في منى.. الحجاج يرجمون إبليس ويجددون العهد بالطاعة    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    في ثالث أيام العيد.. إزالة 6 حالات تعدٍ على أملاك الدولة بالغربى بهجورة بمساحة 1775 مترًا    بزيادة 3% عن العام الماضي.. كم عدد أضاحي المصريين في المجازر الحكومية خلال العيد؟    الاحتلال يستهدف مراكز المساعدات وخيام النازحين بقطاع غزة    ترامب يتوعد ماسك بعواقب وخيمة.. هل انتهى شهر العسل بين «دونالد» و«إيلون»؟ (تقرير)    في اليمن.. العيد بين ألم الفُرقة وأمل الطريق المفتوح    موعد مباراة البنك الأهلي وإنبي والقنوات الناقلة    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    نادي سانتوس البرازيلي يعلن إصابة نيمار بفيروس كورونا    نائب: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية يعكس التزامها بالمعايير    بقرار من رئيس جهاز المدينة ..إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    خلال احتفالات العيد.. 3 جرائم قتل في مغاغة وملوي بالمنيا    «يعرض جزيرة إنترودوس وأحواض بناء السفن».. افتتاح مركز زوار قلعة قايتباي بالإسكندرية بعد تجهيزه (صور)    أسما شريف منير تكشف كواليس تعرفها على زوجها :«كان بيرقص رقص معاصر»    الدفاع المدني فى غزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء في غزة    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بالمجان ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    متفوقا على "ريستارت".. "المشروع X" يتصدر إيرادات دور العرض السينمائي    التحفظ على 1670 كيلو لحوم ودجاج في الدقهلية.. تفاصيل    زيزو: "تمنيت اللعب مع أبو تريكة وأتذكر هدفه في كلوب أمريكا"    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    إخماد نيران حريق بشونة كتان ومصنع طوب مهجور بالغربية    متحف شرم الشيخ يطلق فعاليات نشاط المدرسة الصيفية ويستقبل السائحين في ثالث أيام عيد الأضحى    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    هل تشتهي تناول لحمة الرأس؟.. إليك الفوائد والأضرار    مراجعة نهائية متميزة في مادة التاريخ للثانوية العامة    لم تحسم.. حقيقة تعاقد الزمالك مع المدافع الجزائري زين الدين بلعيد (خاص)    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    صحة غزة: مستشفيات القطاع ستتحول إلى مقابر خلال 48 ساعة    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    تقديم الرعاية ل2096 مواطنًا بقريتي السرارية وجبل الطير البحرية في المنيا    وزارة العمل تعلن عن وظائف بمرتبات تصل إلى 13 ألف جنيه.. اعرف التفاصيل    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه .. اعرف التفاصيل    عروض «بيت المسرح» ترفع لافتة «كامل العدد» في موسم عيد الأضحى| صور    التأمينات الاجتماعية تواصل صرف معاشات شهر يونيو 2025    بعد عيد الأضحي 2025.. موعد أول إجازة رسمية مقبلة (تفاصيل)    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    انفجار في العين.. ننشر التقرير الطبي لمدير حماية الأراضي المعتدى عليه خلال حملة بسوهاج    في حديقة حيوان الزقازيق.. إعفاء الأيتام وذوى الهمم من رسوم الدخول    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    مجلة جامعة القاهرة لعلوم الأبحاث التطبيقية «JAR» تحتل المركز السادس عالميًا (تفاصيل)    محافظة الشرقية: إزالة سور ومباني بالطوب الأبيض في مركز الحسينية    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    رونالدو ينفي اللعب في كأس العالم للأندية    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رد الاعتبار لفضيلة الاعتذار!
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 09 - 2013

لعل من أهم ماكشف عنه الجدل الذي ثار أخيرا بين وزارة الأوقاف والأهرام,
اختفاء فضيلة الاعتذار من حياتنا في كل مجالاتها. والحكاية معروفة: الأهرام نشر خبر كتابة آية من آيات الذكرالحكيم, كتبها الدعاة والأئمة بشكل خاطئ, فما كان من الوزير والوزارة وبعض الدعاة إلا أن ثاروا, وهاجوا وماجوا, بل وبلغ حد الاستكبار بأحدهم أن رد قائلا: وفيها ايه يعني الخطأ في القرآن؟ بينما كان يكفي اعتذار جميل ومختصر من المخطئ, لتنتهي المسألة.
فلماذا لم يعتذر من كان يتوجب عليه الاعتذار, وأخذه الكبر كل مأخذ؟ الإجابة ببساطة: لأن أحدا منا لم يتعود علي هذه الفضيلة الغائبة عنا, ويري الناس في بلادي أن الاعتذار أي اعتذار هو عنوان ضعف, وشيمة من شيم المستضعفين, مع أن العكس هو الصحيح تماما, إذ الاعتذار يزين صاحبه ولا يشينه, ويسمو به في عيون من تم ارتكاب الخطأ بحقهم.
(طبعا بشرط ألا يكون الاعتذار عمالا علي بطال, وإلا أصبح تكئة للخطأ المستدام, والكسل وعدم الاهتمام!). وللذين لايعرفون, فإن للاعتذار عن الخطأ فوائد لاتعد ولا تحصي, ليس أولها أن المعتذر سيدرك خطأه, ومن ثم لايعود لتكراره, فيتجنب بالتالي الخسائر المترتبة علي الخطأ المتتالي. وليس آخرها أن الاعتذار يشيع بين الناس المحبة, لأنك عندما تعتذر لي, فسوف يهدئ ذلك من حدة غضبي, وينزع من النفس الأمارة بالسوء رغبتها في الثأر والانتقام.
