تباينت آراء الأطباء والمتخصصين واختلفت في تفسير حالته ورغبته الدائمة والملحة في التبرع بدمه ولكنهم اتفقوا جميعا علي أن نسبة حدوث حالته تمثل واحدا في عشرات الملايين لأن الإنسان قد يحيا ويموت دون أن يتبرع بقطرة واحدة من دمه ولو تبرع فان دورة الدم بداخله تتجدد كل120 يوما أي بعد4 أشهر من بداية تبرعه ومن الخطورة علي صحتة أن يتبرع أكثر من مرة قبل مضي هذه المدة.. أما صاحب هذا الموضوع الذي يلقبونه ببنك الدم المتحرك فقد اعتاد منذ أكثر من20 عاما علي أن يتبرع بدمه يوميا في المستشفيات والمراكز الطبية المختلفة حتي بلغ مجمل ما تبرع به حتي الآن8000 لتر دم نصفها مثبت بالأوراق الرسمية الأمر الذي جعل شهرته في ضخ الدم تتجاوز حدود بلدته بمركز أطسا التابع لمحافظة الفيوم وتمتد إلي المحافظات المجاورة ومنها محافظة القاهرة التي طرق أبواب العديد من مستشفياتها ليس طلبا للعلاج ولكن للتبرع بدمه مجانا. أنه يحيي حسن عبد الغني53 عاما الذي اعتادت سيارات إسعاف العديد من المستشفيات أن تهرع إليه للاستعانة به في حالات الطوارئ والذي قال عن المرة الأولي التي شعر فيها بالرغبة الدائمة في التبرع بدمه: انه بدأ رحلته مع التبرع بالدم في بداية الثمانينيات وكان عمره وقتها نحو22 عاما حيث أصيب أحد أصدقائه في حادث وعندما نقل إلي المستشفي طلب الأطباء سرعة نقل دم لصديقه ولتعذر وجود دم في المستشفي من نفس فصيلة صديقه تباري الأهل والأصدقاء وهو من بينهم عارضين الاستعداد للتبرع بالدم له وبعد تحليل فصيلة دم كل شخص من الحاضرين وجدوا أن فصيلة دمه(O) سالب وهي فصيلة صالحة للتبرع لأي فصيلة دم أخري ومنها فصيلة دم صديقه فقام بالتبرع له علي الفور والغريب أنه بعد انتهائه من عملية التبرع لم يشعر باي اعياء أو اجهاد برغم تبرعه بكمية كبيرة من دمه بل علي العكس من ذلك فقد شعر براحة صحية كبيرة لم يعهدها من قبل في حياته حيث أنه قبل ذلك كان دائما يصاب باجهاد من أقل مجهود ويصحب هذا الأجهاد شعوره بصداع وزغللة في عينيه ومن وقتها عرف أن علاجه في التبرع بالدم فأصبح زبونا دائما في بنوك الدم والمستشفيات داخل الفيوم وخارجها وهكذا تحول دون أن يدري لمضخة دماء أو بنك دم متنقل كما يطلق عليه الأطباء وأصبح مشهدا مألوفا عند أسرته وجيرانه أن يشاهدوا أمام منزله احدي سيارات الإسعاف التي تهرع اليه دائما عندالطوارئ وتصطحبه ليتبرع بدمه للمرضي في الحالات الحرجة وهذا أصبحت راحة جسده في تبرعه الدائم والمستمر بالدم الذي بلغ مجمل ما تبرع به حتي الان نحو8000 لتر وقد تبرع بكل هذه الكمية في العديد من المستشفيات في داخل الفيوم وخارجها ومنها مستشفي أم المصريين ومعهد الأورام بالقاهرة والسلام الدولي ولكن معظم تبرعاته كانت في مستشفيات محافظة الفيوم والتي بلغ مجمل ما تبرع في مستشفياتها نحو4 آلف لتر مثبتة بالمستندات. وأكد صاحب مضخة الدم المتنقلة أنه كان يعمل جزارا ولكنه ترك الجزارة منذ عدة سنوات ولا يعتقد أن عمله بالجزارة له علاقة بالدم المتدفق في عروقه فهو يتناول ما يتناوله الشخص العادي من طعام وبنفس الكمية سواء لحوم أو غيرها فلا يوجد اختلاف في هذه الناحية بينه وبين أي شخص آخر باستثناء عادة ينفرد بها عن الآخرين وهي أنه يدخن بغزارة شديدة حيث يبلغ مجمل ما يدخنه