مصر دولة زراعية لكن ملف الزراعة تاه وسط الاحداث المتلاحقة...التقارير الرسمية تقول ان الزراعة تراجعت بمعدلات خطيرة مع تفاقم مشكلات الري والديون وارتفاع اسعار مستلزمات الانتاج خاصة الاسمدة. والنتيجة فجوة غذائية تتسع رغم ان الزراعة يمكن ان توفر الاحتياجات الغذائية للمصريين. والسؤال: كيف يمكن تحقيق هذه المعادلة الصعبة في ظل تراجع ميزانيتها وعدم تحقيقها أرباحا كافية للمزارعين ؟! يقول الدكتور سعد نصار مستشار وزير الزراعة الأسبق وعضو مجلس إدارة الهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي ومحافظ الفيوم الأسبق: يعتبر قطاع الزراعة في مصر ركيزة أساسية في الاقتصاد القومي المصري حيث يسهم بحوالي14% من الناتج المحلي الاجمالي وحوالي20% من الصادرات و30% من اجمالي القوة العاملة علاوة علي توفيره للغذاء والمواد الخام اللازمة للصناعة. وفي اطار برنامج الاصلاح والتحرر الاقتصادي أصبح قطاع الزراعة قطاعا خاصا في الأساس ويعمل وفقا لآليات السوق الحر, ويقتصر دور وزارة الزراعه واستصلاح الأراضي وأجهزتها علي البحث والارشاد وتوفير البيانات والدراسات الاقتصادية واعداد التركيب المحصولي واتخاذ القرارات في التسويق والتصدير. وتستهدف استراتيجية التنمية الزراعية الاستخدام الأمثل للموارد الزراعية المتاحه من ارض ومياه وموارد بشرية ورأس مال وتكنولوجيا وادارة وتحقيق معدل نمو زراعي سنوي يصل الي5% وتحقيق درجة اعلي من الأمن الغذائي بمفهومه الواسع أي الاستفادة من المزايا النسبية والتنافسية في مجال المحاصيل التي نتميز فيها وتحقيق حد أدني من الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الغذائية الاستراتيجية مثل القمح وتوفير المواد الخام اللازمة للصناعه الوطنية وتوفير فرص عمل منتجة في القطاع الزراعي. ويمتلك قطاع الزراعة والكلام لازال للدكتور سعد نصار: العديد من الامكانات والمقومات الأرضية والمائية والبشرية والتكنولوجية مما يساعده في تحقيق أهدافه, لكن في نفس الوقت يواجه هذا القطاع تحديات كثيرة محلية واقليمية ودولية منها ندرة المياه والتصحر واتساع المناطق الجافة والاراضي القاحله وضعف الاستثمارات الزراعية والانتاجية وارتفاع معدل زيادة السكان والفجوة العذائية والامراض النباتية والحيوانية واستخدام الغذاء في الوقود بالاضافة للتغيرات المناخية. كل هذه التحديات تفرض علينا التفكير في حلول مستدامه تساعد علي التكيف مع هذه الظواهر وحل مشكلة الغذاء من خلال التكامل العربي وليس علي المستوي القطري, وهناك حلول اخري داخل مصر يمكن تطبيقها مثل زيادة رقعة الارض الزراعية من خلال التوسع الأفقي باستصلاح وزراعة أراضي جديدة والتوسع الرأسي بزيادة انتاجية الوحدة من الأرض والمياه, وفي هذا الاطار فالدولة تستهدف استصلاح واستزراع51 مليون فدان جديدة في الفترة من2013 حتي2017 الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية أعدت خريطة بالمساحات القابله للاستصلاح والاستزراع لطرحها علي مستثمرين وصغار الزراعيين والخريجيين أو الجمعيات التعاونية او الشركات المساهمه مع تحديد مصادر المياه واسلوب التصرف سواء بيع او حق انتفاع وطرق التسعير سواء بمزاد او تحديد السعر من جانب اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة ومسئولية الهيئة والمستثمرين في اقامة البنية الاساسية اللازمة لتلك الاراضي. ولأن السؤال الذي سيطرح هو مشكلة المياه ويرد الدكتور سعد: هناك سياسات وخطط بين وزارة الزراعة والموارد