تقوم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بدور نبيل في ساحات القتال وفي المناطق الحضرية المعرضة لخطر الدمار والصراعات والمذابح الجماعية. وتأتي أهمية دور قوات حفظ السلام في توفير الحماية للمدنيين في المناطق غير الآمنة في أنحاء العالم. ولكن التجربة العملية والأمر الواقع في أنحاء العالم وفي أفريقيا علي وجه التحديد أكدا أن قوات حفظ السلامالتابعة للأمم المتحدة تكون أحيانا في حاجة لحفظ الأخلاق. وكان متحدث باسم قوات بعثة الأممالمتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي,المعروفة اختصارا باسم قوات( مينوسما), قد اعترف بتورط أفراد من قواته في حادث اغتصاب سيدة من مالي مؤخرا. وذكرت وسائل الاعلام أن الجنود المتهمين تابعون للقوة التشادية البالغ عددها1500 جندي والتي تعمل في مالي تحت قيادة الأممالمتحدة. وتمت مطالبة السلطات التشادية باجراء تحقيق واتخاذ الاجراءات التأديبية اللازمة ضد الجنود المتورطين في الحادث الذي وقع في اطار حالة من الانفلات يومي19 و20سبتمبر الماضي بمدينة جاو شمال مالي.وعرض المتحدث تقديم مساعدة طبية ونفسية وقانونية للمجني عليها. ولم تكن الواقعة سالفة الذكر هي الأولي التي تشهدها مالي منذ بدء عمل قوات حفظ السلام الدولية. فقد تلقت بعثة الأممالمتحدة في مالي العديد من البلاغات حول حوادث سوء سلوك ارتكبتها قوات حفظ السلام في الأسبوع قبل الأخير من شهر سبتمبر الماضي بما فيها واقعة الاغتصاب. ووفقا لتصريحات مارتن نسيركي المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأمين العام يأخذ الأمر بأكبر قدر من الجدية. وتم التنويه في بيان للمنظمة الدولية أن بان كي مون يتبني سياسة اللاتسامح تجاه حوادث الاستغلال والانتهاك الجنسي وسيقوم بأي عمل ممكن للتأكد من سلامة سير التحقيقات والاجراءات وعملية المحاسبة. ومن المعروف أن الدولة التي تشارك بقواتها في مهام الأممالمتحدة تكون المسئول الأول عن اجراء تحقيق حول الوقائع المنسوبة لأي فرد من أفراد قواتها, وتكون مسئولة أيضا عن اتخاذ كل الاجراءات العقابية والقانونية في حالة ثبوت الاتهامات. وتجدر الاشارة الي أن بعثة الأممالمتحدة في مالي, قد تشكلت بموجب قرار مجلس الأمن في شهر أبريل2013 لدعم العمليات السياسية في مالي وتنفيذ عدد من المهام ذات الصلة بالأمن. وتم تحميل البعثة بعدة مهام من أبرزها دعم السلطات الانتقالية في مالي لتحقيق الاستقرار في البلد وتنفيذ خريطة طريق المرحلة الانتقالية, مع الاهتمام بحفظ الاستقرار في المراكز الرئيسية لتجمع السكان, وخطوط الاتصال, والمواصلات, وحماية المدنيين, والترويج لحقوق الانسان, وتهيئة الظروف لتوفير المساعدة الانسانية وعودة المشردين, وبسط سلطة الدولة, والتحضير للانتخابات. وتقدر القوة ب6294 فردا منهم5494 فردا من العسكريين و800 من الشرطة. وكانت جراسا ماشيل, زوجة زعيم موزمبيق الراحل سامورا ماشيل والزعيم نيلسون مانديلا رئيس جنوب أفريقيا الأسبق, قد قدمت دراسة للأمم المتحدة في عام1996 أكدت خلالها أن وصول قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الي مناطق النزاعات المسلحة جاء متبوعا بزيادة واضحة لظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال من6 الي12 حالة تناولتها الدراسة. وفي عام2011 أكدت الأممالمتحدة طرد16 من العسكريين التابعين لدولة بنين من الخدمة عقب ثبوت فشلهم في حماية المدنيين من التعرض للاعتداءات الجنسية.كما سبق أن تقدمت جهات عدة ببلاغات تتناول سوء سلوك قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كل من الكونغو وكوت ديفوار والسودان وأماكن أخري في أنحاء العالم مما مثل تهديدا لسمعة قوات الأممالمتحدة ونزاهة ونبل رسالتها.