تعتبر السمنة من الأمراض الشائعة في المجتمعات المتقدمة والنامية علي حد سواء, وهي تعني زيادة في كمية دهون الجسم, فيتم تخزينها إما في جميع أجزائه, أو في مواضع محددة به, وتتفاوت السمنة من بسيطة إلي مفرطة, وهناك طرق عديدة لقياسها, لعل أكثرها شيوعا هو المقياس المعروف بمعامل كتلة الجسمBMI, وهو عبارة عن حاصل قسمة وزن الجسم بالكيلوجرام علي مربع طول الجسم بالمتر, وطبقا لهذا المعامل يقسم الأشخاص إلي أربع مجموعات هي: وزن عادي(20 24.9), وزن زائد(25 29.9), سمنة بسيطة أو متوسطة(30 39.9), سمنة مفرطة(40 فأعلي), واستخدام هذا المقياس مقصور علي الأشخاص البالغين, إذ إن هناك مقاييس أخري للسمنة عند الأطفال والمراهقين. وتشير بعض الإحصاءات إلي أن ما لا يقل عن62% من النساء في مصر يعانين من الوزن الزائد أو السمنة, أما عن أسباب السمنة فهي عديدة أهمها: الإفراط في تناول الطعام قلة النشاط الحركي عوامل وراثية ونفسية واجتماعية وفسيولوجية( كاضطرابات الهرمونات) تكرار الحمل والولادة عند السيدات. ولأن السمنة محصلة سنوات من السلوك الغذائي الخاطئ, فالعلاج ليس بالأمر السهل, لكنه بالقطع ليس مستحيلا مادامت الإرادة قد توافرت, وتحلي المريض بالصبر, فالتخلص من الوزن الزائد يجب أن يكون تدريجيا, ووفقا لبرنامج علمي يهدف إلي التخلص من الدهن الزائد بالجسم وليس التخلص من كتلة العضلات بالجسم, ولقد أكدت دراسات كثيرة أن لنظم إنقاص الوزن( الريجيم) القاسية مخاطرها المؤكدة علي صحة الإنسان بدنيا ونفسيا. إذن تعزي السمنة إلي عدم التوازن بين كمية الطاقة التي يستهلكها الإنسان, وما يتناوله من غذاء, ومن ثم يتراكم الفرق بينهما في شكل دهون تخزن بالجسم, ويتباين برنامج إنقاص الوزن تبعا لدرجة السمنة, والحالة الصحية للشخص, وطبيعة النشاط الذي يمارسه, ومن ثم فليس هناك برنامج واحد يصلح لكل مرضي السمنة, وهو خطأ شائع يقع فيه الكثيرون. إن برنامج إنقاص الوزن يجب ألا يخل بتوازن المغذيات في الوجبات التي يتناولها مريض السمنة( أي أن15% من الطاقة يأتي من البروتينات,30% منها مصدره الدهون, في حين توفر الكربوهيدرات النسبة الباقية), واستبعاد أي من هذه المغذيات خطأ وخطر, لأن لكل منها أهمية حيوية بالغة لا يمكن الاستغناء عنها, وما يتم خفضه هو كمية الغذاء مع الإبقاء علي توازنه من منظور الطاقة, بالإضافة إلي وفائه بالاحتياجات من المغذيات الأخري( الفيتامينات والعناصر المعدنية والماء والألياف), وعلي الرغم من أن الألياف لا تهضم ولا تمتص بجسم الإنسان لغياب النظم الإنزيمية المحللة لها, فإن وجود الألياف( مصدرها الأغذية النباتية فقط), أمر جد مهم, لأنها تساعد في عملية الإخراج, بل وتساعد علي حماية الإنسان من أمراض أخري علي رأسها سرطان القولون, ناهيك عن أن للألياف قدرة عالية علي التشرب بالماء, وهو ما يؤدي إلي الشعور بالشبع, ومن ثم تناول كمية غذاء أقل, ولا يفوتنا التنويه إلي انتشار ظاهرة السمنة عند الأطفال, وهي مشكلة خطيرة, لأن السمنة غالبا ما تصاحب الطفل في رحلة العمر, وهو ما يزيد من عامل المجازفة للإصابة بالأمراض التي تعتبر بمثابة متلازمة السمنة, وأهمها: السكري, وأمراض القلب والشرايين, وارتفاع ضغط الدم, وزيادة نسب الكوليسترول الرديء في الدم.. إلخ, ناهيك عن المردودات الاجتماعية والنفسية السيئة لمن يعاني السمنة. ومن البحوث الحديثة دراسة أجريت في البرازيل, ونشرت نتائجها منذ أسابيع في إحدي الدوريات العلمية الدولية, فلقد تمكن الباحثون في هذه الدراسة من وضع برنامج تثقيف غذائي لعينة من تلاميذ المدارس الابتدائية الذين يعانون السمنة, وبالتعاون بين الأسرة والمدرسة أمكن تغيير النمط الغذائي لهؤلاء التلاميذ في غضون ثلاثة أشهر, حيث بدأت أوزانهم في التراجع بشكل ملحوظ, وعلي أساس علمي, ولاشك أننا في مصر نحتاج لمثل هذه البرامج, حيث إن سمنة الأطفال في مصر في تزايد ملحوظ. ولأن الوقاية خير من العلاج, فإنه يمكن تجنب الإصابة بالسمنة والسيطرة عليها بعدة وسائل أهمها: { اتباع نظام غذائي متوازن يتواءم وحالة الإنسان( العمر الجنس نوع العمل الحالة الصحية), وقد يحتاج الأمر إلي استشارة إخصائي تغذية. { ممارسة الرياضة من ثلاث إلي خمس مرات أسبوعيا. { تناول الأغذية الغنية بالألياف( الخضراوات والفواكه) يوميا. { تقسيم طعام اليوم علي خمس وجبات صغيرة بدلا من تناول هذا الطعام في ثلاث وجبات كبيرة. { تناول اللحوم مسلوقة لا محمرة, وإزالة جلد الدجاج لاحتوائه علي نسبة عالية من الدهون والكوليسترول. { تقليل كمية السكر المستخدم في تحلية المشروبات بقدر المستطاع. { التقليل بقدر الإمكان من تناول الأغذية السريعة, والأغذية الدسمة التي تحتوي علي كميات كبيرة من الدهون والسكريات, ومتابعة وزن الجسم علي فترات منتظمة. د. محمد محمود يوسف سكرتير عام الجمعية العلمية للصناعات الغذائية