رئيس شعبة الدواجن: سعر الكيلو في المزرعة بلغ 57 جنيهاً    الولايات المتحدة تدين هجوما استهدف حقل غاز كورمور في السليمانية بالعراق    لحظة مقتل شابين فلسطينيين على يد جنود الاحتلال في الضفة رغم استسلامهما (فيديو)    هل تتم الإطاحة بحسام حسن من تدريب المنتخب، هاني أبو ريدة يحسمها ويلمح إلى حالة واحدة    طولان: ثقتي كبيرة في اللاعبين خلال كأس العرب.. والجماهير سيكون لها دورا مع منتخبنا    هاني أبو ريدة: لا توجد علاقة بين جهاز حسام حسن وطولان.. ولن أعيد تجربة هؤلاء المدربون    الدوري الأوروبي - أستون فيلا يقتحم منطقة الصدارة.. والمغربي يقود روما للفوز    أبو ريدة: المغرب منافسنا الأول في أمم إفريقيا.. ونعمل على تنفيذ منظومة أكثر عدالة في اكتشاف اللاعبين    اليوم، ختام مسابقة كاريكاتونس بالفيوم وإعلان أسماء الفائزين    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    مادورو: مناورات عسكرية شاملة في فنزويلا.. والتهديدات الموجهة لنا بلا أساس    الهجرة الأمريكية تراجع البطاقات الخضراء ل19 دولة مثيرة للقلق    رد المستشار الألماني على الخارجية الأمريكية بشأن الهجرة    شعبة الدواجن تحذر: انخفاض الأسعار قد يؤدي لأزمة في الشتاء القادم    بين الإبهار الصيني والمشهد الساخر الإيراني... إلى أين تتجه صناعة الروبوتات مؤخرًا؟    رام الله.. إسرائيل تفرج عن طفل أمريكي بعد 9 أشهر من اعتقاله    باختصار..أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ذعر فى شوارع إسرائيل بعد بث شاشات محطات حافلات صوت أبو عبيدة.. بابا الفاتيكان يحذّر من حرب عالمية ثالثة.. وماكرون يفتح باب التجنيد الطوعى للشباب    أبو ريدة: ما يتعرض له رمضان صبحي «حاجة تحزن»    مرشح لرئاسة برشلونة يوضح موقفه من صفقة ضم هاري كيم    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    غلق كلي لشارع الأهرام 3 أشهر لإنشاء محطة مترو المطبعة ضمن الخط الرابع    متحدث مجلس الوزراء: مدارس التكنولوجيا التطبيقية تركز على القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية    السنغال تؤكد استقبال الرئيس المنتهية ولايته لغينيا بيساو بعد أيام من الاضطرابات    شعبة السيارات: نقل المعارض خارج الكتل السكنية يهدد الصناعة ويرفع الأسعار مجددًا    وصول هالة صدقى للمشاركة فى مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى    وزير الثقافة والمحافظ يشهدان ختام الدورة ال18 من ملتقى الأقصر الدولي للتصوير    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    أسباب البرود العاطفي عند الزوجة وكيفية علاجه بحلول واقعية    فضائل يوم الجمعة.. أعمال بسيطة تفتح أبواب المغفرة والبركة    أخبار 24 ساعة.. رئيس الوزراء: لا انتشار لفيروس غامض والمتواجد حاليا تطور للأنفلونزا    أخبار كفر الشيخ اليوم.. ضبط 10 آلاف لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء    مديرة مدرسة تتهم والدة طالب بالاعتداء عليها فى مدينة 6 أكتوبر    وزارة الصحة توجه تحذير من حقننة البرد السحرية    الموسم الثاني من بودكاست كلام في الثقافة.. على شاشة الوثائقية قريبًا    جامعة أسيوط تعزز الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب عبر اجتماع وحدة الأبحاث    هل مصافحة المرأة حرام؟ أمين الفتوى يجيب    قومي حقوق الإنسان يستقبل الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي لبحث آفاق التعاون المستقبلي    قفلوا عليها.. سقوط طفلة من الطابق الثاني في مدرسه بالمحلة    هل الصلاة في مساجد تضم أضرحة جائزة أم لا؟ أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الخشوع جوهر الصلاة وروحها ويُحذر من هذه الأمور(فيديو)    الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    بعد ترشيح معزوفة اليوم السابع لجائزة الشيخ زايد.. جلال برجس ل الشروق: سعيد بالتواجد وسط كتاب مبدعين    هيئة الرعاية الصحية تمنح الدكتور محمد نشأت جائزة التميز الإداري خلال ملتقاها السنوي    بالأسماء.. إصابة 7 طلاب فى حادث تصادم سيارتين بأسوان    مدبولي: نتابع يوميًا تداعيات زيادة منسوب المياه    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 4 عناصر جنائية لغسل 170 مليون جنيه من تجارة المخدرات    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    غلق 32 منشأة طبية خاصة وإنذار 28 أخرى خلال حملات مكثفة بالبحيرة    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد الأخلاق: الحكاية.. حكاية شعب!
