وسط أجواء مشحونة بالتوتر..وفي خضم جدل سياسي ساخن في الكونجرس الأمريكي قد يحدد مصير ملايين السوريين, فإذا بالصحافة تضبط السيناتور الجمهور البارز جون ماكين يمضي وقته في لعب البوكر علي تليفونه المحمول في انتظار النطق بقرار الحرب الحاسم... لم يكن لعب ماكين للبوكر خلال جلسة مجلس الشيوخ فضيحة بقدر ماعكست جانبا مهما من شخصيته, فها هو السياسي المقامر بعد رهانه الخاسر علي الإخوان المسلمين في مصر يعيد الكرة مرة أخري بالحشد من أجل القصف الأمريكي لسوريا والإطاحة بالرئيس بشار الأسد ونظامه, دون الالتفات لما ستخلفه مثل هذه الخطوة من دمار ودماء. الحقيقة أن المتابع الجيد لمواقف سيناتور أريزونا لم يفاجئه تصرفه, فماكين العاشق للبوكر والمقامرة علي استعداد دائم للدفع ببلاده في أي صراع سياسي كي تلجأ للخيار العسكري دون دراسة عواقب ذلك جيدا سواء بالنسبة للولايات المتحدة أو للشعوب التي يعبث بمقدراتها. وخلال العقدين الماضيين-وحدهما- طالب بتغيير النظام والتدخل العسكري فيما يزيد علي13 دولة حول العالم بدءا من كوريا الشمالية وإيران وحتي كوسوفو وجورجيا,مرورا بالعراق والسودان. حتي أنه قبل نشر الصورة المزعومة, بعث برسالة واضحة إلي الكونجرس مفادها أن أي طرح للتعامل مع الأزمة السورية لا يشمل الموافقة علي شن هجوم جوي موسع, يعد مرفوضا لدي التعامل مع الصراع في الشرق الأوسط. ورفض تمرير مسودة قرار الحرب علي سوريا من لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ دون جعلها تتضمن عبارة ضرورة إرسال مؤن لدعم المعارضة السورية و الحرب تهدف إلي تغيير الديناميكية علي أرض المعركة. للأسف, ينظر ماكين دائما لكل معركة سياسية من حوله علي أنها مبارة بوكر تستحق المغامرة بكل شيء وأي شيء من أجل إحراز الانتصار المنشود في النهاية. وبالتالي فهو لا يعنيه الدفع ببلاده لخوض غمار معركة جديدة في الشرق الأوسط ورغم درس العراق القاسي,ورغم التقارير التي تحذرمن سيطرة الجماعات السنية المتطرفة ولا سيما القاعدة علي عناصر الجيش الحر في سوريا في مواجهة نظام بشار الأسد الشيعي ومن ورائه إيران وحزب الله, من أجل تعزيز مزمع لهيبة الولاياتالمتحدة ومصداقيتها عبر العالم وحماية أمنها القومي التي يري ماكين في كيماوي الأسد تهديدا له. في الوقت ذاته, مازال شبح هزيمة ماكين في معركته الرئاسية أمام الرئيس باراك أوباما عام2008 يطارده, ومن الواضح أنه يعجز عن التخلص منه.فهو ينتهز أي فرصة لتوجيه لكمة لأوباما وفريقه الرئاسي ولا سيما في مجال السياسة الخارجية التي يعد هو عضوا بارزا في لجنتها بمجلس الشيوخ علي نحو يسبب حرجا دوليا للإدارة الأمريكية في كثير من الأحيان. ولا أدل علي ذلك من موقف ماكين من الأحداث في مصر, ووصفه بعد زيارته القاهرة ما جري في30 يونيو بالانقلاب العسكري, مما دفع الخارجية الأمريكية إلي إصدار بيان سريع ينأي بواشنطن عن تصريحات ماكين, ويؤكد أن ما جاء علي لسانه يعبرعن رأيه الشخصي.