نقابة المحامين تتكفل برسوم إعادة قيد القضايا المشطوبة وتدعو الأعضاء للتواصل العاجل    كفاية إنكار.. "أديب" يطالب الحكومة بالكشف عن حقيقة "البنزين المغشوش"    انقطاع المياه عن قرى مركز الخانكة لمدة 7 ساعات اليوم.. تعرف على السبب    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    أخبار الاقتصاد اليوم، 560 جنيها تراجعا في سعر جنيه الذهب , أسهم 5 قطاعات تتصدر قائمة الأكثر قيم تداول خلال جلسة نهاية الأسبوع، وخبير: الحكومة حظها وحش والتوترات الجيوسياسية تخنق الاقتصاد    أمريكا تحذر من هجوم جوي كبير على أوكرانيا وتطالب مواطنيها بالاحتماء في الملاجئ    وزير سعودي يزور باكستان والهند لوقف التصعيد بينهما    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. صاروخ يمنى يرعب إسرائيل.. العقارب تجتاح مدن برازيلية.. ميتا تحجب صفحة إسلامية كبرى فى الهند.. وترامب يتراجع فى حربه التجارية مع الصين    فلسطين تتابع بقلق التطورات الخطيرة بين باكستان والهند وتدعو لضبط النفس    طيران "إير أوروبا" تلغى رحلاتها إلى تل أبيب غدا الأحد    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    4 مواجهات نارية في ربع نهائي أمم إفريقيا للشباب    «بنسبة 90%».. إبراهيم فايق يكشف مدرب الأهلي الجديد    مصر في المجموعة الرابعة بكأس أمم أفريقيا لكرة السلة 2025    رايو فايكانو يعمق جراح لاس بالماس في الدوري الإسباني    نابولي يتحرك لضم نجم ليفربول    كشف غموض واقعة سقوط ربة منزل من الطابق الخامس فى العبور.. هذا هو القاتل؟    حريق ضخم يلتهم مخزن عبوات بلاستيكية بالمنوفية    زوج يلقي بزوجته من الطابق الخامس أمام طفليهما في العبور    مصرع شخصين فى حادث تصادم دراجة بخارية بسيارة نقل بطريق "بورسعيد- الإسماعيلية"    نجل محمود عبد العزيز: اسم بوسي شلبي لم يرد في إعلام الوراثة.. وخسرت كل درجات التقاضي    عماد الدين حسين: زيارة الرئيس السيسى لروسيا مهمة تكشف عمق العلاقات بين البلدين    التربية متعددة الثقافات كخيار استراتيجي في عالم متغير    كاظم الساهر يحيي حفلين في مهرجان «إهدنيات» في لبنان مطلع أغسطس    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    الصحة: نسعى لاعتماد كافة المراكز والوحدات الصحية بالقاهرة طبقا لاشتراطات GAHAR    «الخسارة غير مقبولة».. طارق مصطفى يعلق على فوز البنك الأهلي أمام بيراميدز    فخري الفقي: تسهيلات ضريبية تخلق نظامًا متكاملًا يدعم الاقتصاد الرسمي ويحفز الاستثمار    الجيش الباكستاني: صواريخ باليستية هندية سقطت داخل الأراضي الهندية    الرئيس الفلسطيني: أولويتنا وقف العدوان على غزة وانسحاب إسرائيلي كامل    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة    محاكمة 9 متهمين في قضية «ولاية داعش الدلتا»| اليوم    إصابة 8 عمال إثر تصادم ميكروباص بسيارة ربع نقل بالمنيا    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية بالبنك المركزي المصري    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 10 مايو 2025    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم السبت 10 مايو في الصاغة (تفاصيل)    الفنانة السورية سوزان نجم الدين تكشف أسرار إقامتها في منزل محمود عبدالعزيز    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    مايان السيد تتصدر التريند بعد كشفها قصة حب هندية قصيرة وأسرار فيلم 'نجوم الساحل    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في لاعب الزمالك ويحمله مسؤولية الأهداف الأخيرة    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    إنقاذ حالة ولادة نادرة بمستشفى أشمون العام    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البكيني والخمور‏..‏ ومنتهي الخطر‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 01 - 2012

توقفت مليا أمام تصريح صبحي صالح لصحيفة لوس أنجلوس تايمز‏:‏ الأولوية للاقتصاد ونحن مهتمون بحل مشكلات الفلاحين والمزارعين أكثر من محاربة البكيني والخمور‏!‏ أولا هو تصريح يدل علي نضوج سياسي يمكن أن نلاحظه في أداء جماعة الإخوان المسلمين أخيرا, فالاقتصاد وحياة الناس ومعيشتهم لها الغلبة علي قضايا هامشية حاول البعض أن يشغل عقول المصريين بها في الفترة الأخيرة..
