ضمن4 أو5 مدن في العالم اختار الله موقعا جغرافيا لمدينة بورسعيد يؤهلها لاستقبال تجارة العالم كله وتعيد توزيعها مرة أخري علي المدن المحيطة علي سواحل البحر المتوسط والأحمر وأيضا الأسود ولكن يبدو أن المسئولين لدينا سوف يفرطون في هذه الهبة الآلية وأن بورسعيد الباسلة سوف تعطي ظهرها للبحر وتتفرغ لالتقاط ما يفيض عن الآخرين بل أنها سوف تقدم هذه المنحة هدية مجانية لإسرائيل ليرزح البورسعيدية تحت المزيد من البطالة وتحرم مصر من فرصة تاريخية لاستثمار مرور قناة السويس عبر أراضيها ولتنتقل العشوائية من مدننا وشوارعنا إلي قراراتنا المصيرية! والحكاية ببساطة أن الفرصة التي ينتظرها البورسعيديون قد جائتهم علي طبق من ذهب حيث اتجه العالم لبناء سفن فوق عملاقة لنقل الحاويات بحمولات مضاعفة من أجل توفير الوقت والمال والتكلفة والوقود وتقليل التلوث وقد التقت هذه الصفات في الجيل الجديد من سفن الحاويات وتسمي( تريبل ايز) وتحمل الناقلة الجديدة نحو81 ألف حاوية ويتجاوز ارتفاعها مبني20 دورا وعرضها أكبر قليلا من عرض اتوستراد!! ولكن أهم مافي الأمر كما يقول الخبير الملاحي لواء حاتم القاضي رئيس اتحاد الغرف الملاحية العربية أن أسلوب تشغيل هذه الناقلات يختلف عن السفن التقليدية فهي تنقل البضائع من آسيا إلي أوروبا في رحلات طويلة لا تتوقف فيها سوي في4 أو5 محطات فقط حيث تقوم بتفريغ حمولاتها ثم تتولي سفن أقل حجما إعادة نقل هذه الحاويات إلي المواني الأخري وقد اجمعت كل الأوساط الملاحية علي أن ميناء شرق التفريعة في بورسعيد هو الانسب ليكون أهم محطة بالشرق الأوسط لاستقبال هذه السفن لموقعه العبقري في مدخل قناة السويس ولا ينقصنا سوي تطوير الميناء بزيادة عمقه ليصل إلي18 مترا بدلا من15 مترا حاليا وكذلك تطوير أوناش التداول بالميناء والذي تتوافر فيه إمكانات التوسع والتطوير وانشاء الساحات المناسبة لايواء هذه الاعداد الكبيرة جدا من الحاويات كما يتميز الميناء بان معدل انحرافه عن خط سير التجارة العالمية يصل للصفر حيث ستقوم سفن الحاويات بالتفريغ فيه ونستفيد نحن من وجود من4 إلي6 سفن بصفة مستمرة في شرق التفريعة باقامة مشروعات القيمة المضافة لتعظيم استفادتنا من المشروع ومن قناة السويس التي لا نجني من ورائها سوي رسوم المرور!!, إلا أنه بدلا من الاستفادة بهذه الفرصة فإن وزارة النقل في عهد الإخوان قد قامت بطرح مناقصة مخيبة للآمال كما يقول حاتم القاضي لتقديم عطاءات تصميم وانشاء وإدارة وتشغيل محطة الحاويات بميناء شرق بورسعيد حيث لم ينص في شروطها علي إمكانية الميناء استيعاب الجيل الجديد من سفن الحاويات وهو الجيل الذي بدأ إنتاجه بالفعل في ترسانات العالم لتفقد مصر هذه الفرصة التاريخية كما فقدتها من قبل لصالح مواني أخري بالمنطقة, وبمجرد سريان الإحساس لدي الأوساط الملاحية بهذا التخبط في مصر سارعت العديد من المؤسسات العالمية لاستقطاب هذه النوعية من الناقلات العملاقة فحاولت قناة بنما تعديل نظم العبور بها إلا أن الخطر الأكبر يأتي من إسرائيل التي ترغب في استثمار قربها الجغرافي من قناة السويس فأعلنت عن استثمار نحو2 مليار دولار لتطوير ميناءي اشدود وحيفا لاستقبال سفن التريبل ايز العملاقة بينما كان الأجدر بمصر أن تستفيد من هذه المنحة الآلهية وأن تطور ميناء شرق بورسعيد الأنسب لهذه المهمة, ولكن اللواء القاضي يبشرنا بأن الفرصة لاتزال قائمة وأن الوقت لم يفت بعد لو تداركنا اخطاؤنا وقمنا بالتطوير المطلوب لميناء شرق بورسعيد حتي لو تأخرنا قليلا عن المواني الإسرائيلية لان مصر ستظل لديها الميزة التنافسية الكبري وهي معامل الانحراف صفر عن خط سير التجارة العالمية بينما يبعد ميناء اشدود871 ميلا بحريا وميناء حيفا235 ميلا بحريا عن بورسعيد, والأمل معقود علي الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء بعدم اضاعة فرصة تاريخية لدعم الاقتصاد المصري والدكتور إبراهيم الدميري وزير النقل بإعادة طرح مناقصة تطوير الميناء بشكل تتوافر فيه إمكانية استيعاب الجيل الجديد من الناقلات العملاقة وأيضا الجيل الأحدث منه الذي يستوعب42 ألف حاوية!!