مازال الملف النووي الإيراني يثير قلق الكثيرين خاصة في ظل التعقيدات الإقليمية التي تشهدها المنطقة وبروز محاور جديدة ومحاولات للهيمنة تهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط. ومن الواضح أن المجتمع الدولي يحاول بكل السبل والوسائل احتواء هذه الأزمة بشكل سلمي تحسبا من تداعيات أي محاولة لحل الأزمة بالقوة, ولعل ذلك هو ما دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي تجديد عرض إدارته بالدبلوماسية والحوار مع طهران, وذلك بعد عام من عدم تحقيق دعوة مماثلة لنتائج ملموسة. وقد أشار أوباما في كلمة وجهها إلي الشعب الإيراني إلي أنه يعمل مع المجتمع الدولي لتحميل الحكومة الإيرانية المسئولية لأنها ترفض الوفاء بتعهداتها الدولية, لكن العرض الأمريكي والدولي بإجراء اتصالات دبلوماسية شاملة وحوار مع إيران مازال قائما. إن هذا العرض الأمريكي الجديد القديم جاء نتيجة إدراك الإدارة الأمريكية صعوبة ومخاطر القيام بأي عمل عسكري لحل هذه الأزمة, وأن السبيل الوحيد هو الحوار مع إيران بالتزامن مع فرض عقوبات قاسية عليها في إطار سياسة العصا والجزرة. ولكن الحقيقة أن الحل الأمثل للملف النووي الإيراني وتداعياته علي المنطقة هو تنفيذ المبادرة التي طرحتها مصر منذ عدة سنوات بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل, فهذه المبادرة ستحجم أي تطلعات لإيران أو أي دولة أخري بالسعي لامتلاك سلاح نووي, كما أن استمرار إسرائيل وأي دولة أخري في الشرق الأوسط في الاحتفاظ بأسلحة نووية أو محاولة امتلاكها سيشجع باقي دول المنطقة علي الدخول في السباق ومحاولة الحصول علي أسلحة نووية سواء للردع أو الدفاع أو لاكتساب مكانة إقليمية معينة. لذلك فإن دعم المجتمع الدولي لمبادرة إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل قد يكون هو المدخل الأمثل لمعالجة الملف النووي الإيراني.