جاء قرار الأزهر, بعدم الاعتراف بشهادات معاهد تحفيظ القرآن الكريم التي لا تخضع لإشرافه المباشر, ليغلق الباب أمام المستغلين لتلك المعاهد كمنافذ لنشر الفكر المتشدد, وتخريج دعاة ومحفظين لا يجيدون حفظ القرآن الكريم وتلاوته وأحكامه. وفي ظل المخاوف من غلق تلك المعاهد التي يبلغ عددها320 معهدا في مختلف محافظات الجمهورية, أكد علماء الأزهر, أن القرار يعيد النظر في المناهج التي تدرس في هذه المعاهد والتي تحمل الكثير من الآراء التي تتناقض مع المنهج الإسلامي الأزهري الصحيح, ويهدف إلي تخريج دعاة ومحفظين علي مستوي المسئولية للعمل في كل مجالات الدعوة أو التدريس, بعيدا عن الغلو والتطرف, وطرح المناهج الصحيحة لفهم القرآن الكريم والسنة المطهرة. وحول دوافع صدور هذا القرار, يوضح الدكتور عباس شومان, وكيل الأزهر وأمين عام هيئة كبار العلماء, أن القرار يهدف إلي ضمان مستوي الخريجين لدراستهم علي أيدي متخصصين, و إخلاء مسئولية الأزهر من تعيين هؤلاء الطلبة الذين تخرجوا في تلك المعاهد لعدم تطابق مناهج التدريسبها مع منهج الأزهر. ويضيف: أن هذا ليس معناه الحرب علي معاهد قراءات القرآن, ويهدف إلي إخضاع مناهجها لاشراف الازهر وتوافر المواصفات اللازمة في الدارسين وذلك بأن يكون الطالب حاصلا علي مؤهل مناسب, وان يكون المحفظون من خريجي الأزهر, وعقدت لهم امتحانات ومقابلات اجتازوها بنجاح. ونفي الشيخ جعفر عبد الله, رئيس قطاع المعاهد الأزهرية, صحة ما يتردد حول غلق معاهد القراءات التي يبلغ عددها320 معهدا في مختلف محافظات الجمهورية, موضحا أن القرار نص علي دراسة أحوال معاهد القراءات وتشكيل لجنة برئاسة وكيل الأزهر لإعادة النظر في آلية تعظيم دورها وضبط الحصول علي شهادات القراءات, وأن تكون الامتحانات الشفوية في السنة النهائية مركزية من خلال لجان رئيسية تشكل بمعرفة رئيس قطاع المعاهد وتعتمد من وكيل الأزهر حرصا علي ألا يحصل علي الشهادة إلا من كان أهلا لها. من جانبه أشاد الدكتور الأحمدي أبو النور, عضو هيئة كبار العلماء ووزير الأوقاف الأسبق, بالقرار مؤكدا أنه يمثل ضمانة قوية لعدم دراسة القراءات إلا لمن كان أهلا لها, مشترطا لذلك أن يقوم بالتدريس خريجو معهد القراءات أو الحاصلون علي الماجستير والدكتوراه في القراءات, وهذا الإشراف من جوهر اختصاص الأزهر, ومن الخطورة أن يتولاها من ليس أهلا لها, فالطالب يتلقي قراءة القرآن علي يد شيخ مؤهل لذلك, فهو فن رفيع القدر وتخصص في غاية الأهمية والخطورة, وعليه يتوقف الإحاطة بمعاني الآيات القرآنية, فالقراءات المتعددة تضيف ثروة فقهية ولغوية وإعجازية ومعنوية من القرآن الكريم, كما أن الآيات التي تقرأ بقراءات متعددة لا تتعارض أو تتناقض, ولذلك يجب تدريسها علي يد المتخصص. منابر لنشر التشدد وفي سياق متصل يؤكد الدكتور حامد أبو طالب, عضو مجمع البحوث الإسلامية, أن القرار جاء في توقيته, ذلك أنه انتشر في الفترة الأخيرة تربح عدد من الأشخاص من هذا النشاط وجعلوه مدخلا لرزقهم بصرف النظر عن أهميته, فما علي الطالب إلا أن يدفع الرسوم وقليل من الحضور وبعدها تمنح له شهادة بتجويد القرآن ونحو ذلك, وأصبحت تمنح شهادات مقابل أموال ورأي الأزهر أن هذا استغلال يتنافي مع ما يجب للقرآن الكريم من التعظيم والاحترام, لهذا أصدر الأزهر قراره بعدم الاعتراف بهذه الشهادات. وأضاف قائلا: أن من يحصل علي أي شهادة من هذه المراكز لم تعد تؤهله هذه الشهادة للالتحاق بكلية القرآن الكريم ولا يعترف بها الأزهر عند الابتعاث لأية دولة, ولاشك أن هذا القرار يعيد للقرآن ولعلم القراءات مكانتهما ويبتعد بهما عن جعلهما سلعة يسترزق بها, ويغلق الباب أمام المتلاعبين والمستغلين للقرآن الكريم وعلم القراءات وللمدعين بإجادته.