تصاعدت وتيرة التطورات الدراماتيكية في المشهد السياسي التركي بسرعة كبيرة أمس بسبب فضيحة الفساد الكبري التي تورط فيها كبار المسئولين في حكومة رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي. ففي الوقت الذي انتشرت فيه أنباء عن هروب بلال نجل أردوغان المطلوب للتحقيق بتهمة ارتكاب جرائم فساد واستغلاله لمنصب والده من تركيا إلي جورجيا دون استخدام جواز السفر, وصف رئيس الحكومة التركية عشرات الأعضاء الذين أعلنوا عن تقديم استقالتهم من حزب العدالة والتنمية الحاكم ب الخونة, وفي حالة استقالة هؤلاء النواب فسيتم توجيه الدعوة لانتخابات مبكرة. وكشفت صحيفة يورت التركية عن هروب بلال أردوغان, إثر إعلان قائمة أسماء متورطة في قضايا فساد ورشاوي طالت عددا كبيرا من السياسيين ورجال الأعمال والبيروقراطيين للاشتباه في تورطهم في التلاعب والتزوير والفساد في28 مناقصة تصل قيمتها إلي100 مليار دولار. وأكد معصوم توركر رئيس حزب اليسار الديمقراطي في تصريحات خاصة لمحطة الشعب الفضائية الإخبارية صحة أنباء هروب بلال من تركيا خوفا من اعتقاله. وفي هذه الأثناء, واصل أردوغان الدفاع بقوة عن سياساته, منددا في كلمتين ألقاهما في مطار أتاتورك باسطنبول الدولي ثم في حي اوسكودار ب المؤامرة التي تستهدفه, قائلا إن الهدف الرئيسي لهذه العملية هو أنا. ومع أنه لم يذكره بالاسم, وجه أردوغان أصابع الاتهام مجددا إلي حركة الداعية الإسلامي فتح الله جولن المتهم بأنه يقف وراء التحقيقات في فضيحة الفساد. وأضاف أن التطورات الأخيرة هي نتيجة لمسألة المدارس الخاصة, في إشارة إلي المدارس التي تملكها حركة جولن, موضحا أن الادعاء العام لا يمتلك أي دليل ضد حكومته. وكان قد أعلن في وقت سابق في كلمة ألقاها في سكاريا بشمال البلاد أن هذه المؤامرة هي عملية تهدف إلي منع قيام تركيا الجديدة. ومن جانب آخر, وصف أردوغان الأعضاء المستقيلين من حزبه العدالة والتنمية بالخونة, مضيفا أنه من انطلق معنا في هذا الطريق ثم خاننا وتركنا في وسطه فلن ندعوه للسير معنا مرة أخري,وسنتخلي عنه كما تخلي عنا, أشكرهم علي ما قدموه لنا في الماضي, لكن لا أشاركهم الرأي ولا أقبل ما يقولونه الآن عنا, فالشعب لم يعطهم أصواتهم حتي يخونوهم. وفي هذا الإطار, أكد حسن حامي يلدرم نائب حزب العدالة والتنمية عن مدينة بوردور في رسالة علي صفحته بموقع التواصل الاجتماعي تويتر أن هناك25 نائبا من حزب العدالة والتنمية يستعدون لتقديم استقالاتهم احتجاجا علي قضايا الفساد والرشاوي وتدخل رئيس الوزراء في شئون القضاء والأمن, فيما تستعد رئاسة الحزب الحاكم لتقديم يلدرم للجنة تأديبية. وذكرت صحيفة طرف أن ستة نواب تقدموا باستقالاتهم منذ بدء حملة الاعتقالات بسبب فضيحة الفساد. وأشارت الصحيفة إلي معلومات تؤكد أنه في حالة تقديم25 نائبا لاستقالاتهم من الحزب الحاكم علي حد مضمون رسالة يلدرم فستعاني حكومة العدالة والتنمية من هزة كبري, وقد تؤدي لسقوطها والتوجه لانتخابات برلمانية مبكرة خلال العام القادم. وفي تطور آخر, تواصلت المظاهرات الحاشدة المطالبة باستقالة أردوغان في مدن أنقرة واسطنبول وبورصا ومرسين وأضنة وهاتاي وأديرنه وأورفة وبالكسير وإزميت, بسبب أكبر فضيحة فساد ورشاوي في تاريخ الجمهورية التركية, بحسب وصف حزب الشعب الجمهوري المعارض. وذكرت محطة إن. تي. في الإخبارية التركية أن المتظاهرين رفعوا شعارات منها أردوغان أيها اللص.. قدم استقالتك, ونطالب بالقبض علي اللصوص ناهبي أموال الشعب, والفساد والرشاوي في كل مكان, ونحن هنا.. أين أنتم يا لصوص؟ واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه والرصاص المطاطي واعتقلت70 شخصا, فيما تضررت محلات تجارية كبيرة علي إثر الاشتباكات بالميدان الذي شهد اندلاع شرارة احتجاجات جيزي بارك في شهر يونيو الماضي.