المائية والري لترشيد استخدام المياه في الاراضي القديمه في الدلتا حتي يمكن الاستفادة منها في الاراضي الجديدة وهناك مشروعات يجري تنفيذها علي مراحل وبتمويل من البنك الدولي وبنك التنمية الافريقي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية( الايفاد) تستهدف توفير10 مليارات متر مكعب مياه سنويا من خلال ترشيد مياه الري في اراضي الدلتا. أما التوسع الرأسي فهذا دور مركز البحوث الزراعية ومعاهده ومعامله ومحطاته في استنباط اصناف نباتية جديدة عالية الجودة وأقل احتياجا للماء ومقاومة للظروف الجوية من حرارة وجفاف وملوحه وحشرات مع اتباع المعاملات الزراعية الجيدة( تقاوي محسنه- ري مطور تسميد متوازن مكافحة متكاملة- معاملات مابعد الحصاد). ويري الدكتور سعد نصار انه لايمكن فصل الزراعه عن تنمية الثروة الحيوانية والداجنه والسمكية لتحقيق أمن غذائي متكامل. منظومة تطوير الزراعه تستلزم ايضا تشجيع الفلاح علي تحقيق التراكيب المحصولية وتبني سياسات سعرية ملائمه ويتطرق هذا للاهتمام ببرامج التصنيع الزراعي والتوسع فيها للتقليل من الفاقد في الحاصلات وضمان تواجد السلعه طوال العام وثبات السعر وزيادة الصادرات من المحاصيل التي تتمتع فيها مصر بميزة نسبية مثل القطن والارز والخضر والفاكهه والزهور وقد بلغت قيمة صادراتنا الزراعية العام الماضي20 مليار جنيه نستهدف رفعها بنسبة20% من خلال النفاذ الي الاسواق وفق الاتفاقيات الدولية والاقليمية والعربية مع مصر. ونتمني زيادة حصة قطاع الزراعه في الاستثمارات الحكومية وذلك جنبا الي جنب مع تشجيع القطاع الخاص المصري والعربي والاجنبي الميزانية تقلصت يقول محمد عبدالقادر نقيب الفلاحين: بالفعل ميزانية الزراعه تقلصت أكثر من الربع في الفترة الاخيرة وهو أحد اسباب تراجع هذا القطاع بالاضافة لعوامل اخري منها التعاونيات في عهد الرئيس المعزول مرسي كانت وراء تسرب نسبة كبيرة من الاسمدة المخصصه للفلاحين للسوق السوداء مما أدي لبيع الشيكارة بمبلغ160 جنيها وهي مدعمه لكن حرم منها الفلاح واضطر لشرائها بهذا السعر من السوق السوداء في غياب الرقابة ولذلك ارجو ان يشكل وزير الزراعه لجنه تكون مهمتها الاشراف علي توزيع الاسمدة علي الفلاحين. ثانيا بيع الاراضي الصحراوية بالمزاد العلني جعل رجال الأعمال هم من يشترونها ليتم تسقيعها والتربح منها فيما بعد ولذلك اتمني بيع الاراضي لصغار الفلاحين والخريجيين منعا لسيطرة المال علي القطاع الزراعي خاصة ان هؤلاء البسطاء هم من يزرعون الحاصلات التي يحتاجها المواطن في غذائه لكن المستثمر يستفيد من الارض لتحقيق مكاسب شخصيه له علي حساب الصالح العام, وفي اطار هذه النقطه اعتب علي بنك التنمية والائتمان الزراعي الذي من المفترض ان يكون مساندا للفلاح هو في الواقع يتهرب من دوره الداعم ويلعب دور المستثمر علي الفلاح وعدم قيامه بدور التسويق للحاصلات الزراعية ادي لدخول الفلاح في دوامة الديون مع البنك وأصبح مهددا بالسجن بل وقرار اسقاط ديون صغار الفلاحين عشرة آلاف جنيه فأقل تم التلاعب فيه وهذا شيء محزن في حق قطاع كبير في المجتمع المصري ظل ينتج في ارضه ولم يشارك في اضرابات ولا اعتصامات وهذا القطاع من الفلاحين يشكل40% من المجتمع المصري ولم يأخذ حقه حتي الآن. ويطالب نقيب الفلاحين بتشكيل مجلس أعلي للفلاح وان تهتم الدوله به كما يحدث في دول العالم وتدعمه بمستلزمات الانتاج والرعاية الصحية وللاسف نحن نستورد تقاوي ومستلزمات انتاج من الخارج بمبلغ22 مليار