'ليس من المتوقع التوصل إلي نتائج كبري...ولكن قمة ودودة ستكون انجازا' هكذا كانت توقعات مجلة التايم الأمريكية للقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الباكستاني نواز شريف في البيت الأبيض , وبالفعل لم تخرج عن القمة التي عقدت الأسبوع الماضي أي نتائج ملموسة بخلاف كونها' لقاء مثمر أكد التزام الزعيمين بتعزيز العلاقات الأمريكيةالباكستانية ودفع المصالح المشتركة في تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار في باكستان والمنطقة' علي حد وصف البيان المشترك الصادر عن القمة. وفي حين وصف أحد المحللين الباكستانيين اللقاء بأنه مجرد' لحظة مشجعة مؤقتة ولكنها مثلها مثل لحظات أخري سابقة لا تأتي بثمار طويلة المدي' حرص جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض علي الاشارة إلي أن الولاياتالمتحدة لا تتفق مع باكستان علي كل شئ ولكن من المهم الاستمرار في التعاون بغض النظر عن الخلافات حول بعض القضايا. وكانت العلاقات بين باكستانوالولاياتالمتحدة, علي الرغم من تحالفهما القوي في الحرب علي الارهاب,قد شهدت تدهورا غير مسبوق منذ عام2011 اثر نشوب خلافات حادة بين الجانبين حول عمليات قامت بها الولاياتالمتحدة في باكستان في اطار حربها علي الارهاب.بدأ الخلاف اثر قيام رايموند دايفز عميل وكالة المخابرات الامريكية المركزية(سي أي إيه) بقتل رجلين مشتبه بهما في لاهور مما أثار موجة غضب عارمة في باكستان أدت إلي سجنه عدة شهور وتمكنت واشنطن من اقناع الحكومة الباكستانية بالافراج عنه بعد دفع تعويض قدره24 مليون دولار لأسر الضحايا.ثم جاءت الطامة الكبري بقتل أسامة بن لادن في عملية للقوات الخاصة الأمريكية داخل الاراضي الباكستانية في مايو2011 وهو ما اعتبرته اسلام آباد انتهاكا لسيادتها لتتعقد الأمور أكثر بتصريحات الادميرال مايكل مولتن المسئول العسكري الامريكي البارز التي اتهم فيها المخابرات الباكستانية بدعم انشطة القاعدة وطالبان وتصدير الارهاب.وفي نوفمبر من نفس العام لقي العشرات من الجنود الباكستانيين مصرعهم في حادث' نيران صديقة' من جانب قوات الناتو علي الحدود مع افغانستان وهو ما دفع اسلام آباد إلي اغلاق خطوط الامدادات للقوات الأمريكية. وردا علي ذلك قامت واشنطن بتجميد المساعدات المالية المخصصة لإسلام أباد والتي تقدر بنحو1.6 مليار دولار في العام. ثم بدأت العلاقات بين الولاياتالمتحدةوباكستان في التحسن بعد قيام اسلام اباد بإعادة فتح خطوط الامدادات في صيف2012 ثم ازداد التفاؤل ازاء احتمالات تطور العلاقات الامريكيةالباكستانية مع انتخاب نواز شريف رئيسا للوزراء خلفا لآصف زارداري والذي اتسمت فترته بتوسيع هوة الخلافات مع الولاياتالمتحدة. وتمهيدا لزيارة نواز شريف إلي واشنطن قامت ادارة أوباما برفع التجميد عن المساعدات العسكرية والاقتصادية لباكستان والتي تقدر ب16 مليار دولار كما تقدمت بطلب للكونجرس بتخصيص مساعدات مماثلة في ميزانية.2014 وفي حين اكتفت بعض الصحف الباكستانية بالتركيز علي ايجابيات الزيارة وكونها' خطوة للأمام' وسلطت الأضواء علي اتفاقات التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد والتعليم اهتمت صحف أخري بالتأكيد علي استمرار الخلاف بين الجانبين حول الغارات الامريكية بدون طيار علي معاقل طالبان في الاراضي الباكستانية والتي تعهد نواز شريف بأن وقف هذه الغارات سيكون علي رأس أولوياته لدي انتخابه. وأشارت الصحف نقلا عن محللين إلي أنه في حين أكد المتحدث باسم الخارجية الباكستانية إعزاز أحمد شودري أن نواز شريف أطلع الإدارة الأمريكية علي تحفظات باكستان بشأن غارات الطائرات الأمريكية التي تستهدف أراضيها, مشيرا إلي أن باكستان تتوقع تفهم الجانب الأمريكي للموقف الباكستاني في هذا الشأن. تجاهل المسئولون الأمريكيون الأشارة من بعيد أو قريب إلي قضية الغارات الأمريكية ليس هذا فقط بل تعمدت صحيفة واشنطن بوست نشر مقالة يوم القمة اكدت فيها استنادا الي وثائق سرية ان اسلام اباد تدعم سرا منذ اعوام غارات الطائرات بدون طيار و تعارضها علنا فقط, مشيرة إلي أن بعض الغارات نفذت بناء علي طلب من السلطات الباكستانية. وانتقدت منظمات حقوقية أمريكية'الازدواجية' في موقف باكستان التي تدين رسميا هذه الضربات باعتبارها انتهاكا لسيادتها, لكنها تري سرا ان الكثير من هذه الغارات كان' مفيدا'. كما رد البيت الابيض علي تقرير منظمة العفو الذي تضمن انتقادات شديدة اللهجة لهذه الغارات واتهامات لواشنطن بأنها تمنح نفسها' حقا في القتل يتخطي صلاحيات المحاكم والمعايير الجوهرية للقانون الدولي'بالتأكيد علي أن' العمليات الامريكية لمكافحة الارهاب دقيقة, انها قانونية وفعالة' مضيفا ان الادارة الامريكية تبذل اقصي ما بوسعها لتفادي سقوط ضحايا مدنيين. ويشير المحللون إلي أن هذه المؤشرات توضح أن الولاياتالمتحدة لن توقف الغارات وستظل هذه القضية عالقة وهوما سيؤدي حتما إلي' تسمم' العلاقات الثنائية ويعوق توصل الجانبين إلي اتفاقات بشان مسائل أخري خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في افغانستان في ابريل وما تشكله من قلق لباكستانوالولاياتالمتحدة في ظل اقتراب موعد انسحاب القوات الامريكية من الاراضي الافغانية. أما مايكل كوجلمان الصحفي بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فيري أن السبب وراء الاضطراب في العلاقات الامريكيةالباكستانية يرجع بالاساس إلي نظرة الولاياتالمتحدة القاصرة نحو حليفتها حيث تري واشنطنباكستان' من خلال عدسة تدخلها العسكري في افغانستان ولهذا تهيمن علي علاقاتها بها القضايا الأمنية'.