لا أدري كيف فشلت جميع الحكومات المصرية في القضاء علي شبح الأمية طوال ثمانين عاما حيث نص دستور1923 علي ضرورة القضاء علي هذا الوباء التاريخي. والغريب ان عشرات الحكومات جاءت ومضت ولم تحقق للمصريين هذا الحلم في مواطن يقرأ ويكتب..ان نسبة الأمية في مصر الأن من اعلي النسب في العالم وهناك دولا عربية حققت انجازات في ذلك..في عهد الكتاتيب منذ عشرات السنين كانت نسبة الأمية في مصر أقل منها الآن ولم نجد حكومة تأخذ هذه الكارثة بشيء من الجدية..ورغم الدساتير المصرية التي طالبت الحكومات بمواجهة هذه المأساة بقي الحال علي ما هو عليه حتي ظن البعض ان الحكومات المصرية المتعاقبة لا تريد شعبا يقرأ او يكتب لأن الشعوب الجاهلة افضل في قيادتها من الشعوب المتعلمة..ولا ادري ماذا ستفعل لجنة الخمسين التي تعد الدستور حاليا في المادة الخاصة بالأمية خاصة ان دستور1912 نص علي تحديد فترة زمنية تتخلص فيها مصر من شبح الأمية تماما ويومها دار حوار حول هذه الفترة هل تكون خمس او عشر سنوات وقد تمنيت لو ان الحكومة وضعت خطة قصيرة الأجل للقضاء علي امية المصريين هذا العار الذي مازال يطاردنا شعبا وحكومات..لنا ان نتصور ما يحدث من المآسي والتجاوزات في الإنتخابات بسبب الأمية وان نتصور اثر ذلك علي الصحة والتعليم والمرور واطفال الشوارع والبلطجية وحجم الجرائم والفرق بين المرأة التي لا تقرأ ولا تكتب والمرأة التي تعلمت..ان اطفال الشوارع في مصر من ضحايا الفقر والأمية وهؤلاء تحولوا مع الوقت الي الغام اجرامية..وإذا اضفنا لذلك كله الأعباء الاقتصادية والإجتماعية التي فرضتها الأمية علي سلوكيات المواطن المصري وكيف تأخرت اساليب الزراعة والصناعة والإنتاج بسبب ذلك كله..لقد انشأت الدولة عشرات الأجهزة والمؤسسات للقضاء علي الأمية ولم تنجح هذه الجهود في يوم من الأيام رغم انفاق مئات الملايين التي لم تحقق شيئا..ولا ادري ماذا ستفعل لجنة الخمسين بقضية الأمية في الدستور الجديد خاصة ان دستور1923 وما جاء بعده لم يحقق هذا الهدف وبقي عشرات الملايين من المصريين يعانون من هذا الشبح القديم http://[email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة