عندما تجد نفسك مضطرا رغما عنك للتوجه الي مصلحة حكومية, سوف تحاصرك مشاعر القلق والاضطراب, وأحيانا الرعب, حتي تنتهي من اتمام المهمة التي ذهبت لأجلها, لكن المثير الذي قد لا يخطر علي بالك, هو أنك قد تجد نفسك. قبل ان تصل أصلا الي مكتب الموظف المسئول, تخرج من مقر المصلحة الحكومية الي غرفة العناية المركزة, أو حتي مشرحة زينهم, والسبب اسمه.. أسانسيرات الموت في المصالح الحكومية. صباح الثلاثاء الماضي, سقط بمقر هيئة النيابة الإدارية أسانسير من الطابق الرابع, وبه عدد من الموظفين وبعض المترددين علي النيابة, نتج عنه إصابة8 مواطنين وتم نقلهم للعناية المركزة. هذه ليست الحادثة الأولي هذه العام فقد شهد عام2013 عددا من حوادث الاسانسيرات التي أودت بحياة عدد من المواطنين, ففي يونيو الماضي شهد مستشفي دمنهور العام حادثا مأساويا راحت ضحيته مريضة وأصيب أخوها إصابات بالغة بعدما سقط بهما اسانسير المستشفي من الدور الرابع, وفي مايو شهدت محافظة البحر الأحمر, إصابة11 شخصا في حادث سقوط اسانسير بمستشفي البحر الأحمر, وأصيبوا بارتجاج في المخ وكدمات مختلفة نتيجة الإرتطام العنيف والمفاجئ, وفي شهر أكتوبر شهدت وزارة الاسكان سقوط اسانسير الطوارئ من الدور الرابع وكان يستقله شخصان إلا أن العناية الإلهية أنقذتهما من الإصابات. القضية كبيرة وتحتاج الي وقفة أمامها وتحديدا في المصالح الحكومية التي تكرر سقوط الاسانسيرات بها في الفترة الأخيرة, وهو ما ينذر بكارثة فنحن لدينا الآلاف من المصالح الحكومية التي يتردد عليها المواطنون يوميا وهي عرضة لكارثة سقوطها في أي وقت.. جمال الدين عبدالمنعم,35 سنة, يقول إن الاسانسير تعطل به في إحدي المرات في أثناء قضائه مصالحه في إحدي المصالح الحكومية وأنه ظل هو وعدد كبير معه محتجزين في الاسانسير لما يقرب من نصف ساعة حتي تم سحب الاسانسير يدويا, مؤكدا أن سقوط الاسانسير كان سيسبب كارثة. ويؤكد مهران علي, موظف بإحدي المصالح الحكومية, إنه لم يتعرض قبل ذلك لعطل في اسانسير ولم يحدث ذلك في المصلحة التي يعمل بها, ولكنه يؤكد أن كارثة مثل هذه متوقعة في أي وقت, لأن هناك سوءا في استخدام اسانسيرات المصالح الحكومية, بالإضافة إلي أنها لا تتوقف عن العمل وهو ما يقلل من عمرها الافتراضي, وفي الوقت نفسه ليست هناك أعمال صيانة, وبالتالي فمن الوارد تكرار مثل هذه الكوارث. وتشير نشوي السيد, موظفة حكومية, إلي أنها لا تستخدم الاسانسيرات مطلقا, منذ أن سقط الاسانسير بأحد أقاربها منذ فترة وتعرض لإصابات بالغة, مؤكدة أنها تخاف كثيرا من اسانسيرات المصالح الحكومية المتهالكة والتي لا يهتم بها أحد إلا إذا كان يستخدمها مسئول كبير, لكن المواطنين الغلابة والموظفين ليست لهم أي قيمة, وبالتالي فهم يرون أن سقوط الاسانسير بهم أمر طبيعي ولا يجب أن نعطيه أكبر من حجمه. يقول هشام محمد مهندس استشاري السلامة والصحة المهنية, إن هناك خطورة باسانسيرات المصالح الحكومية, فهناك معايير وقوانين دولية متعلقة بالسلامة المهنية لا تطبق, فمفتشو السلامة والصحة المهنية يقومون بدورهم الذي كفله لهم القانون من مراقبة هذه المصاعد وتحديد مدي صلاحيتها والصيانة التي تحتاجها, إلا أنه في الغالب لا يتم تنفيذها بسبب عدم توافر الميزانيات اللازمة لذلك في المصالح الحكومية.. وأضاف أنه لابد من توافر ميزانيات لصيانة الاسانسيرات, ولابد من تغيير واير الاسانسير بشكل مستمر, حيث إن كل واير له مدة صلاحية لا يصلح بعدها للعمل, فمثلا الواير يمكنه حمل40 طنا لمدة100 مرة, وبعدها لابد من تغييره حتي لو كانت حالته جيدة منعا لأي كوارث أو مفاجآت قد تودي بأرواح أبرياء, مؤكدا أن الواير في أسانسيرات المصالح الحكومية يتخطي عمره الافتراضي بمراحل, ومن الطبيعي أن نفاجأ بمثل كارثة اسانسير النيابة الإدارية. ويشير إلي أنه قد تقع بعض الحوادث نتيجة سوء الاستخدام أو نتيجة غياب أعمال الصيانة الدورية لها, الأمر الذي يعرض مستخدميه لخطر الاحتجاز, وللوقاية من تلك الأخطار ينصح بضرورة زيادة الوعي بمخاطر الأسانسيرات والتقيد بالحمولة المقررة, عند توقف الاسانسير يجب التزام الهدوء والتصرف بحكمه وعدم ضرب الأبواب بشدة أو الضغط العنيف علي الأزرار, متابعة إجراء الصيانة الدورية وبصفة منتظمة للاسانسيرات, التأكد من توفير وسيلة للتنبيه يقوم باستخدامها من بداخل الاسانسير في حالات الضرورة, تدريب مجموعة من شاغلي المكان علي كيفية تشغيل الاسانسير يدويا عند توقفه فجأة.