لكن أيضا لم أكن أود أن ترد كلمات من عينة (البكيني والخمور) في أي عبارة علي الإطلاق, ليس لا سمح الله- من باب الاعتراض علي محاربة البكيني والخمور, وإنما من باب المبدأ والمفاهيم, فلا أتصور أن البكيني شائع في مصر إلي هذه الدرجة, أو كانت له أولوية في حياة المصريات وأزيائهن في أي فترة تاريخية, لا في أيام الملكية ولا أيام الجمهورية, حتي في أفلام الأبيض والأسود وهي تستعرض حياة الطبقة الوسطي العليا أو الطبقة الارستقراطية علي شواطئ المصايف, لم يكن البكيني هو لباس البحر للنساء, مع أن أغلب أهل مصر وقتها كانوا مهذبين محترمين متحضرين لا يتحرشون بالنساء في الشوارع ولا يطاردون الفتيات علي الشواطئ!
وحين ظهر البكيني في أفلام نهاية السبعينيات كان مبالغا فيه بشدة, وعكس ذوق نوعية جديدة من جمهور السينما, يملك المال دون حد أدني من الثقافة, نوعية صاحبت فترة الانفتاح الاقتصادي والهجرة إلي بلاد النفط, وما تلاها وصبغت مصر وفنونها بشهواتها الحسية وفراغ عقلها, من أول العري إلي قعدات الدخان الأزرق والتجارة في الصنف!
لكنها لم تكن مصر..كانت فقط جانبا معتما منها..في فنها السينمائي ولم يتجاوزه إلي الواقع, وحتي النساء اللائي لبسن البكيني علي شواطئ خاصة أو مغلقة فلم يكن سوي فئة محدودة للغاية وخارج سياق الثقافة العامة للمصريين: رجالا ونساء, مسلمين ومسيحيين, فالمصريون لم يتخلوا عن دينهم أبدا, ولم يبتعدوا عن تعاليمه, خاصة في المظهر والشكل!
والمصريات عموما إما محجبات أو منقبات لا سيما في الأوساط الريفية والشعبية, وهي أوساط تضم ما لا يقل عن 70% من سكان مصر, ولم تكن الملابس العارية أو المكشوفة شائعة أو متاحة لها في أي وقت من الأوقات, علي الأقل من الناحية الاقتصادية, فأغلب المصريين والمصريات لا يقدرون علي مسايرة الموضات الجديدة, لأنهم مهمومون بالستر ويجرون وراء لقمة العيش المراوغة طوال الوقت, ولا تخطر تلك الأزياء علي بالهم ولا يتصورون وجودها إلا وهم يتابعونها في أفلام السينما أو مسلسلات التليفزيون أو حفلات النجوم والنجمات المنقولة علي الهواء!
وحتي أغلب المصريات المسيحيات لا يستهويهن العري في ملبسهن مطلقا بالرغم من عدم ستر شعورهن, وبعضهن متشددات جدا في الأزياء والتصرفات, لأن المجتمع المصري بطبعه محافظ ومتدين, ونساؤه محتشمات بحكم العادات والتقاليد والتراث الديني الغارق في القدم..إلا في القليل والنادر!