جنيه سنويا فما هو دور مركز البحوث الزراعية هنا ولماذا لاننتج هذه التقاوي حتي لا نستوردها, وايضا اين الدور التأهيلي للفلاح الذي يجب ان تقوم به وزارة الزراعه لتدربه علي الزراعه الحديثه ونظم الري الموفره للمياه وطرق الحصاد حيث يضيع اكثر من20% فاقد في الارض او تالف لابد من تصحيح هذا الوضع للاستفادة من كل قطرة مياه وكل حبه في الارض. هذا يتطلب تكاتف دور العلم ممثله في مراكز البحوث بالتعاون مع الحكومة وتوفير التقاوي الجيدة والمبيدات التي للأسف تنتج الآن دون رقابة وكنت أتمني والكلام لازال لنقيب الفلاحين ان المليارات التي تنفق علي التأمين الصحي والعلاج علي نفقة الدولة ان توجه التوجيه الصحيح لانتاج تقاوي ومبيدات وزراعه جيدة سليمه ومعالجة مياه نهر النيل وبذلك ننقذ الشعب من الامراض التي تصيبه من مأكله ومشربه بل وننقذ الارض الزراعية نفسها, أتمني ان نجعل من الزراعه مشروع مصر القومي في هذه المرحله لكي نكون سلة غذاء العالم والفرصه مواتيه في ظل تغير المناخ في أوروبا والذي سوق يؤثر بالسلب علي الزراعه هناك, آن الآوان ان نحقق أمننا الغذائي في الفترة القادمة. دورنا كنقابة فلاحين نقدم لوزارة الزراعه البرامج الخاصه باستصلاح الاراضي والعمل علي توفير مستلزمات الانتاج للفلاح ونطالب بالعودة لنظام الدورة الزراعية التي كانت مطبقه زمان لكي يزرع الفلاح ما يحتاجه المجتمع ونطالب ايضا بعمل تعاقدات مع الفلاح. بالتأكيد تراجع دور الارشاد الزراعي ساهم هو الاخر في تراجع قطاع الزراعة, هذا ما يؤكده فريد عبدالشافي رئيس الادارة المركزية للتعاون الزراعي سابقا: الارشاد الزراعي دوره تقلص رغم أهميته بل أستطيع القول ان وزارة الزراعه من المفترض انها كلها ارشاد زراعي وزارة خدمات دورها توعية الفلاح وتوصيل البحوث التي تجري في المراكز البحثيه للمزارع من أجل تحقيق التنمية وهذا هو أهم دور للارشاد, انه حلقة وصل بين موقع الانتاج ومراكز البحوث. يستكمل فريد عبدالشافي كلامه قائلا: هناك جانب في المنظومة مرتبط بالارشاد خاص بامكانيات المراكز البحثية وميزانيتها التي تقلصت هي الاخري د. باختصار هناك مجموعة مشاكل في الزراعه مرتبطه ببعضها وتؤثر علي بعضها ولا يمكن فصلها عن بعض. يري الدكتور محمود العميري المستشار بمركز البحوث الزراعية والمدير الاسبق لمعهد البحوث الحقلية ان جهاز الارشاد الزراعي ترهل بالفعل واصبح يفتقد لوجود كفاءات نتيجة عدم الاهتمام ببناء كوادر والموجود غير كفء والحل باختصار ان تتخلي وزارة الزراعه عن هذا الدور وتعطيه للقطاع الخاص لانه المستفيد من هذا القطاع. اذا ارادت وزارة الزراعه ان تبدأ من الآن بعلاج قطاع الارشاد وتوفير تمويل له وبناء كوادر سوف تحتاج الي عشرسنوات لجني النتائج لكن هناك قطاع خاص متمثل في شركات تأخذ نتائج البحوث وتنتج التقاوي والاسمده والمبيدات وكافة المستلزمات الزراعية وتستفيد من تكنولوجيا الاصناف والمعاملات الزراعية وطالما انها هي المستفيدة اذن يجب ان تدفع الثمن وان يساهم هذا القطاع الخاص في ان يحل محل الحكومة في دور الارشاد الزراعي ولا نترك الفلاح وحده او الدوله. ودور القطاع الخاص في هذا المجال ليس جديدا بل نراه في الخارج لان مشاكل التمويل موجوده في مصر ودول اخري والسماح للقطاع الخاص باداء ادوار خاصة وهو المستفيد سواء داخل مصر او بالتصدير للخارج يعني ان الحكومة تدعمه وليس العكس وعلي هذا القطاع ان يكون الكوادر الارشادية وينظم البرامج التي تنهض بدور الارشاد الزراعي من جديد.