يعترف الخبير الإستراتيجي الإسرائيلي أرنون شوفير في كتابه (صراعات المياه في الشرق الأوسط) بوجود مصالح حيوية ومخططات اسرائيلية في منطقة حوض النيل ويكشف الكتاب عن أن إسرائيل يهمها زيادة حصة أثيوبيا من مياه النيل, لأن هذا الأمر يعني من وجهة النظر الإسرائيلية إعادة تقسيم حصص دول الحوض في مياه النيل بشكل عادل, مما يعد اعترافا صريحا منه بأن لبلاده أصابع خفية في دفع دول المنبع إلي توقيع اتفاقية عنتيبي منفردة لإعادة توزيع مياه النيل, واعترف شوفير بأن لإسرائيل مصلحة في حدوث أزمة مياه في مصر, لأن ذلك سيدفعها إلي الانشغال في صراعات بهذا الشأن مع جيرانها في منطقة حوض النيل, الأمر الذي سيضعف مصرويقلل من اهتمامها بشئون وقضايا العالم العربي وهو ما تريده إسرائيل بالضبط. ولقد تعددت الخطط الاسرائيلية للاستفادة من نهر النيل منذ مؤتمر بال في سويسرا عام 1897 مرورا بالسبعينات وحتي الآن. ونظرا للرفض المصري بدا للإسرائيليين أن خططهم الرامية للإفادة من مياه النيل عبر مصربعيدة المنال. لكن اسرائيل لم تيأس وبدأت تنفيذ أجندتها في دول حوض النيل تحت شعار المياه البديلة من خلال واجهات متعددة منها 20 من أكبر الشركات مثل تلراد, جيلان ونطافيم و(الدا) التي تختص ببيع الآلات الزراعية ومعدات الري والبذور وتربية الدواجن والمبيدات ومستحضرات الطب البيطري, وشركة (آسيا) للمواد الكيماوية والصيدلانية التي تقوم بتصنيع الادوية والمضادات الحيوية والمبيدات والمواد الزراعية وأسست الشركة مصنعا للمواد الطبية في أثيوبيا, وشركة (تاجي) التي يمتلك كبار الاحباش الذين كانت تربطهم صلات قربي مع الامبراطور هيلاسلاسي جزءا من أسهمها بينما الغالبية لرأس المال لاسرائيل, وتقوم بمشروعات زراعية علي مساحة 20 الف هكتار تعتمد علي سحب المياه من بحيرة فكتوريا للتأثيرعلي منابع النيل, وشركة أنكور وتمتلك 50 ألف هكتار من الاراضي الزراعية حيث أقامت فيها عدة مزارع للقطن والحبوب وتربية الماشية وتروي من نهر فارس علي الحدود السودانية وتمتلك 30 ألف هكتار في منطقة ريمنت لزراعة الخضراوات والمحاصيل, بالاضافة إلي شركة ميكرون التي تقوم بتطوير مصادر المياه وساهمت في بناء خزانات بحيرة تانا, كما تقوم إسرائيل ببناء عدد من السدود علي النيل الأزرق في إثيوبيا. ويعد مركز التعاون الدولي في وزارة الخارجية الماشاف الجهاز المسئول عن تصميم وتنفيذ سياسات التعاون مع دول إفريقيا ومنها إثيوبيا, ولعل أبرز الأنشطة التي يعمل فيها الماشاف إقامة المزارع وتأسيس غرفة للتجارة الأفريقية الإسرائيلية, وتقديم الدعم في مجالات الزراعة والصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية, من خلال التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية والسفارات الأجنبية, وبصفة خاصة هيئة المعونة الأمريكية كما في حالة تأسيس مركزبوتاجيرا لزراعات البساتين المتميزة بإثيوبيا, والمتخصص في تكاثر الفواكه والخضراوات الاستوائية, بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يو إس إيد, والوكالة الإسرائيلية لتنمية التعاون الدولي ماشاف, وحاليا ينفذ المستثمرون الاسرائيليون 240 مشروعا في أثيوبيا تتركز في زراعات المحاصيل والبساتين و تدشين العديد من المشروعات الإنمائية المتعلقة بالمياه والري واستصلاح الأراضي في دول منابع النيل الأخري وقد أسندت الحكومة الإثيوبية لشركة إسرائيلية مهمة إدارة وتوزيع ونقل الكهرباء في إثيوبيا, ومنها الكهرباء المنتجة من سد النهضة الجاري تنفيذ مرحلته الأولي الآن, وستتحكم هذه الشركة في كميات المياه المسموح بتدفقها إلي كل من مصر والسودان, علاوة علي كميات المياه المخزنة في بحيرة السد هناك بما سيؤثر بشكل سلبي كبير علي حصة مصر من مياه النيل الواردة من المنابع الإثيوبية.