نجح ثلاثة كتاب مصريين فيالوصول بأعمالهم إلي القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية التي تم إعلانها أخيرا و هم إبراهيم عبد المجيد عن روايته الإسكندرية في غيمة, وأحمد مراد عن رواية الفيل الأزرق, وأشرف الخمايسي عن روايته منافي الرب.وتتنوع الروايات الثلاث فيما تقدمه وتعالجه من قضايا اجتماعية في قوالب روائية مختلفة تاريخية وبوليسية ومنها ما يتخذ الثقافة الشعبية خلفية لها. في روايته الإسكندرية في غيمة الصادرة عن دار الشروق; يستكمل إبراهيم عبدالمجيد مشروعه الروائي في رصد تحولات مسقط رأسه ومعشوقته الإسكندرية لا بوصفها مكانا أو مجتمعا بشريا متميزا, ولكن بوصفها شاهدة علي تحولات الحياة المصرية عبر التاريخ حيث تعد تلك الرواية هي الثالثة بعد روايتين سابقتين تناول فيهما عبدالمجيد الإسكندرية في مراحل تاريخية مختلفة, بدأت تلك الثلاثية ب لا أحد ينام في الإسكندرية رصد فيها ما تعرضت له خلال الحرب العالمية الثانية, بينما رصد في طيور العنبر التحولات إثر العدوان الثلاثي وقرارات التأميم عام1956, لتأتي الإسكندرية في غيمة لتتناول تحولات المدينة المختلفة بعد تولي الرئيس السادات الحكم, حيث الانفتاح الاقتصادي وانتفاضة الخبز والصلح مع العدو الإسرائيلي, وما تخلل تلك الحقبة من الهجمة علي اليسار في مقابل صعود الإسلاميين في السبعينيات من القرن الماضي, وما تبعه من تحولات علي المستويات السياسية والثقافية والاجتماعية راصدا كيف تحولت المدينة المتسامحة إلي مركز قوي وبؤرة للحركات الدينية المتشددة و كيف ضربها القبح المعماري مع الانفتاح الاقتصادي, وبين السطور ومع أحداث الرواية لا تملك إلا أن تري كيف يشبه اليوم البارحة كما جسد ذلك عبد المجيد بكلماته أعرف الشعب المصري جيدا. سيمشي وراء الوهابيين لأن النظام السياسي يوسع لهم. في النهاية سيضحك عليهم. سيكون الحجاب زيا عاديا وليس علامة علي الإسلام. وسيكون الذقن و الجلباب طريقة عند الكثيرين للتحايل علي الحياة و الناس وهو ما حدث إثر صعود الإسلام السياسي للحكم بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير قبل أن يتم نبذه في موجة30 يونيو وهو ما عبر عنه أيضا بعبارته يرحل الناس و تبقي المدن إلا أن المدن لا تبقي علي عهدها. ونجح أحمد مراد بروايته البوليسية الفيل الأزرق الصادرة عن دار الشروق أيضا في أن يفتح أفقا جديد يضع من خلاله الرواية البوليسية العربية في منافسة قوية مع أعمال أدبية آخري تتناول الصراع علي الهوية والدين والعرق اعتادت أن تضمها قوائم الجائزة منذ إطلاقها حيث تعد رواية مراد الرواية البوليسية الأولي التي تصل الي القائمة الطويلة علي مدي عمر الجائزة, كما أنها ليست الأولي للكاتب الشاب حيث سبق له إصدار روايتين بوليسيتين جاءت روايته الأولي فيرتيجو التي ترجمت لأكثر من لغة وصدر منها أكثر من طبعة وتحولت إلي مسلسل تليفزيوني بالعنوان نفسه, و تبعتها روايته الثانية تراب الماس في الإطار نفسه وحققت بدورها نجاحا لافتا, وتحولت الفيل الأزرق إلي فيلم سينمائي في انتظار عرضه قريبا. وتدور الرواية حول قصة الدكتور يحيي, الطبيب النفسي الذي انقطع سنوات عن عمله بمستشفي العباسية وأهمل بحثهالجامعي في الدكتوراه,بعد أن فقد زوجته وطفلته في حادث مرور,وبعد تلقيه إنذارا بالطرد إذا لم يلتحق بعمله,يعود يحيي مجبرا لمستشفي العباسية في جناح جديد8 غرب والمتخصص في الحالات النفسية والقانونية الصعبة ليجد نفسه أمام أحد أصدقائه القدامي من الأطباء ويدعي شريف الكردي والمتهم في الوقت نفسه بقتل زوجته الأمر الذي يقلب حياة يحيي رأسا علي عقب ليصبح ما بدأ كمحاولة لاكتشاف حقيقة صديقه, رحلة مثيرة لاكتشاف نفسه أو ما تبقي منها. فيما يثيرالروائي الأقصري أشرف الخمايسي الجدل بروايته منافي الربالصادرة عن دار الحضارة والتي تدور أحداثها في واحة متخيلة في صحاري الوادي الجديد تدعيالوعرة, واسم بطلها حجيزي وهو عجوز تعدي عمره المائة عام, عاش حياته مهتما بقضية خلود الإنسان فسعي لتنفيذ خطة يهرب بها من الدفن إذا مات, بدءا من التحنيط وحتي البحث عن دين يمنحه الخلود, أو يقيه الدفن, حيث يناقش من خلالها جدلية الفناء والخلود والبحث عن الذات واليقين من وجهة نظر إنسانية عبر الاشتباك مع الموت والحياة, ليؤكد الكاتب من خلال روايته أن الهروب إلي منافي الرب ليس أكثر من مجرد وهم صنعه الإنسان في عقله فقط, مؤكدا أنه لابد من التحرر من عبوديتنا لأوهامنا حتي لا نموت ونحن أحياء, ومن المتوقع أن تثير الرواية ضجة في الأوساط الدينية المسيحية والإسلامية علي السواء, إذ إنها تتعرض بجرأة للعلاقة القائمة بين الله والإنسان, خاصة أن المسيح عيسي بن مريم والنبي محمد عليهما السلام شخصيتان فاعلتان في الرواية.