والحق, أن تنشئتنا الخاطئة منذ الصغر, علي احتقار الاعتذار والمعتذرين, أدت بنا إلي خراب ما بعده خراب,ليس علي مستوي الأفراد فحسب, بل علي مستوي الأمة بكاملها. ولك أن تتصور مثلا لو أن الاخوان علي سبيل المثال خرجوا للناس بعد03 يونيو, وحاوروهم, واعتذروا لهم عن سوء الأداء, وضعف إدارة البلاد خلال العام الذي حكمونا فيه.. هل كانت أريقت كل هذه الدماء؟
أو تصور مثلا أن مبارك, وقد رأي الناس خرجت تهتف ضده, وضد سياساته, خرج لهم, بدلا من المماطلة والتسويف واللف والدوران, واعتذر, هل كان قد جري لنا ماجري منذ يناير1102 وحتي الآن؟
وانظر إن شئت إلي حكام الغرب, وكيف يخرجون للاعتذار عن سياساتهم الخاطئة, ثم يتركون الحكم والسلطة لغيرهم لعلهم يصلحون ما أفسدوه هم, ألا تري الغرب يتقدم يوما بعد يوم بسبب هذا السلوك, بينما نحن ها هنا منبطحون, وفي وحل التخلف والأكاذيب والأوهام إلي الأذقان غارقون؟
وانظر أيضا إن شئت إلي مسلسلاتهم وأفلامهم, ألا تسمع منهم كثيرا عبارة أنا آسف, يقولها الكبير للصغير, قبل أن يقولها الصغير للكبير؟ إنهم تربوا علي التسامح, وإعمال العقل والمنطق, فأوصلهم ذلك إلي حقيقة أن الاعتذار, والاعتراف بالخطأ, هما أقصر طريق لإصلاح الأخطاء أولا بأول, أما نحن فدائما تأخذنا العزة بالاثم, ونعاند, فيكون العناد أول خطوة للكفر( والعياذ بالله).. ألم يقولوا في الأمثال العند يورث الكفر؟
وعلي المستوي السياسي, دائما ما يري رئيس الحزب, أو رئيس الحكومة, أو حتي رئيس الدولة( بل ورئيس أي حاجة!) انه الوحيد الذي علي حق, فينتشر الخوف بين المرءوسين, ويتفشي النفاق, فلا يشعر الجميع بأن سفينتهم تغرق, إلا بعد أن يكون الماء قد ملأ الحلقوم, ولنا في تاريخنا الحديث والمعاصر ألف دليل ودليل. وللعلم, فإن الاعتذار برهان علي العقل والنضوج وحسن التصرف, بينما الاستكبار دليل علي الجبن وضعف الحيلة والعقل معا. إنك وأنت تعتذر تكون قويا شجاعا, وقادرا علي تحمل مسئولية خطئك, أما المستكبر فإنه يتخفي خلف هذا العناد ليخفي خوفه من المواجهة, ومع تراكم عدم الاعتذار عن الخطأ من الجميع, يتحول المجتمع إلي قطيع من الخطائين الذين لايتوبون, وهذا هو عين الجحيم.
عندنا ياولداه لا الولد يعتذر لأبيه إلا إذا صفعه, ولا البنت تعتذر لأمها إلا إذا صرخت في وجهها, وربما مزقت لها شعرها المنسدل خصلة خصلة, ولا التلميذ يعتذر للمدرس إلا إذا ركله, ولا المواطن يعتذر للشرطي إلا إذا في السقف علقه وهات ياضرب, وتستطيع سيادتك أن تعكس المسألة, فلا الشرطي ولا المدرس ولا الحاكم ولا الأب, ولا الأم ولا الأخ الأكبر يعتذرون, فننزل كلنا علي بعض ضربا بالأكف والأقدام,, وأخيرا بالرصاص الحي!
.. وفضلا عن ذلك, فإن عدم الاعتذار, هو بداية الاستبداد, ونهايته أيضا, كيف؟ عندما لا يعتذر الحكام( وكلكم حاكم في مملكته!) يسود الخوف, وتتسع دائرة الأخطاء, وتظلم عينا الحاكم وضميره, فلا يري إلا نفسه, ويعتقد انه الوحيد الذي يملك الحقيقة المطلقة, وهذه بداية صناعة الحاكم المستبد.. ثم يكون الغضب المكتوم, الذي يتحول في لحظة غير متوقعة إلي صرخة شعبية لاتبقي ولا تذر, فيخرج المقموعون من جحورهم, يمزقون هذا المستبد إربا, وساعتها لن ينفعه صراخه المستغيث: فهمتكم فهمتكم, أو حتي اختباؤه في ماسورة صرف صحي أو في حفرة حقيرة!
فيا حكام العرب, ويا رؤساء أي شيء وكل شيء في حياتنا, اعتذروا لمرءوسيكم, وعلموهم الاعتذار, ولا تراهنوا علي الزمن, فها هي العروش حولكم تنهار, وفضيلة الاعتذار بداية النجاة..
لمزيد من مقالات سمير الشحات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.