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 07 - 2013

أوضحت في مقالي الأسبق الفرق الجوهري بين المؤامرة ونظريتها, فالمؤامرة حقيقة موجودة, مادامت المصالح موجودة, بينما النظرية مرض اجتماعي يأخذ من مؤامرة هنا أو هناك ذريعة لتبرير الفشل في ردع المؤامرة بالمؤامرة, التي تتطلب الكثير والكثير من الفن واللعب والهندسة.
دور المؤامرة في حراسة الامتيازات والمصالح قد يكون أمرا مفروغا منه, بينما القدرة علي استخدامها أمر مشكوك به, فليس الأمر هينا, خاصة في العصر الحديث, الذي باتت فيه المؤامرة تحاك جهارا, ولم تعد السرية حصنا وحيدا أو كاملا, فالمؤامرة تستخدم أدوات علمية وثقافية متعددة, فتحتاج إلي هندسة الأدوات المتاحة لتحقيق الأهداف المحددة بإتقان, وتحتاج إلي فن لإقناع الأطراف الصديقة والمعادية, بمشروعية وأحقية وربما أخلاقية هذه الأهداف, وأيضا تحتاج إلي اللعب أحيانا, باستخدام المزاج النفسي العام للدفع في اتجاهات معينة, تحقق هذه الأهداف, فلا تمانع ضخ شعارات رنانة, وألفاظ جزلة, وحوادث تاريخية, وشخصيات كاريزمية دينية وفنية, وغير ذلك من أدوات اللعب علي المزاج النفسي للشعوب, وهي تتطلب دراسات في علم النفس الاجتماعي, والتاريخ, والمعتقدات, حتي تحقق هدفها, وليست لعبا علي غرار الاجتماع الشهير لنخبة الغبرة التي اجتمعت علي الهواء لحل مشكلة سد النهضة في منابع نهر النيل, الذي كان لعب في لعب, ولكن كلهو الأطفال عندما يتمكنوا من سدة الحكم, فأي لعب أسود هذا..؟!
رغم التسليم بوجود المؤامرات, فإن ذلك لا يصلح لتفسير الظواهر الاجتماعية الكبري, من ثورات أو تحولات تاريخية, فتلك الظواهر المهمة تنتج عن آلاف التغييرات الاجتماعية الصغري( الميكرسيولوجي), التي تدفع بالأحداث إلي تغير اجتماعي كبير في البناء الأساسي للمجتمع, فلا مؤامرة محكمة, ولا شخصية كاريزمية عظيمة, قادرة علي إحداث تغيير اجتماعي أساسي, دون آلاف التغييرات الحقيقية, التي تفاعلت في النسق الاجتماعي كله, فالحكاية ليست حكاية مؤامرة أو شخصية, ولكنها حكاية شعب, أراد التغيير, فتصبح الشخصية أو الحدث عنوان لهذه الإرادة ليس إلا, فما الحكاية حكاية شعب أولا وأخيرا.
العقل الأيديولوجي المقفل علي مبادئ وأفكار مصمتة, لا تقبل الانفتاح, والأخذ والرد, ولا تصمد أمام الحوار, ويرتاح لتفسير الظواهر الاجتماعية, مهما كبرت, إلي مؤامرات علي الأيديولوجية المثلي, التي تحتل عقولهم, فلا توجد لديهم لا قدرة ولا رغبة لرؤية الوجه الآخر للعملة.
