إذا كانت مصر تمر بأجواء ثورية منذ25 يناير, فقد مرت القارة بتلك الأجواء علي مر تاريخها, وعلي مستويات مختلفة. فقد شهدت إفريقيا ثلاثة أنواع من الثورات. واحدة اقتصادية تمثلت في الانقلاب علي تبعيتهم للأوروبيين, واستغلالهم موارد القارة. وعلي المستوي الاجتماعي, فقد انتفضت القارة علي التقسيمات الطبقية التي فرضها الاستعمار لخدمة مصالحهم. وأخيرا الثورات السياسية التي تمثلت في موجات الكفاح من أجل الاستقلال في النصف الثاني من القرن العشرين. وأمام هذا التاريخ فعلي المصريين الانتباه لشخصية ثارت دفاعا عن قارتهم ورد الاعتبار إليها. هو ماركوس جارفي الذي تأثر في بادئ أمره بشخصية مصرية من أصول سودانية كانت تعيش في لندن هو محمد علي دوس الذي ترك فيه بالغ الأثر الثوري. ولد ماركوس جارفي في جامايكا عام.1887 وقد أثرت بيئة النشأة فيه, حيث ترادفت فيها كلمة أبيض مع السلطة, والثروة, والتمييز علي أساس اللون, مما أثر فيما بعد علي مهاراته حيث برع في الخطابة والصحافة ليعتبر فيما بعد أحد أبرز القوميين السود في القارة السمراء. لم يتح لجارفي قدر كبير من التعليم كما أتيح لغيره, لكنه انتقل إلي لندن عام1912 لتلقي بعض الدروس في كلية بيرك بييكس التي أصبحت فيما بعد جزءا من جامعة لندن لتتاح له فرصة مقابلة الأفارقة الذين يعيشون في بريطانيا, ويعرف الكثير عن الظروف القاسية التي يعيشها الافارقة, ليس في إفريقيا وحدها وإنما في العالم كله. وفي عام1914 عاد جارفي إلي جامايكا, ولديه العديد من الخطط الطموح لعودة أفارقة الشتات إلي حضن قارتهم. فاستطاع تأسيس الرابطة العالمية لتقدم الزنوج في نفس العام. كما أسس عصبة الجماعة الافريقية. وجعل شعار منظماته افريقيا للافريقيين في الوطن وخارجه. وقد أعلنت رابطة تقدم الزنوج لنفسها أهدافا تمثلت في إقامة تلاحم عالمي للسود, وتذكية روح الفخر والمحبة للعرق الزنجي, والمساعدة في تحضر القبائل الافريقية المتأخرة, وإنشاء لجان أو وكالات في الدول والمدن الرئيسية في العالم لتمثيل الزنوج والدفاع عنهم. لقد قاد جارفي حركة ذات طابع شعبي بين السود بلغت ذروتها في الفترة بين1915 1923 عندما دخل السجن عامي1923/.1924 وصلت فيها صورة جارفي عند أفارقة الشتات إلي حد اعتباره المخلص من معاناتهم. لقد مثلت حركة جارفي ردة فعل علي الظلم التاريخي الذي تعرض له الأفارقة علي يد الرجل الأبيض. ولشدة معاناته تطرف الرجل بأفكاره التي رأي فيها أنه مادام الشر يكمن في كل ما هو أبيض فلماذا لا يكون الأسود هو رمز الخير؟ ولأجل تحقيق تلك الأفكار خاض جارفي عدة أنشطة في نفس الاتجاه. فقام بإنشاء كنيسة كل ما فيها أسود, وجمعية للممرضات السود, فضلا عن العديد من المؤسسات التي ترعي شئونهم, وكذلك الدعوة لمؤتمر عالمي أطلق عليه البرلمان الأسود. وأنشأ شركة النجم الأسود وكانت هناك دعاية كبيرة من خلال حملة لإنقاذ السود, فنجح في جمع أموال واشتري أربع سفن, لنقل الأفارقة الذين كانوا ينتظرونه بشغف علي الشاطئ منتظرين المخلص الذي ظل يناضل من أجلهم حتي وفاته في.1940 وأمام مسيرة جارفي, ومهما كانت الانتقادات الموجهة لأفكاره إلا أننا يجب أن ندرك مدي حرص الرجل علي عودة إفريقيا للافريقيين.