لم يعرف التاريخ علاقة بدأت بين حاكم وصحفي مثل التي كانت بين عبد الناصر و الأستاذ, فلم يكن يمر يوم تقريبا دون أكثر من إتصال تليفوني, ولم يسافر عبد الناصر إلا وكان بصحبته الأستاذ. 3وبقرار من عبد الناصر كانت كل مذكرة أو تقرير ترسل صورة منه إلي محمد كما كان يناديه عبد الناصر. مع ذلك فقد كان أتعس أيام الأستاذ يوم فاجأه عبد الناصر رغم ماكان بينهما من روابط بقرار تعيينه وزيرا للإعلام يوم26 أبريل.1970 وجاءنا الأستاذ يومها إلي الأهرام في حالة حيرة غير مسبوقة وقد أقسم لنا إنه لم يعرف بالقرار إلا بعد صدوره. وبعد ذلك دخل مكتبه وكتب خطابا لعبد الناصر بدأه بقوله سيادة الرئيس. وكانت هذه أول مرة يخاطبه بهذه الصفة الرسمية, وهذا بالضبط ما كان يخشاه الأستاذ. فحتي هذه اللحظة كان التعامل بين الإثنين كصديقين إلتقيا وتعارفا منذ18 سنة ومكنت الظروف من تفاهمهما حتي أصبحا رغم أن أحدهما زعيم ورئيس وحاكم قوي مهاب, والثاني صحفي قدير لامع يتحاوران كل يوم في طريق واحد نحو هدف واحد بلا حواجز رسمية أو قيود. وكان معني قرار الوزارة بالنسبة للأستاذ أنه هبط من درجة الصديق إلي المرءوس الذي تحكمه علاقات المنصب وقواعده. ولم يطمئن الأستاذ إلا بعد أن حرره عبدالناصر من هذا التفكير وضمن قرار تعيين الأستاذ وزيرا, أن يجمع بين الوزارة ورئاسة الأهرام في واقعة غير مسبوقة. ولعلي أضيف أنه لأمر كان يومها مجهولا, فإن هيكل استطاع يوم وفاة عبد الناصر بعد خمسة شهور فقط, أن يكون حاضرا في بيت الرئيس ساعة الوفاة ومابعدها, لا كصديق إنتهي دوره بوفاة الرئيس, وقد كان هناك من الذين يغارون منه من ينتظر اختفاءه, وإنما كان وجوده يومها كمسئول حاضر بمنصبه له حق المشاركة والقرار في ترتيب شئون الدولة, مما كان له أثر كبير في مستقبل مصر بانتقال السلطة إلي السادات. ونواصل الأحد القادم بإذن الله http://[email protected] لمزيد من مقالات صلاح منتصر