جهود مبذولة, وترتيبات ملموسة, ومشاورات محسوبة, ومباحثات مدروسة, وتجهيزات دقيقة وإعداد مسبق, وتنسيق وتعاون مشترك, نجحت خلالها قيادة إقليم كردستان في تذليل جميع المشكلات والعقبات أمام انعقاد المؤتمر القومي الكردي الأول في الثالث والعشرين من الشهر الحالي في مدينة أربيل العراقية. وتمكنت رئاسة الإقليم من إقناع جميع الأحزاب والقوي السياسية في أجزاء كردستان الأربعة بقبول المقاعد المخصصة لها, بعد أن أثار تقسيمها خلافات عديدة بين الأحزاب الكردية في إقليم كردستان العراق وكردستان إيران.. وكان مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان قد ترأس مؤخرا اجتماعا موسعا بحضور39 حزبا سياسيا تمثل أجزاء كردستان الأربعة العراق, تركيا, إيران, سوريا للتحضير للمؤتمر وشارك في الاجتماع ممثلون عن أهم الأحزاب الفاعلة علي الأرض ومنها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني, والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال السياسة ورجال الدين طالباني, وحركة التغيير والأحزاب الإسلامية في الإقليم, إضافة إلي حزب العمال الكردستاني الذي أوفد ثلاثة من أعضاء قيادته, وحزب الإتحاد الديمقراطي الكردي السوري, وحزب بيجاك الجناح الإيراني لحزب العمال الكردستاني, والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وغيرها من الأحزاب.. تحدث بارزاني باسمه واسم كل من عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني التركي المسجون حاليا في تركيا, وكذلك الرئيس طالباني الذي يعالج الآن في ألمانيا مؤكدا أن الهدف الرئيسي للمؤتمر هو أن تتواصل كل الأطراف السياسية الكردستانية إلي خطاب واستراتيجية مشتركة مبنية علي أساس إيصال رسالة السلام والتعايش والمحبة إلي شعوب المنطقة وقال: إننا لا نعادي أي شعب أو دولة مجاورة أو دول المنطقة بل نريد أن ننهي العداوة إلي الأبد, ونتوصل إلي اتفاق كامل وحل سلمي وعادل في القضية الكردية,: وأضاف قائلا أننا نعتقد أن الأمة الكردية وثروات وموارد كردستان باستطاعتها المساهمة بشكل كبير في تطور المنطقة ورفع المستوي المعيشي للشعوب: يود الكرد أن يكونوا عامل استقرار وعامل تقوية للديمقراطية في المنطقة وكل هذه المهمات بحاجة إلي السلام وليست بحاجة إلي السلاح.. وصرحت مصادر مطلعة للأهرام أن رئاسة إقليم كردستان شكلت لجنة تحضيرية من21 عضوا يمثلون مختلف القوي والأحزاب الكردية, وأن هذه اللجنة تعمل من أجل تسمية أكثر من600 شخصية ستشارك في المؤتمر, وأضافت المصادر أن المؤتمر هو أول مؤتمر قومي, ولذلك فإن الدعوة ستوجه أيضا إلي شخصيات خارج أجزاء كردستان الأربعة مثل أكراد روسيا وجورجيا وقرغيرستان ولبنان والأردن وغيرها من الدول التي يوجد فيها الأكراد.. وحول المحاور التي سيبحثها المؤتمر أكدت المصادر أن جميع القضايا التي تهم الشعب الكردي سيتم بحثها علي مدي ثلاثة أيام من المؤتمر, ولكن طبعا هناك أوليات لتلك القضايا مثل عملية السلام الجارية في تركيا, التي سيبدي المؤتمر دعمه لها, والحدث الأهم الذي سيركز عليه المؤتمر هو التطورات الأخيرة الجارية في كردستان سوريا حيث إن القتال الدائر والظروف الصعبة التي يعيشها الشعب هناك تفرض علي المؤتمر حلولا عاجلة للوضع هناك, خصوصا أن التهديدات هناك جدية وتنذر بعواقب وخيمة علي مجمل الأوضاع الكردية في المنطقة.. إلي ذلك علمت الأهرام أن تركيا اشترطت أن يتولي رئيس إ قليم كردستان رئاسة المؤتمر القومي الكردي لكي تتمكن من تقديم دعمها له ومن دون ذلك فإن تركيا لن تقبل بعقد المؤتمر الذي يتوقع أن يوحد الجهد والخطاب الكردي في المرحلة المقبلة, وفي هذا السياق هناك شبه اجماع علي هذا الطرح بقبول بارزاني رئاسة المؤتمر لكن البعض يري أن تكون الرئاسة دورية, وليست دائمة ويؤكدون أن هذا نظام موجود ومتبع في كل دول العالم, واليوم وحتي قيادات الأحزاب بصورة دورية وبصبغة المشاركة للحيلولة دون تفرد أحد بالقرار السياسي.. وحول الضغوط الإيرانية لإفشال المؤتمر أكدت مصادر مطلعة أن إيران ستبذل كامل جهودها لعرقلة عقد هذا المؤتمر وهي حاولت منذ البداية أن تستحوذ علي المقاليد فيه وفرض أجندتها ولكنها لم تنجح ثم حاولت بث الفرقة بين الأطراف المشاركة وتأجيج الخلافات بينها, ولكنها فشلت أيضا حيث تم احتواء مشكلة مشاركة حزب بيجاك وأعيد المقعد المخصص له وأضافت المصادر قائلة: إذا كانت الأطراف الكردية برمتها متفقة علي توحيد الجهد فلا أحد يستطيع أن يفرقهم.. إلي ذلك فقد أكد الملا ياسين رءوف مسئول مكتب الإتحاد الوطني الكردستاني بالقاهرة أهمية انعقاد هذا المؤتمر وقال: إنه لا يعقل أن يكون هناك40 مليون كردي يعيشون في هذه المنطقة, وليست لهم خيمة جامعة يستظلون بها أو مرجعية سياسية توحد قرارها السياسي في الظروف الراهنة, وأضاف: كان حلما بالنسبة لنا ويجب أن يعمل الجميع علي انجاح هذا المؤتمر لوضع استراتيجية كردية موحدة للتعامل مع أحداث المنطقة المتسارعة, وخاصة أن الكرد أصبحوا عاملا مهملا لتوازنات المنطقة مما ينبغي أن نوحد صفوفهم للحصول علي المزيد من حقوقهم المشروعة عبر الممارسات والأساليب المدنية والحضارية والديمقراطية واختتم الملا ياسين رءوف حديثه بأن نجاح المؤتمر هو هدف قومي للجميع.