أثار مشروع وضع حجر أساس لبناء نصب تذكاري في ميدان التحرير تخليدا لشهداء ثورتي25 يناير و30 يونيو جدلا واسعا بين المصريين. تولم تكن فكرة تصميم نصب تذكاري جديدة, ولكنها انطلقت منذ عامين. وأعلن المجلس العسكري وقتها عن مسابقة بين الفنانين ولكن نتائجها لم تظهر نظرا لضعف الأعمال المقدمة, ويجب علي الحكومة الاعداد لإعلان مسابقة دولية لإعادة تنسيق ميدان التحرير وتصميم نصب تذكاري لتخليد الشهداء... وهو ما يجعلنا نتساءل ما هي المعايير الواجب مراعاتها عند تصميم هذا النصب؟ ومن هي الجهة المختصة بالإشراف علي هذا المشروع الضخم؟ تفي البداية يقول الدكتور سامي رافع- تالأستاذ بقسم الديكور بكلية الفنون الجميلة والمصمم لأشهر الأنصبة التذكارية وهو النصب التذكاري للجندي المجهول بمدينة نصر: اهناك قواعد متبعة لإقامة اي نصب تذكاري, أولها الشفافية ونشر إعلان في الصحف لإتاحة الفرصة أمام جميع الفنانين, يليه منح فترة زمنية أمام الفنانين المتقدمين لا تقل عن شهرين, ثم انتقاء أفضل التصميمات المقدمة من خلال لجنة تحكيم تضم خبراء متخصصين, وبعدها يتم اختيار أفضلها للتنفيذ, وهذا ماحدث منذ حوالي عامين عندما قام المجلس العسكري بتنظيم مسابقة لاختيار أفضل تصميم لنصب تذكاري يوضع في ميدان التحرير, وكنت ضمن لجنة التحكيم وتم عمل معرض لأفضل التصميمات المقدمة ولكن جميعها كانت لا ترقي إلي المستوي المطلوب ولذلك لم تعلن النتيجة ولم يتم تنفيذ اي منها, أما ماحدث مؤخرا فقد فوجئنا بأن الدولة قامت بعمل كل ذلك خلال أقل من يومين بدون ترتيب منظم كما أن اي نصب تذكاري ليس له حجر أساس. وعن المعايير الواجب إتباعها لتصميم الأنصبة التذكارية يقول سامي رافع: أولا يجب دراسة المنطقة والمباني الموجودة بها بمعني هل يكون ظهره مغلق أم مفتوح؟ ثم إذا كان سيوضع في ميدان فلابد أن يري من كل الأتجاهات وكذلك يجب مراعاة حركة المرور, وبالنسبة إلي ميدان التحرير فلابد أن يؤخذ في الاعتبار وجود المترو ومراعاة خط سيره والاهتزازات الناتجة عنه ويضيف رافع, اعتقد أن الظروف الحالية بالنسبة لأي فنان غير ملائمة لتصميم أو تنفيذ مثل هذا العمل الفنيت الضخم. ويشير سمير غريب رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري إلي أنه في أواخر شهر فبراير سنة2011 تشكلت لجنة لوضع كراسة شروط لمسابقة دولية لإعادة تخطيط ونصميم عمراني لميدان التحرير وتتضمن أيضا تخليد شهداء ثورة يناير وانتهينا من الكراسة في اواخر2011 وتقدمنا بها إلي مجلس الوزراء في يناير2012 ومنذ ذلك الوقت لم تطرح للتنفيذ, فالعمل الفني الذي يخلد شهداء الثورة لابد أن يرتبط بالميدان وليس دخيلا عليه ويكون ضمن التصور العام للمكان وليس من المهم ان يكون تمثال أو نصبا تذكاريا تقليديا, فمن الممكن ان يكون مسطحا أو جدارا أو اي شكل آخر ويوجد أفكار لا نهائية في الفن الحديث, ونأخذ بالمثال تخليد ذكري الشهداء في العاصمة الفيتنامية ليس تمثال أو مجسمات ولكنه عمل فني حديث ومبهر. وعن دور الكليات الفنية في إخراج هذا المشروع القومي تقول الدكتورة صفية القباني وكيلة كلية الفنون الجميلة لشئون البيئة وخدمة المجتمع: القطاعات متشابكة فمثل هذا المشروع الضخم هل هو من اختصاص جهاز التنسيق الحضاري ام محافظة القاهرة واعتقد انه لابد ان يكون بالمشاركة بينهما, أما إذا كان سيطرح مسابقة فلابد أن يكون هناك ممثلون عنهما بالإضافة الي أساتذة من الكليات الفنية, وكلية الفنون الجميلة علي أتم الاستعداد للمشاركة فهي تضم مركزا للاستشارات للترميم والعمارة والفنون به أساتذة من جميع التخصصات ويشرفنا أن نشارك في إعادة تصميم وتنسيق وعمل تخليدا لذكري الشهداء في ميدان التحرير. ويقول الدكتور أحمد عبد العزيز أستاذ النحت الميداني: لايجب أن نتسرع في إقامة رمز تذكاري للشهداء بميدان التحرير فهذا العمل لابد أن يعبر عن توجهات شعب له حضارة كبيرة وهذه الرموز تقام لتخليد قيم وليس أشخاصا بعينهم وهي تحمل مفهوم حفظ الجميل للفعل الجميل, وإقامة نصب تذكاري في مدينة القاهرة التي حدثت بها ثورات بطريقة غاية في الحداثة لابد أن يتلامس مع عراقة المدينة ودراسة المنطقة التي سيقام بها الرمز التذكاري ولابد من توصيل مفهوم الرمز للناس قبل البدء فيه فهو ليس مجرد تمثال أو شكل تقليدي وهناك أفكار عديدة ممكن الاستفادة منها مثل إضافة مكتبة أو متحف للنصب التذكاري, وأتمني عمل ندوات يشارك بها فنانون ومهندسون من جميع التخصصات ولكن بشرط ان نستمع بعضنا إلي بعض, فإعادة تخطيط ميدان التحرير مشروع من الممكن ان يظل الاف السنين ولا يجب ان نتعامل معه بشكل متسرع او غير علمي ولابد ان يكون بفكر مستقبلي فالأفكار تعيش مئات السنين, أما عن المعايير الواجب اتباعها عند التصميم فيضيف احمد عبد العزيز لابد من مراعاة المدي الجمالي البصري والقيم الجمالية ويجب ان يعبر عن قيمة المكان وقربه من القاهرة الإسلامية ونهر النيل والمتحف المصري ومجمع التحرير ومجلس الشعب.