب حصة مصر من مياه النيل اجحافا بحقوقنا التاريخية واستقواء بالولايات المتحدة وإسرائيل بدعم مالي وغطاء سياسي بعد سماح إثيوبيا بهجرة يهود الفلاشا لاسرائيل، وتجسد التراجع بوضوح في خيبة تصويت مونديال 2010 المنظم إفريقيا وحصولنا علي أكبر صفر في تاريخنا المعاصر. وجاء قرار الاتحاد الافريقي بتعليق عضوية مصر بعد ثورة 30 يونيو استجابة لضغوط عديدة غربية أمريكية أولا وإفريقية كارهة ثانيا مع ضعف شديد للخارجية المصرية وتباطؤ في الأداء ليسمح بموقف يمثل سابقة خطيرة لمصر الرائدة إفريقيا ويظهر حقيقة وقدرة أداء مترهل ضعيف بل افتقادهم المقومات الشخصية للاقناع مع عدم وجود خطط والاكتفاء برد الفعل كاحد أبرز سمات الضعف وغياب التخطيط. والغريب هو زيارة وفد الاتحاد الافريقي برئاسة ألفا عمر كوناري مبعوث الاتحاد الافريقي رئيس مالي السابق إلي مصر واستطلاع الموقف وإصدار تصريح حول ثورة الشعب المصري في 30 يونيو ورفض الوفد استخدام تعبير انقلاب وحث الجميع علي الالتزام بتنفيذ خريطة الطريق بعد زيارتين لمصر ولقاء شيخ الأزهر د.أحمد الطيب والبابا تواضروس وزيارة المعزول مرسي في محبسه، وطلبهم من مرسي إصدار بيان لوقف العنف فرفض وتعلل بعدم تواصله إعلاميا ورفض تكليفهم بالابلاغ فكيف تبدلت المواقف وتغيرت التصريحات؟ جاء بعد ذلك موقف البيت الابيض بتجاهل دعوة مصر القمة الأمريكية الافريقية في واشنطن والتي ستعقد في أغسطس 2014 ليظهر العداء الأمريكي لثورة 30 يونيو التي حطمت احلام الادارة الامريكية في تقسيم مصر وتدمير جيشها الوطني الصلب الذي اوقف المخطط الصهيوني بتقسيم الوطن العربي لدويلات صغيرة يسهل السيطرة عليها لنهب ثرواتها واستعباد شعوبها . إن المطالبة بتوجه مخطط إلي اشقائنا في إفريقيا ليس ترفا أو بدعة وانما أحد مطالب الامن القومي المصري وأن كل مساحة تترك خالية من وجودنا إفريقيا تملأ بوجود من الاعداء والمنافسين وقيام شركات إسرائيلية مدعومة أمريكيا باجراءات تخطيط وتنفيذ سد النهضة الاثيوبي. إن الدستور الجديد أكد الانتماء العربي والافريقي ولهذا أطالب الحكومة بتدارك الامر ورسم خطط مستقبلية لتعود بمصر للموقع المناسب وعلي كل جهات ومؤسسات الدولة العمل علي تحقيق أهداف مصر الجديدة الرائدة عربيا وإفريقيا وإقليميا بتخطيط جيد مدروس ووضع آليات للتنفيذ، كما اؤكد ضرورة إنشاء وزارة للشئون الافريقية. لمزيد من مقالات لواء/ محمد الغباشي