أثار ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني جدلا واسعا عندما أعلن عن نية حكومته طرح' صكوك إسلامية' للتداول. فمن جهة, بدأت حالة من الجدل الديني حول تحريم الفوائد وتطبيق الشريعة علي المجتمع البريطاني, ومن جهة أخري, فإن بنك بنك' جولدمان ساكس' فشل في تطبيق تجربة الصكوك فشلا ذريعا. ففي خطوة غير مسبوقة في تاريخ إحدي أقوي الاقتصاديات العالمية الكبري أعلن كاميرون أمام المنتدي الاقتصادي الإسلامي العالمي الذي انعقد بلندن مابين ال 28 و31 من أكتوبر الماضي, اعتزام بلاده إصدار سندات'صكوك' إسلامية بقيمة 200 مليون جنيه استرليني ذات فائدة صفرية وتتسق تماما مع مباديء الشريعة الإسلامية, لتصبح بذلك بريطانيا أول دولة غربية تصدر سندات سيادية باستخدام هذا النوع من الخدمات المالية الإسلامية. إلا أن مبادرة كاميرون لم ترق لبعض المعارضين الذين يرون أن إصدار مثل هذه الصكوك ربما تكون أضراره أكثر من فوائده علي المجتمع البريطاني. وبرزت اعتراضات ومخاوف داخلية كثيرة خاصة من الكنائس, حيث حذر مايكل نظير علي, أسقف روشستر السابق وهو من أصل باكستاني, من أن هذه الخطط يمكن أن تؤدي إلي عواقب غير متوقعة, معربا عن مخاوف تتمثل في أن' الحكومة البريطانية نفسها ستكون خاضعة لأحكام الشريعة في تعاملاتها بهذه السندات. وأرتأي الأسقف أن الأمر سيزداد تعقيدا عندما تنمو هذه السندات وتزدهر وعندها ستواجه بريطانيا من منظوره وضعا حرجا, حيث يخضع جزء كبير من النظام المالي الخاص بالبلاد إلي اعتبارات متوافقة مع الشريعة. كما ذهب إلي أن هذه الخطوة تتطلب المزيد من النقاش العام قبل اتخاذ خطوات يمكن أن يكون لها نتائج كارثية. كما ذهب بعض المنتقدين لاقتراح كاميرون ومن بينهم الكاتب البريطاني تشارليز مور إلي أن المتشددين في العالم الإسلامي هم الذين يدفعون بالتوافق بين عالم المال الغربي والشريعة, متهما حكومة بلاده بالتعاون مع هذه الفئة. كما ذكر معارضو التقارب مع العالم الإسلامي حكومة لندن بمغبة التقارب مع أسرة العقيد الليبي الراحل معمر القذافي وما آلت إليه الأمور بعد حادث لوكيربي الذي قتل فيه عشرات البريطانيين جراء إسقاط طائرة ركاب بريطانية بأيدي ليبية. ولم يقتصر الانتقاد للقيام بهذه الخطوة علي البريطانيين أنفسهم بل إن بعض خبراء الاقتصاد الإسلامي أكدوا أنه سيكون لها مردود سلبي علي اقتصاد بعض دول العالم الإسلامية نظرا لأن دخول بريطانيا هذا المجال وبقوة مع امتلاكها لأنظمة مالية متطورة وحديثة لن يجعلها فقط أحد المراكز الرئيسية للاستثمار والصكوك الإسلامية فحسب بل سيمكنها خلال عدد محدود من السنوات في أن تصبح المركز الرئيسي للاستثمارات والصكوك الإسلامية وستسحب البساط من تحت أقدام دول إسلامية رائدة في هذا المجال. في المقابل, دافع كاميرون عن مبادرته, قائلا إنها إجراء اقتصادي بحت ولا علاقة لها إطلاقا بالدين وأن هناك العديد من الدوافع التي تشجع علي تنفيذ هذه الخطوة, والتي من أبرزها إنعاش الاقتصادي البريطاني من خلال جذب المستثمرين المسلمين من مختلف أنحاء العالم وما يترتب علي ذلك من توفير فرص عمل للبريطانيين في مجالات عديدة, فضلا عن تنفيذ مشروعات عملاقة بتمويل إسلامي. وأكد كاميرون أن سوق التمويل الإسلامي سريعة النمو ومن المتوقع أن يقفز حجمها خلال العام المقبل إلي تريليوني دولار سنويا وأنه يتعين علي لندن أن تنافس دبي باعتبارها واحدة من' العواصم الكبري للتمويل الإسلامي. ولم يقتصر دعم الفكرة علي كاميرون بل أن وزير ماليته جورج أوسبورن أعرب عن الأمل في أن يشكل إصدار هذه الصكوك' محفزا' لجذب الاستثمارات ولحث الشركات البريطانية علي اتباع هذا السبيل.