في وقت من الأوقات كان أسامة الباز أشهر دبلوماسي في مصر, إلا أن شهرته الفائقة لم تنتقص جزءا ولو قليلا من بساطته وتواضعه وشعبيته. فكان يتنقل جالسا بجوار السائق بلا حراسة وكثيرا ماكان يستقل التاكسيات أو يسير علي قدميه, وفي اجتماعات الرئيس كان يتحرك حاملا مظروفا كبيرا يضم عدة أوراق بيضاء لكتابة ما يحتاجه الموقف, بخط متميز من أجمل الخطوط العربية وأوضحها. كان أسامة ظاهرة لمعت في كل مكان شغله بدأت فور عودته من دراسة الدكتوراه في جامعة هارفارد الشهيرة, وأرسلته وزارة الخارجية إلي الأستاذ سامي شرف سكرتير الرئيس عبد الناصر للمعلومات للعمل في مكتبه. وعندما تولي الأستاذ هيكل وزارة الإعلام في أبريل1970 أرسله إليه سامي شرف للعمل معه في وزارة الإعلام ثم في وزارة الخارجية التي انتدب هيكل لها خلال سفر وزيرها محمود رياض. وبرغم حلم كل دبلوماسي بمنصب السفير في إحدي الدول فإن أسامة الباز استبعد هذا الحلم ووهب نفسه للعمل في مصر لا يسافر إلا مع الرئيس أو في مهمة خاصة. وزاد علي ذلك تخصصه في القضية الفلسطينية التي أصبح أهم خبرائها, مما جعله يكتب الشق القانوني في أهم خطاب ألقاه أنور السادات أمام الكنيست الإسرائيلي. وعندما اشتد الخلاف في كامب ديفيد بين الرئيس السادات ومناحم بيجين بحضور الرئيس الأمريكي كارتر وبدا فشل المحادثات, طلب الرئيس كارتر الجلوس مع واحد فقط من الوفدين المصري والإسرائيلي لوضع خطوط الاتفاق. ومن بين أعضاء الوفد المصري, اختار السادات أسامة الباز لهذه المهمة التي انتهت بتوقيع اتفاق كامب ديفيد في مثل هذا اليوم17 سبتمبر1978 من35 سنة. ومن السادات إلي حسني مبارك الذي صحبه أسامة في رحلة صعوده, كتب له فيها مئات الخطابات والمذكرات والتقارير والدراسات والمشاورات, لكن تصريحا قاله الباز بأن مبارك لن يرشح نفسه في انتخابات2005 وأنه لا يفكر في توريث الحكم لابنه, كتب بداية النهاية, فأخذ يتباعد. وفي آخر سنوات تمكن مرض النسيان من صاحب العقلية النادرة وقوة الذاكرة. ورحل راهب الدبلوماسية مخلفا قيمه العظيمة ومحبة الملايين. http://[email protected] لمزيد من مقالات صلاح منتصر