من يهدد السلام العالمي في2014 ؟ سؤال مثير وربما جاءت الاجابة اكثر اثارة, ففي السادس من الشهر الجاري أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب ان ربع سكان العالم يرون في الولاياتالمتحدة الخطر الرئيسي الذي يهدد السلام في المعمورة. وقد اعتبر24% من المشاركين في الاستطلاع الولاياتالمتحدة اكبر خطر في العالم. وباكستان في المركز الثاني بنسبة8%, ومنح6% من المشاركين المركز الثالث للصين. اما كل من اسرائيل وايران وكوريا الشمالية وافغانستان فقد احتلت المركز الرابع بنسبة5% لكل منها. ويتبعها في القائمة بنسبة4% كل من الهند والعراق واليابان, تليها سوريا بنسبة3%. وحصلت روسيا علي2% من الاصوات فقط. اما فلسطين فنالت نسبة1% ممن يرون في السلطة الفلسطينية خطرا يهدد السلام, وتأتي مع فلسطين في المركز نفسه من التصنيف كل من بريطانيا والمانيا واستراليا وكوريا الجنوبية والصومال. والشاهد ان المسطح المتاح للكتابة يضيق عن التوقف والتحليل لكل دولة ودورها في شيوع الوئام او ذيوع الخصام حول الكرة الارضية, الا ان علامة الاستفهام المؤكدة التي تطرحها نتيجة الاستفتاء: هل سيكون العالم افضل بدون هيمنة الولاياتالمتحدة الامركية, لا سيما وأنها في نظر ربع سكان العالم القوة الضاربة التي تهدد امن وامان وسلامة العالم ؟. ربما يمكن أن نطرح السؤال بصيغة اخري: هل بات الخلاص من امركة العالم امرا واجب الوجود حتي يعود السلام للعالم ؟. الشاهد ان الولاياتالمتحدة ارتكبت أخطاء تصل إلي حد الخطايا الأمريكية حول العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية, غير ان ما جرت به المقادير منذ بدايات العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وحتي الساعة, قد جعل فعل الأمركة معادلا موضوعيا للمصائب التي تحل علي رؤوس العالم, والحديث هنا للبروفيسور يوهان غالتونغ عميد جامعة ترانستد للسلام, ونشرته مؤخرا وكالة أنتر بريس سيرفسس الأمريكية... ما الذي قاله العميد.... هل توجد حلول لمصائب الولاياتالمتحدة؟. يتناول البروفيسور غالتونغ الصراع الذي جري بين الجهوريين والديمقراطيين من أجل إقرار الموازنة المالية الأخيرة, وكيف أن الجهوريين تلبسوا أثواب مصاصي الدماء فيقول: لقد فشل الإرهاب السياسي. فالجمهوريون الأمريكيون استخدموا التصويت في مجلس النواب لتعريض سبل معيشة الملايين من الناس داخل وخارج الولاياتالمتحدة للخطر, وذلك من أجل أهدافهم السياسية الخاصة فارتكبوا نفس الخطأ الذي يرتكبه معظم الإرهابيين, سواء إرهابيو الدولة أو غير الدولة.... هل يعني هذا الحديث أن الأزمة المالية وأزمة الموازنة تحديدا قد أظهرت الشكل المتوحش للرأسمالية الأمريكية, وتاليا للأمركة التي هي القناع الظاهر لها؟ حكما إن ارتفاع عدد الفقراء في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي أكثر من50 ميلون نسمة, وحرمان معظم هؤلاء من كوبونات الغذاء المجاني, والعلاج الشامل علي نفقة الدولة, مع ارتفاع أسعار الفائدة, و زيادة معدلات البطالة جميعها تعني أن هناك خللا أخلاقيا جللا يذكرنا بمقولة حكيم الصين الأكبر كونفوشيوس:لا تخش الفقر في المجتمعات, بل أخشي أن ينتشر التفاوت الطبقي بين الناس, فهذا ما يجلب الخراب والدمار بأسرع مما تحدثه جيوش الأعداء.... هل هذا كل شئ ؟ في كتابه المثير للجدل بشأن الولاياتالمتحدة والمعنون زالصنم.. صعود وسقوط الإمبراطورية الأمريكية ز يحدثنا المؤرخ البريطاني الأصل ز نيل فيرجسون ز عن غرام دعاة الإمبراطورية الأمريكية الجدد بالاستشهاد بقصيدة الشاعر الإنجليزي روديارد كيبلنج المعروفة باسم عبء الرجل الأبيض التي كتبها عام1899 لتشجيع مساعي وجهود الرئيس ميكنلي لبناء الإمبراطورية في الفلبين, هذه القصيدة تشير إلي النموذج الطهراني الذي تحاول أمريكا ترويجه اليوم حول العالم لكن علامة الاستفهام في هذا المقام:س هل بات الناس حول العالم, يؤمنون بهذا المثال أو ذلك النسق البيوريتاني الأمريكي أي بالأمركة الأمريكية؟ الجواب, ولا شك سيحدد مستقبل ظاهرة الأمركة ارتفاعا أو هبوطا. ولعل أقرب الناس للأمريكيين والصق الحلفاء لهم هم الأوربيون, والذين باتوا يرون واشنطن اليوم مصابة بحالة من حالات زالعمي الاستراتيجي ز أخلاقيا وسياسيا, والعهدة هنا علي الراوي, وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة. تري الوزيرة الإسبانية أن العاصفة النارية التي خلفتها أزمة تجسس واشنطن علي حلفائها من الأوروبيين, مثلها مثل الازمات الدبلوماسية الأخيرة التي ابتليت بها الولاياتالمتحدة تعكس مشكلة أكثر جوهرية تتمثل في غياب الرؤية الإستراتيجية عن السياسة الخارجية الأمريكية, وإلي أن تتمكن الولاياتالمتحدة من إنشاء إطار جامع هادف تستطيع من خلاله أن تتواصل مع العالم, فان النهج القائم علي ردود الأفعال سوف يستمر لا محالة.... هل يذكرنا هذا التصريح بما قاله ثعلب السياسي الأمريكية هنري كيسنجر أخيرا؟ يري كيسنجر أن إدارة أوباما والتي خيل للأمريكيين في الداخل وللعالم في الخارج أنها ستعيد البريق لظاهرة الأمركة, ربما تكون ماهرة علي صعيد الأمور التقنية الآنية, لكن فاشلة مستقبليا لا سيما في رسم صور وإطارات واستراتيجيات تقدمية للبلاد, وعليه فقد خبأ وانطفأ نور الأمركة في عهد أوباما علي صعيدين أخلاقي ومادي.. لمزيد من مقالات إميل أمين