من أشهر المؤامرات المختلفة في العصر الحديث, إرجاع انهيار الخلافة الإسلامية في الدولة العثمانية بتركيا, إلي مؤامرة صهيونية يهودية, بقيادة زعيم الثورة الثقافية بتركيا كمال أتاتورك, الذي نسبوه إلي يهود الدونمة الغامضين.
يعود يهود الدونمه إلي ساباتاي زفي اليهودي, الذي ادعي النبوة في القرن ال71 بتركيا, وهو أول يهودي بشر بعودة اليهود إلي أرض فلسطين, وتبنت الحركة الصهيونية ذلك فيما بعد, فادعي زفي أنه المسيح, فكون حركة دينية اجتماعية ما هي إلا تعبير اجتماعي عن أزمة اليهود المضطهدين في العالم, وانتهت بالحركة الصهيونية, وزفي شخصية تتمتع بالذكاء وحب القراءة, وأصبح حاخاما متميزا, يجيد حلو الكلام, والاستشهاد بالتوراة والتلمود, مثله مثل شيوخ الناتو ممن ابتلينا بهم الآن, فاستطاع أن يسيطر علي العقول المضطهدة التي تسعي للهروب من الزمان والمكان, إلي مجتمع مثالي متخيل علي أرض فلسطين.
ضاق الحاخامات التقليديون من إدعاءات زفي, بأنه المسيح المنتظر, والتفاف الحاخامات من مذهب( القبالة) في التصوف اليهودي حوله, فشكوه إلي السلطان العثماني الذي شكل لجنة لمحاكمته بعد انتشار الفتن بسببه, فخيره السلطان( محمد الرابع) إما أن يثبت دعواه أو يقتل, فأنكر إدعاءه لأنه المسيح, وأعلن رغبته في دخول الإسلام, فأنقذ نفسه من الموت, وأقنع مريديه أنه صعد للسماء بأمر( ياهوه), وأصبح مسيحا, لكن تحت جبة وعمامة. كالنبي( موسي) الذي اضطر أن يعيش في قصور الفراعنة.
عاش يهود الدونمة( المنافق) منغلقين علي أنفسهم, ثم اندمجوا وتفرقوا في المجتمع التركي, ولكن بقيت قصتهم الطريفة اتهاما جاهزا, لكل الإصلاحيين التحديثيين بتركيا, بأن أهدافهم مشكوك في صدقها, وأنهم يقودون مؤامرة, واتهم بها أتاتورك, الملقب ب أبو الأتراك للانتصارات العسكرية وتاريخه المشرف في الدفاع عن الخلافة العثمانية, ثم قيادته للبلاد في ظروف حرجة دقيقة, بعد حروب راح ضحيتها أكثر من مليون تركي بسبب الخلافة, وعبر أتاتورك عن تيار اجتماعي لاستبدال المرجعية القومية بالدينية, ورغبة شعبية للخروج من مأزق التخلف والهزائم, فكان عنوانا للخلاص الشعبي, وليس متآمرا علي الخلافة, بينما كان التآمر الحقيقي قد جاء من الشعوب الإسلامية التابعة لها, فقاتلت ضدها في الحرب العالمية الأولي.
تفسير تحول تاريخي بهذا الحجم من الصعب تبريره بمؤامرة لفرد يهودي متنكر, ولكنه ليس صعبا علي العقول الأيديولوجية الجامدة, التي تتهم أتاتورك الذي خانه العرب, بينما تتغافل وترتمي في أحضان أردوغان, الذي يعطينا شعارات, وكلام, ومواعظ لم يطبقها عنده, وميدان تقسيم خير شاهد, ويدعي دفاعه عن الإسلام, ويقدم دماء المسلمين قرابين للدول الكبري حتي ترضي عنه.
نحمد الله أن بمصر رجال استطاعوا تفسير الحكاية للشعب, فتخطوا فخاخ المؤامرات, ولم يقعوا ضحية نظرية المؤامرة, أو يستسلموا لها, فأخمدوا فتنة52 يناير بأدواتها الأثارية, وأشعلوا ثورة شعبية بكل معاني الكلمة في03 يونيو.
لمزيد من مقالات وفاء محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.