هناك قول قديم منسوب إلي الفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون مضمونه عندما تكون هناك ضرائب, فإن الرجل الشريف يدفع أكثر وغير الشريف يدفع أقل علي نفس الدخل, لكن علي ما يبدو فأن اغلب نجوم الرياضة في أوروبا خاصة كرة القدم لا يهتمون بمقولة أفلاطون صاحب الجمهورية المثالية. قضية تهرب نجوم الرياضة من الضرائب وميلهم المستمر للتملص من التزاماتهم تجاه المجتمعات التي يعيشون فيها ويحصلون منها علي عشرات الملايين سنويا عادت بقوة إلي واجهة اهتمام الصحف ووسائل الإعلام العالمية في الأيام الماضية بعد الأزمة التي توشك علي الانفجار في فرنسا عقب إعلان الرئيس الاشتراكي للبلاد فرانسوا اولاند إصراره علي تطبيق قانون الضرائب الجديد علي لاعبي الكرة المحترفين هناك, حيث هددت رابطة الأندية المحترفة في فرنسا بالإضراب وعدم أداء مباريات الأسبوع الخامس عشر من الدوري الفرنسي الممتاز نهاية الشهر الحالي إذا أصرت الحكومة علي قرارها. وكان القانون الذي يجري الحديث عن تطبيقه منذ نهاية العام الماضي وهو بالمناسبة مؤقت سيطبق لمدة عامين فقط يقضي بفرض ضريبة تقدر ب75% علي كل من يتجاوز دخله المليون يورو سنويا وهو رقم يحققه اغلب لاعبي الدوري الفرنسي الذي شهد حالة من الانتعاش في السنوات الأخيرة بعد إقبال عدد من المستثمرين الأجانب علي شراء أندية فرنسية أبرزهم نادي باريس سان جيرمان الذي اشترته مؤسسة قطر للاستثمار, ونادي موناكو الذي اشتراه الملياردير الروسي دميتري ريبولوفليف لكنه لن يتضرر من قرار رفع نسبة الضرائب الجديد لكونه يتبع إمارة موناكو التي تتمتع باستقلال شبه كامل عن فرنسا وبالتالي لا تطبق القوانين الفرنسية علي أراضيها. من جهته اعتبر رئيس نادي مرسيليا, فانسون لبرون القانون غير عادل مهددا بأن تطبيقه سيؤدي باللاعبين الكبار إلي الرحيل عن البطولة الفرنسية ولا يشجع آخرين علي الالتحاق بها مثلما حدث مع نجم الكرة الانجليزية العجوز ديفيد بيكهام الذي رحل عن باريس سان جيرمان مع نهاية الموسم الماضي نتيجة الضرائب المرتفعة رغم انه تبرع براتبه الشهري(800 ألف يورو) طوال فترة تعاقده مع نادي العاصمة الفرنسية الي جهات خيرية هربا من الدخول في شريحة ضريبية تلتهم دخله الضخم من الإعلانات حيث تنص القوانين الفرنسية علي خضوع أصحاب الدخول الباهظة للضرائب عن مجمل دخولهم وليس رواتبهم الرسمية فقط. ظاهرة تهرب النجوم من دفع الضرائب منتشرة في اغلب دول أوروبا حتي التي تطبق قوانينا مخففة مثل اسبانيا مثلا التي لا تسمح قوانينها سوي باقتطاع24% فقط من دخول اللاعبين كضرائب وهي اقل نسبة في أوروبا ما حولها إلي قبلة لنجوم الكرة المنزعجين من الضرائب, فقبل شهور قليلة أحيل نجم برشلونة الأرجنتيني ليونيل ميسي أفضل لاعب في العالم خلال السنوات الأربعة الأخيرة إلي المحكمة بتهمة التهرب الضريبي قبل ان يسدد والده ما يزيد عن خمسة ملايين يورو للتصالح مع الضرائب الاسبانية, وقبله أدين مواطنه الشهير مارادونا بالتهرب من الضرائب في ايطاليا حينما كان يلعب لنادي نابولي في عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. وهناك العديد من النجوم الآخرين الذين هربوا من أوطانهم تجنيا لدفع الضرائب مثل قيصر الكرة الألمانية الشهير فرانز بيكنباور الذي عاش فترات طويلة من حياته بعد الاعتزال في النمسا لتفادي قوانين الضرائب الألمانية الصارمة, ومثله عدد من أشهر النجوم الألمان في رياضات أخري مثل سائقي الفورمولا وان مايكل شوماخر الذي يحصل علي أجر يصل إلي50 مليون فرنك سويسري سنويا, وكيمي رايكونين الذي يصل دخله السنوي إلي24 مليون فرنك وكلاهما يقيمان في سويسرا التي لا تفرض قوانينها ضرائب علي الدخل. ويجاورهما في جنة الهاربين من الضرائب لاعب التنس السابق بوريس بيكر الذي نقل اغلب استثماراته وأعماله إلي سويسرا, وقد أثارت هذه الهجرة الجماعية حفيظة نواب البرلمان الألماني ومسؤولي الحكومة هناك للدرجة التي دفعت راينهارد بيتيكوفر نائب رئيس حزب الخضر الشريك في بداية الألفية الثالثة لتبني اقتراح بتجريد الأثرياء المقيمين في الخارج هربا من الضرائب من جنسيتهم الألمانية.