اتهم البعض هيئة النيابة الإدارية بمحاولة سلب اختصاص ليس لها, ولم يكن لها في يوم من الأيام.. وفي المقابل ذهب البعض الآخر إلي أنالقضاء التأديبي أحد الأعمدة الأساسية في الدعاوي التأديبية, ويتحتم تسليم زمامه لهيئة النيابة الإدارية, باعتبار أعضائها الأجدر- من وجهة نظر هؤلاء بإدارة منظومة القضاء التأديبي إذا أردنا إنجازا حقيقيا يرفع معدلات الفصل في القضايا. الأزمة مشتعلة بين النيابة الإدارية ومجلس الدولة, حيث يري كل منهما أحقيته بالتصدي لهذا الاختصاص, وحمل أمانته, ولكل طرف منهما- حججه وأسانيده. المستشار عناني عبد العزيز عناني رئيس هيئة النيابة الإدارية له رأي خاص ومهم في هذه القضية, باعتباره واحدا من أبرز المهمومين بهذا الملف. أكد أنه يحلم بتحويل القضاء التأديبي إلي منظومة قضاء متكاملة موازية للقضاء العادي, وقال في حوار مع الأهرام- إننا مصممون علي تحقيق مطالبنا, ثم حاسبونا علي النتائج. وأضاف ان الواجب علينا جميعا تغليب المصالح العليا للبلاد, وتوفير جهودنا للبناء, والبعد عن الصراعات. وفيما يلي نص الحوار.. في رأيكم: لماذا النزاع الحالي بين هيئتكم ومجلس الدولة علي القضاء التأديبي؟ - لسنا طرفا في نزاع, وليس لنا الحق في دخول أي نزاعات مع أي طرف, ولكننا لنا الحق في المطالبة بما نراه يفيد المصلحة العامة, غير أن أعضاء مجلس الدولة يتصورون أننا نغتصب حقهم في حين أننا لا نشرع لأنفسنا, أو نختار اختصاصاتنا, وانما لجنة الخمسين لتعديل الدستور هي التي تصنع التشريع, ونحن في جميع الحالات سنطبق ما تنتهي إليه اللجنة بعيدا عن طموحاتنا ورأي مجلس الدولة في اختصاصاتنا. ما رأيك في محاولات مجلس الدولة لشطب الهيئة من السلطة القضائية واعتبارها هيئة إدارية ؟ - بأي صفة يطلب مجلس الدولة هذا الطلب ؟ إن هيئة النيابة الإدارية هيئة مستقلة منذ نشأتها, ولها دورها في مكافحة الفساد في قطاعات الدولة, وأعتبر هذا تصرفا غير صحيح, ويجب عليهم احترام دور السلطة التشريعية المتمثلة في لجنة الخمسين, وعدم التدخل في عملها واحترام ما تنتهي إليه. ولجنة الخمسين تري أن القضاء التأديبي مثل القضاء العادي لابد أن يكون له نيابة تحقق في الوقائع, ومحاكم تفصلفي القضايا وتصدر أحكاما ولها أن تحدد من يلعب هذا الدور. هل وافقتم بالفعل علي التنازل عن مطالبكم وترك اختصاص القضاء التأديبي لصالح مجلس الدولة ؟ هذا كلام غير صحيح.. وشائعات مغرضة تريد ايجاد بلبلة داخل صفوف الهيئة, وهي ليست عمارة أو قطعة أرض أمتلكها حتي أتنازل عنها. وقد صدر عن الهيئة بيان ينفي هذه الشائعة, وصدر بيان عن رئاسة الجمهورية ينفي ذلك أيضا, لأنه أشيع أنني تنازلت عن هذا الاختصاص أمام رئيس الجمهورية. وحينما قابلت رئيس الجمهورية قال إنه يجتمع مع رؤساء الهيئات القضائية باعتباره قاضيا, وليس كرئيس للجمهورية, وأكد أنه يحترم ويقدر دور الهيئة, وقال انه لا يريد سوي الاتفاق, وان يتوصل رؤساء الهيئات إلي حل يرضي ويتفق عليه الجميع وكان مقتنعا تماما بفكرة إقامة منظومة للقضاء التأديبي مثل منظومة القضاء العادي, ولكنه طلب منا أن نتفق نظرا للظروف الحرجة التي يمر بها الوطن. هل هناك نص اقترحته لجنة العشرة بإسناد القضاء التأديبي لهيئة النيابة الادارية ؟ لم تقترح لجنة العشرة ذلك, ولجنة نظام الحكم هي التي اقترحته لأنه كان مطلبنا, حتي يتم انشاء منظومة للقضاء التأديبي مثل القضاء العادي, فتحقق النيابة الإدارية في الوقائع, وإذا ثبت وقوع مخالفة تحال إلي المحكمة مثلما يحدث في النيابة العامة. في رأيكم لماذا يتمسك مجلس الدولة باختصاص القضاء التأديبي ؟ مجلس الدولة هو فقط الذي يستطيع الرد, ولكني متمسك بالقضاء التأديبي, لأنني احلم بإنشاء منظومة متكاملة للقضاء التأديبي, لتحقيق العدالة الناجزة, فكيف أحقق مع موظف وليس لدي الحق في إصدار الحكم المناسب. يجب أن تتولي النيابة الإدارية الدعوي من بدايتها حتي نهايتها, لأنني حينما أحقق مع موظف فانا أعلق عمله, وأجمده حتي نهاية التحقيق, ولا يمكن أن أعلق عمله أكثر من شهرين, فانا متمسك بالقضاء التأديبي لتحقيق العدالة الناجزة ولصالح الموظف وليس لاكتساب سلطة. كيف تنظرون الي ما جاء علي لسان بعض أعضاء نادي مجلس الدولة ضد مقترحات ومطالب الهيئة ؟ استنكر ما قاله البعض, ولكني حريص علي أن تكون العلاقة بيننا ومجلس الدولة طيبة, لأننا نسيج واحد للسلطة القضائية, ولا يصح أن نقف أمام بعضنا خصوما وأترفع عن الرد. وقد نبهت علي أعضاء الهيئة بعدم الرد أو التجاوز في وسائل الإعلام..وفي يوم اجتماع الجمعية العمومية بالنادي, طلبت من الأعضاء عدم الرد أو الدخول في أي نقاش غير لائق, لأننا في النهاية أعضاء سلطة واحدة هي السلطة القضائية. هل تشعر بأن هناك اتجاها لدي البعض لنزع الصفة القضائية عن هيئتي النيابة الادارية وقضايا الدولة أيضا ؟ تقصد اتجاها من مجلس الدولة؟.. أؤكد أن مجلس الدولة ليس له اختصاص أو سلطة لينزع منا أو يضيف إلينا أو إلي غيرنا أي صفة أو سلطة ولكني حريص علي ان استغل فرصة صياغة دستور جديد, وان أقوم بنقلة نوعية لأعضاء الهيئة, ولا أضيع هذه الفرصة وانتظر خمسين سنة أخري لتحقيق مطالب الهيئة في دستور جديد. وأريد أن أوضح للناس أن المحاكمات التأديبية موجودة بالفعل في قانون الهيئة, وليست في قانون مجلس الدولة, ولذلك اسعي إلي أن تجري الأمور في مجراها الصحيح, وان نستغل فرصة دستور جديد في ظروف ديمقراطية لتعديل الوضع, وتحقيق العدالة الناجزة. هناك من يشيع أن الهيئة فشلت في مكافحة الفساد الإداري في قطاعات الدولة أو حتي الحد منها ؟ هذا كلام غير صحيح, وليس له أساس من الصحة, وهناك تقارير وإحصائيات توضح جهود ودور الهيئة في مكافحة الفساد الإداري في قطاعات الدولة. والهيئة ليست بمفردها في منظومة مكافحة الفساد الإداري, ولنا شريك هو مجلس الدولة, فإذا كنا مقصرين فهم شركاء لنا, ولكننا نطالب بإسناد منظومة القضاء التأديبي لنا لسد جميع الثغرات في هذا الصدد, فحققوا لنا مطالبنا ثم حاسبونا. هل إسناد القضاء التأديبي للهيئة يجعلها الخصم والحكم؟ لا طبعا, لأن دور الهيئة هو التحقيق في وقائع الفساد الإداري في مؤسسات الدولة بناء علي قانون ودستور واضح يحدد صلاحياتنا وسلطاتنا, ويحدد هذا الدور السلطة التشريعية, فنحن نحقق ونحيل المتهم إلي المحكمة المختصة بالقانون, ونطبقه كما هو فكيف نكون الخصم والحكم؟ ماذا تقول لأعضاء مجلس الدولة؟ إذا كنا نريد تغليب المصلحة العامة للبلاد فيجب احترام ما تنتهي إليه لجنة الخمسين, وأتمني إيجاد منظومة جديدة للقضاء التأديبي تكون موازية لمنظومة القضاء العادي. ومجلس الدولة رقيب علي النزاعات الإدارية وقاضي المشروعية لا جدال, ولكن لا شأن له بالقضاء التأديبي, وأوصي بعدم الدخول في أي نزاعات حاليا نظرا للظروف الحرجة التي تمر بها مصر, وأتساءل لماذا كل هذا الاحتقان, فقد سبق ضم المحاكم الاقتصادية إلي القضاء العادي بعد أن كانت ولايتها لمجلس الدولة, ولم يحدث أي شيء ولم يتحرك مجلس الدولة ليرفض ذلك, فيجب تغليب المصلحة العليا للبلاد, وأن نوفر مجهودنا للبناء, وليس لخوض صراعات.