كثيرا ما ترددت كلمة الإرهاب في الكتابات المغرضة التي تموّلها دول استعمارية كأمريكا وحليفاتها من دول الاتحاد الأوروبي ويرددها أصحاب الأقلام المؤجَّرة العملاء التُّبَّع، تريد أن تلصق هذه التهمة بالإسلام، بل أصبحت كلمة إسلام عندما تُقال في أوروبا يتبادر إلى ذهن السامعين علاقة هذه الكلمة بالإرهاب، وبفضل الله عز وجل أثبتت التجارب والأيام مَن الإرهابي؟ هل هم المسلمون؟ أم هي أمريكا التي دمرت الصومال ودمرت العراق، ودمرت البلد المسلم أفغانستان دونما جريمة ثابتة هنا أو هناك، وهي أيضا مَنْ دمرت اليابان وألمانيا من قبل؟ أثبتت التجارب إذن من يغذي لهيب الإرهاب الصهيوني في إسرائيل، ومن يكيل عالميًّا بمكيالين، ومن يرى دماء الضحايا تسيل في فلسطين ولا يتكلم ولا يتحرك!! ومن يتدخل تدخلا سافرًا في شئون البلاد ويملي عليها شروطًا مقترنة بمعوناته القذرة التي يقدمها من أجل مصالحه وأهدافه الإرهابية. لكن هل وضع الإسلام منهجًا للحد من ظاهرة الإرهاب؟ أم أنه أباحها ولم يمنعها؟ لا بد أولاً من تحديد معنى الإرهاب؛ إذ إن أمريكيا ومعها كثير من دول العالم تعتبر كل أنواع المقاومة ضد احتلالها وأصدقائها إرهابا!! وهذا مخالف للأحكام الشرعية والمواثيق الدولية. جاء في لسان العرب لابن منظور: "أرهب الرجلُ ركب الرَّهْب، وفلانٌ طال رَهبهُ أي كمُّه، وفلانًا خوَّفهُ"، فالإرهاب إذن هو الاعتداء على الأبرياء والمدنيين بالترويع أو الخطف أو الإيذاء أو القتل أو غير ذلك مما يعتبر اعتداءً وترويعًا. وبهذا المعنى فإن الإسلام منع كل وسائل الإرهاب، ابتداءً من العنف الكلامي الذي نهى عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وطلب من المسلمين الالتزام بالرفق والكلمة الطيبة، وصولاً إلى القتل وهو أشد أنواع الاعتداء، وقد نهى القرآن صراحة عنه، قال تعالى {من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا}، ولم يسمح بالقتل إلا ضمن شروط ضيقة جدًّا، وهي شروط معتبرة في أكثر قوانين العالم. أما إذا وقع الإرهاب من أحد الناس؛ فإن الأحكام الشرعية توجب معاقبته بما يتناسب مع الجريمة التي اقترفها، وليست هناك عقوبة واحدة محددة؛ لأن أنواع الجرائم التي تُرتكب عن طريق الإرهاب مختلفة بشكل واسع؛ فقد تكون اعتداءً جسديًّا، أو نفسيًّا، أو قتلاً، أو خطفًا، أو سرقةً أو غير ذلك.. وكل جريمة من هذه الجرائم لها عقوبتها المناسبة، وقد تكون هذه العقوبة حدًّا منصوصًا عليه، وقد تكون تعزيرًا متروكًا تقديره لولي الأمر. جهاد لا إرهاب إن الإرهاب المقصود الذي تطالب أمريكا وأعوانها الدولَ العربيةَ بالتعاون معها من أجل مكافحته هو في كثير من حالاته جهاد في سبيل الله وحق مشروع، كما يجري في فلسطين والعراق وأفغانستان؛ ومن هنا فلا يجوز للدول العربية والمسلمة التعاون مع أمريكا في هذا المجال. كما أننا نؤكد أن على أمريكا قبل أن تطالب بمكافحة الإرهاب، عليها هي أولا أن تقلع عن كل أنواع الإرهاب الذي تقوم به ضد الشعوب والدول العربية والإسلامية وغيرها من دول العالم أيضًا، فإنها حين تقلع عن ممارسة هذا النوع من الإرهاب يكون من حقها أن تطالب الآخرين بالتعاون معها لمحاربة الإرهاب الحقيقي، من الذي أعان الصهاينة في الهجمة البربرية على أبرياء غزة؟ إنها أمريكا، التي تزعم أنها تحارب الإرهاب. من الذي يتدخل في الشئون الداخلية للبلاد ويعترض على المراقبة القانونية لمنظمات المجتمع المدني في مصر؟ إنها أمريكا. وأيضا عندما ترفض دول كألمانيا وروسيا صدور حكم الإعدام على الرئيس المخلوع من لدن القضاء المصري أوليس هذا إرهابا؟ بأي حق تتدخلون في شئون البلاد وفي قضائها؟ لماذا لم ترفضوا الإعدام في حق الرئيس صدام حسين رحمه الله؟! ألم يكن أشرف رئيس عربي قال لأمريكا الإرهابية: لا، ووقف في وجهها بل وحاربها وغلبها طوال حرب دامت شهرًا أو يزيد؟ ألم يكن صدام حسين حاميًا للبوابة العربية من التغلغل الشيعي الإيراني في شئون البلاد العربية؟ إننا بحاجة إلى التوقف والتبين ومعرفة من هو الإرهابي الحقيقي؟ المزيد من مقالات جمال عبد الناصر