في البداية يؤكد الدكتور عبد الفتاح إدريس, أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر, أن المفقود في الإسلام هو من ذهب إلي موضع فيه حرب دائرة بين فريقين وانقطعت أخباره عن أهله, أو ذهب إلي موضع وكان له عنوان معلوم يراسله أو يتصل أهله به عن طريقه ثم انقطعت أخباره عنهم, والآراء مختلفة في مدي الاعتداد بوفاته أو بفقده أو بفقد الاتصال به, ولكن المعمول به في المحاكم الشرعية أن الإنسان المفقود يعد في حكم المتوفي إذا مضي علي فقده أو عدم القدرة علي التواصل معه4 سنوات, فإذا مضت هذه السنوات الأربع اعتبر مفقودا, وترتب علي فقده ما يترتب علي الوفاة الحقيقية مثل تقسيم التركة وزواج امرأته وغير ذلك وهو يعتبر انه مات. فإن ظهر بعد ذلك فإن الحكم الصادر بوفاته يلغي في حق ما ترتب عليه من آثار علي هذا الحكم وتعود له زوجته بعقد زواج وتعود أمواله الموروثة وتعود إليه جميع الحقوق والواجبات التي ترتبت علي الحكم بموته. وأبناء يبحثون عن آباء من جانبه أوضح الدكتور احمد كريمة, أستاذ الشريعة الإسلامية, أن القوانين المنظمة للأحوال الشخصية متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في أحكام المفقود, وأن الحكم بوفاته بعد مضي4 سنوات, عمل اجتهادي ولا دليل عليه, لكن في الفقه المعاصر يتم الاستدلال علي الشخص من خلال سجلات ووثائق الخروج من البلاد أولا مثل المواني الجوية والبرية والبحرية, وإذا لم يثبت كل ذلك انه لم يخرج وأصبح في داخل الوطن ثم أجريت التحريات الشرطية اللازمة من خلال البحث ولم يظهر أو خرج من البلاد وفشلت المؤسسات كالسفارات وما يماثلها في التوصل إليه, فانه في هذه الحالة يمكن للقاضي الاستئناف بالقرائن, والقرينة ليست دليلا, لكنه يستدل بها علي الحكم الشرعي فإذا كان هذا الإنسان في معركة ما أو في حادثة من الحوادث فهذه الأمور وما أشبهها تترك لتقدير القاضي, وإذا استقر وجدان المحكمة فيصدر القرار حكميا لأن موته هنا حكمي وليس حقيقيا, ومن هذا التاريخ تبدأ الأرملة مرحلة العدة, وبالتالي تنفذ وصاياه ويتم التوريث, أما قبل ذلك أي قبل قرار المحكمة حتي لو مرت سنوات طوال فلا توريث ولا عدة للزوجة إلا بعد قرار المحكمة المختصة, وإذا عاد فيصدر أيضا قرار من المحكمة ثم تعود إليه امرأته إلي عصمته, وتعود إليه أمواله لان القاضي حكمه نافذ, ويجب جمع كل القرائن التي تعين القاضي علي الحكم السليم. الحاجة إلي اجتهاد جديد أما الدكتور محمد الشحات الجندي, أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة حلوان, فيؤكد أن الخلاف الفقهي في هذه المسألة, يرجع إلي أن المفقود هو الذي لا يدري حياته من موته لان الظروف التي اختفي فيها غامضة بحيث لم نتيقن من موته ويحتمل وجوده علي قيد الحياة لذلك لا يكون هناك تحديد قاطع لحياته من وفاته وبسبب ذلك هناك اختلافات بين الفقهاء بين من يعتبر انه ينبغي أن تمضي مدة طويلة حتي نتيقن من وفاته وهذا الرأي ينسب للإمام أبي حنيفة, وأما رأي الإمام مالك فهو أن المفقود يحكم بوفاته بعد مضي4 سنوات, ويكون مسألة القضاء بوفاته أي بحكم قضائي, والقضاء هو من يحكم وليس بحكم فردي, وبالتالي هذا الموقف بالنسبة للمفقود, ولو نظرنا للظروف الحالية فنجد أن هناك متغيرات طارئة علي وضع المفقود, أي هناك ظروف يغلب فيها وفاة الشخص مثل وجوده في سفينة غرقت أو طائرة سقطت أو في قطار تصادم بآخر, وأسفر عن موت من في هذا القطار, أو في حرب فهناك بعض الظروف يكون الأمر متيقنا أن هذا الشخص قد فقد حياته, وبالتالي فإن تحديد وفاة الشخص ليس بالضرورة في هذه الحالات انتظار4 سنوات بل إن الأمر لا يحتاج إلي انتظار, ويجب أن نحسم المسألة ينبغي ألا ننتظر4 سنوات لان هذا تحكمه ظروف وأوضاع اختفائه وهي مسألة اجتهادية, مسألة المدة الزمنية التي يحكم في ضوئها اعتبار الشخص مفقودا هي مسألة اجتهادية لا يوجد عليها نص صريح من القرآن والسنة وهنا يجب أن ننظر إلي كل حالة علي حدة وفقا لظروف كل حالة, وهذا هو الأفضل, ولذلك ظهرت قرارات اعتبرت من خلالها انه مفقود بعد مضي شهر واحد فقط, وهذا نحتاجه لاعتبارات متعددة فما دام لا توجد مظاهر ترجح انه علي قيد الحياة واعتباره مفقودا يجب أن نعول عليها, خاصة أن هناك أدوات ووسائل معاصرة يمكن الكشف بها عن حياة أو موت احد الأشخاص, ولكن الآن نحن نعلم أن هناك وسائل تكنولوجية يمكن اللجوء إليها في هذا الصدد ووسائل أمنية حديثة, وهنا نستصدر حكما قضائيا لكن الأفضل فحص كل حالة علي حدة لأن مسألة الحياة والموت تترتب عليها نتائج متعددة والنتائج بالفعل ينبغي عدم تعليقها ما دامت توافرت الأدلة التي تؤكد وفاة الشخص وهنا لا داعي للانتظار4 سنوات.