الإسلام هو دين الأمن والسلام, وكلمة الإسلام مشتقة ومأخوذة من السلام, وتحية المسلمين فيما بينهم السلام, وهذا كله يدعو الناس إلي أن يوقنوا بأن أي سلوك يخالف الأمن والسلام, لا يقره الإسلام, بل يتنافي مع الإسلام ويخالفه. وقد أكد رسول الله صلي الله عليه وسلم حرمات المسلمين قبل أن يودعهم ويلحق بالرفيق الأعلي حفاظا عليهم وعلي أمنهم واستقرارهم بعده, فكانت وصيته الجامعة للأمة الإسلامية في خطبة الوداع: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت, ويتوعد القرآن الذين يشيعون الإرهاب والعدوان علي النفس فيقول الله تعالي: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما( سورة النساء:93). بل إن اعتداء الإنسان علي نفس أخيه الإنسان, خروج من دائرة الإيمان, ونزوع إلي الكفر, ورجوع إليه, وإلي جاهليته تلك التي نهي الرسول صلي الله عليه وسلم عنها, وحذر منها في قوله صلي الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض رواه الترمذي. وحفاظا من الإسلام علي استتباب الأمن واستقرار العباد والبلاد, يدعو إلي الأمن مع جميع الناس, ويحذر من العدوان ومن الإرهاب حتي مع غير المسلم, وحتي مع الفاجر, ففيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية, ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلي عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية, ومن خرج علي أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشي من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منهرواه مسلم. ومن رعاية الإسلام لتأمين الناس, وتحذيره من إرهابهم, ومن ترويعهم, أنه ينهي عن مجرد الإشارة بالسلاح أو بالحديدة حتي وإن لم يحدث ضرب ولا اعتداء, مخافة أن ينتزعها الشيطان من يد حاملها, عن أبي هريرة رضي الله عنه, عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: لا يشر أحدكم إلي أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار رواه البخاري ومسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: من أشار إلي أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتي يدعه وإن كان أخا لأبيه وأمه رواه مسلم والترمذي. وتحريم الإسلام لترويع الآمنين تترتب عليه أحكام, وتترتب علي من لم يحافظ عليه أحكام, زيادة في رعاية الحق في الأمن والاستقرار, وتأكيدا علي تحريم الترويع. وقد جاء في ترويع الآمن وإرهاب الناس الوعيد الشديد, وهذا الوعيد لا يكون إلا في الكبائر من ذلك: قال ابن عمر رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: من أخاف مؤمنا كان حقا علي الله ألا يؤمنه من إفزاع يوم القيامة رواه الطبراني. حتي لو كان ترويع الإنسان أمرا بسيطا, أو في أمر هين وليس في نفسه أي خطر علي حياته, وحتي لو كان علي سبيل المزاح فإنه حرام يحذر منه الإسلام, بل حتي مجرد النظرة المخيفة يعتبرها الإسلام ترويعا, ويحرمها, فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من نظر إلي مسلم نظرة يخيفه منها بغير حق أخافه الله يوم القيامة رواه الطبراني. هذه تعاليم الإسلام في الحفاظ علي الأمن والاستقرار, وطمأنينة الناس, والتحذير والنهي عن ترويعهم أو إرهابهم, حتي ولو كان علي سبيل المزاح, حتي ولو كان بالنظرة فقط دون الفعل, فكيف بأولئك الذين ينتهكون الأعراض, ويتطاولون علي الآمنين, وعلي عباد الله, لاشك أن وعيد الله الشديد الذي يلاحق أولئك الذين يروعون الناس ويرهبونهم, ينذرهم بما هم فيه من شر, وما هم عليه من كبائر, وما ينتظرهم من عذاب الله ومؤاخذته, فإن الله تعالي يملي للظالم حتي إذا أخذه لم يفلته: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار. لمزيد من مقالات د.احمد عمر هاشم