هي ليست مريضة بالسرطان فحسب بل إن المرض أبي أن يتركها فما تكاد تنجح عملية استئصال الثدي حتي ينتشر السرطان اللعين بالذراع وتفشل معه الجراحات ويكتفي الطب بالعلاج الكيماوي لعله يخفف الألم وبعد عشر أعوام من العذاب بالمرض العضال تقطعت بها سبل الرحمة لعدم كفاية العلاج المجاني المخصص للفقراء لأكثر من ثلاثة أشهرة بالعام. وعند أول كل شهر تتكرر ماساتها حيث تجد الثلاثمائة جنيه مبلغا ضخما من المال فتبكي وتصرخ ولا ينجدها إلا بعض من أولاد الحلال من مقيمي منطقتها الشعبية إنها السيدة عناية كامل سليمان61 سنة التي لم تكن مأساتها أنها لا تملك من حطام الدنيا شيئا فحسب بل زاد الطين بلة أن زوجها جلال80 سنة أعمي ضرير ولا يجد العمل أما ابنها الأكبر أشرف35 سنة فيعاني أمراض حساسية مزمنة وربو بالصدر وضعفا عاما يمنعه من العمل وابنها الأصغر والأخير ربيع18 سنة المتعلم الوحيد بالعائلة خريج دبلوم التجارة ولا يجد عملا سوي كعامل باليومية حيث يقف وسط ميدان متكدس بعمال اليومية فيجد عملا يوما ولا يجده شهرا. وبعد أن قابلناها واستمعنا لمأساتها رأينا الذهاب لمنزلها لتفحص أوراقها ورؤية حالها علي الطبيعة وبمجرد وصولنا لمنزلها المسجل( برقم23 بحارة مصطفي كامل) بشارع المنشية بالوليدية فوجئنا بأنه منزل من القرون الوسطي لا يميزه عن عالمنا شيء فبداخله لا تجد شيئا يربطه بالعصور الحديثة سوي وابور الجاز الذياأنتهي تقريبا من ثلاثين عاما, فلم تعرف الأسرة بعد اختراع الثلاجة والغسالة فمازال طشت الغسيل البلدي هو حال أمثالهم بالأرض. وهناك تروي لنا السيدة عناية قصتها مع السرطان قائلة: أصبت بسرطان الثدي منذ أعوام فتعبت كثيرا حتي حصلت علي فرصة العلاج علي نفقة الدولة وذلك بمستشفي جامعة أسيوط لكن نظرا لتأخر حالتي اضطر المستشفي الحكومي لإزالة الثدي كاملا فحمدت الله علي كل حال وتواصل قائلة وبعد فترة بسيطة فوجئت بالسرطان يعاودني من جديد في الذراع والأيدي فدخت من جديد حتي حصلت علي فرصة العلاج للغلابة أمثالنا وكان بمستشفي جامعة أسيوط حيث تشكو لنا غلظة قلوبهم معها وتروي لنا بأن المستشفي للأسف حدد لها مبلغ ألف جنيه للعلاج في العام وهو ما يجعل ميزانيته تنتهي في ثلاثة أشهر من العام ويجعلها تعاني أول كل شهر حتي تكاد تموت بعد أول عشرة أيام لأنها لا تجد العلاج وتظل تبكي وتصرخ من الآلام حتي يحن عليها أولاد الحارة الفقيرة فيجمعوا جنيهات من بعضهم ليشتروا لها العلاج, فسألناها هل ترغبين بالمال فقالت حاشا لله فكل أملي هو العلاج. .. فهل تجد مأساة السيدة عناية حلا لدي مسئول أو جهة طبية أو أهل خير وبر؟.