الأزهر الشريف كان دائما منارة للعلم علي مدي ألف عام وتميز بالوسطية والاعتدال في الفكر والثقافة, وهو الحافظ لهوية الأمة الإسلامية لأنه المدرسة الكبري التي تتلمذ علي مائدتها أبناء العالم الإسلامي عبر قرون عدة. وبما أن الأزهر كان دائما المرجعية الأولي والوحيدة وبما ان علماءه هم خط الدفاع الأول عن الثوابت والمباديء الإسلامية وحفظها من أي دسائس أو محاولات لطمسها فقد تعرض خلال السنوات الماضية لمحاولات لتهميش دوره وتعرض خلال السنة الماضية لمحاولة اختراقه...ولكن كما وقف الشعب المصري ضد أخونة القضاء وعدد من موسسات الدولة..وقف ضد أخونة الأزهر الشريف موكدا رغبته في الحفاظ علي وسطيته بعيدا عن أي تشدد أو تطرف. كل هذا يقودنا إلي الحديث عن دور الأزهر الشريف خلال الفترة المقبلة, والذي يعتبر دورا يحتاج إلي حزم وحسم وإحكام للقبضة علي زمام أمور الدعوي.. حيث تؤكد هناء أبو شهبة.. هذا وقد تصاعدت نبرة الأزهر الثورية في الفترة الأخيرة كخطوة أولي لبناء سد منيع بين فكرة الخلافة الإسلامية التي يتبناها الإخوان, وبين بعد الدين عن السياسة, وطبيعة الدولة المدنية التي يتبناها الأزهر الشريف. واستمر الصراع خاصة بعد انسحاب, ممثل الأزهر من الجمعية التأسيسية للدستور هذا بالإضافة إلي عدم موافقة الأزهر علي مشروع الصكوك الإسلامية بل وإصدار بيان يؤكد رفضه أي مشروع يعتمد علي ضياع أصول الدولة. ومن ناحية أخري أكد الشيخ الثوري محمد عبد الله نصر, الشهير بخطيب ميدان التحرير إن اختراق كل من الأخوان والسلفيين للأزهر الشريف تم خلال السنوات الثلاثين سنة الماضية وتحديدا بعد نصر أكتوبر المجيد وبعد سفر عدد من الأزهريين في بعثات علمية إلي دول الخليج وعودتهم بأفكار متشددة. فلنا أن نعلم إن في كلية أصول الدين وفي قسم التفسير يتم تدريس كتاب بعنوان الجهاد أساليبه ووسائله وهو مشبع بأفكار سيد قطب... ولكن بعد سنوات طويلة وبعد صعود الأخوان إلي سدة الحكم.. ظهرت الخلايا النائمة والموجودة إلي يومنا هذا في الأزهر وكلية الدعوة الإسلامية والعديد من الأماكن وبدأوا في محاولات التمكين. فالأزهر في المرحلة القادمة يقع عليه دور خطير ومهم يبدأ بدمج جهات الدعوي والفتوي المتعددة وإستقلال المؤسسة الأزهرية... فحتي الآن لا ولاية لشيخ الأزهر علي كل من دار الإفتاء ووزارة الأوقاف... فلنا أن نعلم أن وزارة الأوقاف قامت مؤخرا بتوقيع بروتوكول تعاون مع الجمعية الشرعية ومازال الإخوان يسيطرون علي مفاصل الوزارة وعلي الخطاب الديني... ولذا وجب إلغاء الإثنين مع استحداث منصب وكيل شيخ الأزهر لشئون الدعوي والإرشاد والأوقاف ووكيل آخر لشئون الإفتاء.. وذلك لدمج جهات الدعوي تحت رعاية الأزهر الشريف وحتي يعود ريع هيئة الأوقاف علي الأزهر ليستطيع أن يدير وينفق علي المعاهد الأزهرية وغيرها من الجهات التي تحتاج إلي دعم. وأضاف الشيخ محمد عبد الله نصر أنه يجب أيضا أن يتبني الأزهر الشريف خلال الفترة المقبلة فكرة توجيه الخطاب الديني التنويري القائم علي المنهج التحليلي النقدي القادر علي تفكيك أي أفكار متشددة مثل الحاكمية والتكفير وأسطورة الخلافة لينزع عنها القداسة بشكل وسطي تنويري مع تكثيف تدريس منهج ابن رشد لمجابهة الخطاب السلفي المتشدد...هذا بالإضافة إلي ضرورة إنشاء مدارس للدعاة واختيار الطلبة بناء علي قرار من لجنة مكونة من الأزهريين الوسطيين وعلماء علم النفس والمثقفين لتكوين فصيل جديد من الدعاة المعاصرين الملائمين للقرن ال21 وأخيرا يجب ولابد من إنشاء نقابة للدعاة الأزهريين تسمح فقط لحاملي الكارنية الخاص بها بممارسة العمل الدعوي سواء كان في المساجد أو الفضائيات. هذا وقد اشارت د. فايزة خاطر, الرئيس السابق لقسم العقيدة وعضو المجلس الأعلي للشئون الأسلامية سابقا إلي أن الملايين في مصر ومختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي تتشوق لبدء بث ارسال قناة الأزهر الفضائية الوسطية المعبرة عن المنهج الوسطي المعتدل النابع من سماحة الإسلام ورسالته السامية التي طالما دافع عنها الأزهر علي مدار أكثر من ألف عام...فتلك القناة سيقع علي عاتقها توحيد جبهة إصدار وتصحيح الفتوي وجمع وتنقيح وتنقية كل ما يصدر من فتاوي في مختلف القنوات الفضائية والرد عليها وتصحيحها...وبذلك تريحنا من بعض القنوات التي انتشرت في الساحة الإعلامية.