اصداء الزيارة الاخيرة التي قام بها وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان للقاهرة لم تخفت بعد, التعليقات تتوالي في موسكو مؤكدة تدشين مرحلة جديدة واعدة للعلاقات بين مصر وروسيا انطلاقا من اسس وثوابت السياستين المصرية والروسية وبما يتفق والمتغيرات الدولية علي ضوء اعتراف موسكو باهمية وتاثير ثورة30 يونيو علي مجريات الامور في المنطقة والعالم. الاهرام في موسكو التقت ميخائيل بوجدانوف المبعوث الشخصي للرئيس فلاديمير بوتين الي الشرق الاوسط وأحد اهم الذين أسهموا في انجاح هذه الزيارة والذي استهل حديثه بقوله: ان آلية2+2 التي جرت بموجبها المباحثات الاخيرة مستوي رفيع في العلاقات بين روسيا واهم شركائها الاستراتيجيين, كما ان مصر هي الدولة الخامسة في قائمة هؤلاء الشركاء التي تضم الصين والولايات المتحدة وايطاليا واليابان والاولي عربيا واسلاميا. وبكثير من الغبطة والارتياح استعرض بوجدانوف الكثير من مشاهد العلاقات بين البلدين في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وما تحقق من نتائج وانجازات يمكن البناء عليها بما يتسق مع الظروف الراهنة التي تمر بها مصر. اشار الي حرص الجانبين علي تاكيد ان االصداقة بين مصر وروسيا ليست ضد احد بعينه, بل من اجل تحقيق المنفعة المتبادلة للشعبين والبلدين في اطار جديد. وفي معرض الحديث عن التعاون العسكري بين البلدين حرص بوجدانوف ايضا علي تاكيد ان هذا التعاون لا يعني ان روسيا تنتوي ان تشغل مواقع احد ما. بل انها تتفق مع ما تقوله القيادة المصرية حول ضرورة تنويع العلاقات الدولية, وهذا ما يتسق مع توجهات روسيا وقدراتها الانسانية والاقتصادية والعسكرية والسياسية كعضو دائم في مجلس الامن الدولي, وكدولة تبني سياساتها الخارجية علي اساس عدم التدخل في الشئون الداخلية ورفض التدخل الخارجي واحترام سيادة واستقلال ووحدة اراضي الدول الاخري. كما اعاد تاكيد ما قاله الجانب الروسي في اكثر من مناسبة حول تاييده خطة الطريق التي اعلنتها مصر بعد ثورة30 يونيو. وفي معرض تناوله لعدد من جوانب العلاقات المصرية الروسية في مجالات التعاون العسكري, اشار بوجدانوف الي ما اتفق عليه الطرفان من اشكال لتطوير علاقاتهما في اطار بعيد عن الانماط التقليدية وعدم الاكتفاء بتوريد الاسلحة. وحول مدي احتمالات قيام صناعات عسكرية مشتركة علي الارض المصرية علي غرار ما تفعله موسكو مع الهندوالصين وجنوب افريقيا, قال إن الجانبين خلصا إلي تبني مختلف اشكال التعاون ومنها سماح روسيا بانتاج الاسلحة والمعدات الحربية الروسية في المصانع الحربية المصرية. وكشف بوجدانوف عن ان الخبراء العسكريين من الجانبين يعكفون علي دراسة مختلف الاقتراحات حول هذا الموضوع وكذلك برامج اعداد وتدريب الكوادر التقنية اللازمة لاعادة تسليح الجيش المصري. وقال ان المباحثات العسكرية تطرقت الي مناقشة عدد من عقود توريد الاسلحة, وإن لم يكشف عن مضمونها, مشيرا الي ان الوفد العسكري الروسي كان يضم عددا من قيادات مؤسسة اروس اوبورون اكسبورت المسئولة عن صادرات الاسلحة والمعدات العسكرية الروسية. وكان الجانبان قد اتفقا ايضا حول اجراء المناورات المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب والقرصنة وتبادل الوفود العسكرية وهو ما أكده سيرجي شويجو وزير الدفاع الروسي في ختام مباحثات القاهرة. ومضي بوجدانوف ليقول: إن نقاط الالتقاء كثيرة والأهم وجود الارادة السياسية من الطرفين, ومن القيادتين السياسية والعسكرية حول تكثيف التعاون في شتي المجالات. وكان من اللافت في هذا الشأن وصول الطراد الروسي فارياج الي ميناء الإسكندرية واحدي اهم سفن الامداد الروسية الي البحر الأحمر في توقيت قال بجدانوف انه لم يكن محددا ليواكب توقيت زيارة الوفد الروسي رفيع المستوي ومباحثاته في القاهرة. وانتقل المسئول الروسي الكبير للحديث عن مشكلة الامن بمفهومه الاوسع مشيرا الي ارتباطه الوثيق بقضية مكافحة الإرهاب خاصة في شبه جزيرة سيناء وما يرتبط بذلك من تهريب الاسلحة من ليبيا, وهي القضية التي قال انها كانت موضوعا خاصا خلال مباحثات الوزيرين الروسيين مع نظيريهما المصريين.وكشف عن ان مجموعة العمل الروسية الخاصة بمكافحة الارهاب والجريمة المنظمة تعكف علي دراسة المسائل المتعلقة باستئناف الاجتماعات مع الجانب المصري حول هذه القضايا الامنية. وبكثير من الارتياح اعترف بوجدانوف نائب وزير الخارجية المسئول عن ملف البلدان العربية بان ما جري أخيرا في مصر من احداث يسهم بقدر كبير في تخفيف حدة هذه الازمة من منظور تراجع الدعم الدولي والاقليمي للفصائل الدينية المتطرفة في سوريا. واضاف بوجدانوف ان الجانبين اتفقا كذلك حول استئناف عمل اللجنة الحكومية المشتركة للتعاون في مجالات التعاون التجاري والاقتصادي والعلمي التقني مشيرا الي الاستعدادات لعقد الاجتماع الاول منذ اندلاع ثورة25 يناير2011 علي مستوي الخبراء بمشاركة الرئيسين المناوبين. اما عن رفع التوصية الخاصة بتقييد سفر السائحين الروس الي المنتجعات المصرية فقال بوجدانوف ان وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف سبق أن اشار في حديثه الي الأهرام الي آفاق استئناف هذه العملية مؤكدا ان ذلك وارد في المستقبل القريب جدا, لا سيما بعد اعلان القيادة المصرية عن انتهاء حالة الطوارئ ورفع حظر التجول في توقيت مواكب لوصول الوفد الروسي الي القاهرة. وكشف عن ان القرار الروسي حول التوصية بعدم السفر صدر في اعقاب اعلان القاهرة عن فرض الطوارئ وحظر التجول في يوليو الماضي. واشار الي ان الموضوع يتوقف بالدرجة الاولي علي الجانب المصري ومدي قدرته علي فرض الامن, فيما عاد الي تكرار ما قاله لافروف حول ان التوصية بعدم السفر ليست حظرا علي حركة السياح بدليل استمرار تدفق السائحين بمعدل بلغ في الاسابيع الاخيرة ما يزيد علي مائة رحلة طيران اسبوعيا من مختلف المدن الروسية الي المنتجعات المصرية. وكشف عن انه ناقش بعد عودته من القاهرة مع وزير السياحة الروسي هذه المسألة بما يمكن معه اتاحة الفرصة امام الروس شانهم في الماضي لقضاء اجازات راس السنة في مصر. وفي ختام حديثه اعرب بوجدانوف عن الثقة في ان القوي السياسية المصرية لا بد ان تعلي المصالح الوطنية المصرية واقرار السلام الاجتماعي علي المصالح السياسية الضيقة بعيدا عن الصراعات الداخلية بما يخدم تنفيذ ما أعلنته القيادة السياسية المصرية من اهداف وطنية.