وبالطبع الخمور ليست أمرا شائعا في مصر, لا الآن ولا فيما مضي..
وإذا كان الأمر كذلك, فلماذا أصلا ينشغل المجتمع بمحاربة البكيني والخمور وهما من المحدود النادر ويترك أحوال الناس اليومية وهي كثيرة وشائعة؟!
قطعا..لا يجوز..حتي لا يهدر المجتمع طاقاته في مطاردة الأشباح وطواحين الهواء, تاركا حياة الناس تحت سياط الفقر وأنياب الحاجة وبلادة الخدمات العامة!
فهل يمكن أن نغلق مثل هذه الملفات الرديئة ولا نضيع فيها وقتنا وتفكيرنا..
وهذا النوع من القضايا يشبه صناعة الفتن الوطنية تماما, كالفتنة بين الجيش والشعب, وبين المسلمين والمسيحيين, وبين الشرطة والجمهور, وبين الناس أنفسهم في أي مشكلة تأخذ شكلا عاما!
لكن أخطر الفتن علي الإطلاق هي الفتن الدينية, فالدين طاقة ذرية, يمكن أن تستغل ويشكل منها المتربصون كتلة حرجة تنشطر كالقنبلة محرقة الأخضر واليابس, وأكثر الحروب دموية في تاريخ البشر هي الحروب الدينية, فكل طرف يقاتل وهو يتصور أن السماء تناصره وتشد من إذره فإذا كسب فقد حقق المشيئة الإلهية وإذا قتل فهو من الشهداء الأبرار له الجنة والنعيم المقيم..والمدهش في التاريخ الإنساني أن أغلب الحروب الدينية كانت سبيلا للسيطرة والاستعباد واقلها كان نبيلا ورائعا ودفاعا عن حقوق الإنسان في حياة كريمة حرة, فالأديان لا سبيل إلي العمل بها إلا من خلال البشر المكلفين برسالات السماء, لكن البشر بمرور الزمن تتنازعهم الأهواء والمصالح والأغراض والمكاسب والسطوة والسلطة, فينحرفون بالرسالة في تفسيرات قابلة للتصديق من البسطاء, فيعبرون عليهم إلي أهدافهم الخاصة.
والدين أيضا طاقة نووية سلمية يمكن أن تنير حياة الناس وتبدد ظلمة نفوسهم وتفتح أمامهم أبواب الرقي الحضاري, بشرط أن يفهموا جوهر الرسالات السماوية وأنها جسر الإنسان إلي الحب الإلهي, الذي في داخله حب الإنسان للإنسان, فلا ضرر ولا ضرار, ودفع الضرر مقدم علي جلب المنفعة..
واستخدام تعبيرات من عينة البكيني والخمور والعري والفن الحرام والديمقراطية الفاسدة وهؤلاء كفرة, وهؤلاء لا دينيين.. ألخ, هي نوع من الفتنة الدينية, يجب أن يتوقف مروجوها عن التلفظ بها أو استعمالها أو اللعب بها علي أوتار البسطاء, فالوطن الآن في خطر, ربما هو الأكثر تهديدا لمصر في العصر الحديث منذ محمد علي, خطر يتضاءل أمامه الاحتلال البريطاني بعد ثورة عرابي, والاحتلال الإسرائيلي لسيناء بعد هزيمة 1967, فهذه أخطار لم تكسر إرادة الامة, ولم تهدد بنيانها النفسي والحضاري, وكان المصريون علي علم ودراية بما يريدون, حتي وهم لا يملكون وقتها أدوات درء هذه الأخطار, لكن وعيهم كان متيقظا ولم يفسده التشرذم والانقسامات والتناقضات, وهي عناصر تسللت إلينا حاليا وتحاول أن تسيطر علينا بشراسة مستغلة براءة البسطاء وحبهم لدينهم!
وهذا هو منتهي الخطر!
المزيد من مقالات نبيل عمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.