في اليوم الواحد نحو5 علب سجائر بما يعادل100 سيجارة يوميا وهذا العدد الكبير من السجائر يدخنه لتهدئة اعصابه من تدفق الدم السريع والغزير في عروقه فلا يرتاح جسده إلا بتصريفه بشكل دائم ومستمر لدرجة أنه أصبح مدمنا للتبرع بالدم. وهنا يتذكر يحيي صاحب مضخة الدم المتحركة أنه لا ينسي عندما ذهب في أحد الأيام إلي قريب له في إحدي المحافظات ليقضي عنده عدة أيام ولأن المنطقة التي يقيم فيها لم يكن بها سوي مركز طبي واحد فقد اعتاد أن يذهب إليه يوميا للتبرع بدمه وقد لاحظ طبيب المركز زياراته المتكررة للمركز الطبي للتبرع فرفض في إحدي المرات أن يتبرع بدمه خوفا علي صحته فحاول أن يوضح له أن صحته لن تكون جيدة إلا بتبرعه بالدم وسيفقد أعصابه وتركيزه في العمل ولكن الطبيب لم يقتنع بما قاله وأصر علي رفضه الأمر الذي جعله يلجأ لأحد التمرجية في المركز واعطاه خلسة بعض الجنيهات حتي وافق علي سحب لتر من دمه الذي يعتبره نعمة من الله يحرص عليها دائما ويستخدمها في عمل الخير والخير في مثل حالته لا يكون إلا بإغاثة المريض والمصاب وإنقاذ حياته من خلال التبرع بدمه الذي يهبه دون أي مقابل كزكاة عن جسده. وفي النهاية كان لابد من البحث عن التفسير الطبي لهذه الظاهرة الطبية الفريدة فكان اللقاء مع الدكتور عبدالقوي اللواج استشاري جراحة الكلي والمدير العام السابق للإدارة الصحية بالفيوم الذي تحدث عن حالة يحيي قائلا: منذ عدة سنوات وجدت أن اسم يحيي يتردد دائما بين الأطباء والعاملين بالمستشفيات عند حدوث طوارئ أو وجود حالات حرجة تحتاج إلي نقل دم وعندما استفسرت عن حكايته عرفت أنه مضخة دم الفيوم وأحد بنوك الدم المتنقلهةفيها حيث أن دمه يسري في شرايين العديد من الناس خاصة أن فصيلة دمه(0) سلبي وهي فصيلة صالحة لأي فصيلة أخري وفي البداية لم أصدق ما سمعته إلي أن وقع زلزال عام1991 حيث فؤجئت بأن يحيي قام بمفرده بتغطية أكثر من نصف الكمية التي كنا نحتاج إليها في هذا الوقت حيث تبرع علي مدي اربعة أيام فقط بستة لترات من دمه علي غير كل الثوابت الطبية التي تؤكد أن دورة الدم داخل الشخص العادي تتجدد كل120 يوما أي بعد4 أشهر من بداية تبرعه ومن الخطورة علي صحتة أن يتبرع أكثر من مرة قبل مضي هذه المدة الأمر الذي دفعني مع مجموعة من الأطباء المتخصصين في الباطنة وأمراض الدم لدراسة حالته خاصة بعد أن وصل مجمل ما تبرع به وحده لمستشفيات الفيوم فقط إلي نحو4000 آلاف لتر من دمه وقد وجدنا عند بداية فحصة أننا أمام حالة محيرة اختلفت أمامها آراء الأطباء وتباينت حيث اكتشفنا أنه يشعر براحة صحية كبيرة بعد تبرعه بدمه وإذا ظل عدة أيام دون أن يتبرع بدمه فانه يصاب بإجهاد عصبي وجسماني كبير وبعد العديد من التحليلات والفحوص الدقيقة لدمه وجدنا أن كرات الدم الحمراء لديه تنمو بشكل سريع جدا الأمر الذي يزيد من كمية الدم المضخوخ في الدورة الدموية مما يؤدي إلي ارتفاع الضغط عنده وبالتالي شعوره بالإجهاد والصداع الشديد والدليل علي ذلك أنه بمجرد تفريغ جزء من دمه بالتبرع تزول حالته المرضية ولاشك أن هذه الحالة نادرة من نوعها علي مستوي العالم ومن الصعب تكرارها وتستحق الدخول لموسوعة جينيس العالمية ويزيد من ندرتها أن صاحبها برغم من فقره لا يتقاضي مليما عن أي قطرة من دمه.